في مناطق الاحتلال .. معيشة الناس تتأزم

تنفيذا لأجندات ماثيو تولر.. حكومة هادي تستمر في إغراق السوق بالأوراق النقدية الجديدة

 

 

“مراقبون” يحذرون من إغراق السوق بالأموال غير القانونية
سخط شعبي عارم في المحافظات الجنوبية جراء التدهور الحاد للريال وارتفاع أسعار السلع الغذائية والاستهلاكية
تدهور أربك السوق المصرفي في عدن ودفع تجار المواد الغذائية والأساسية لإغلاق محلاتهم أمام المستهلكين
نجاح سلطات صنعاء في إجبار حكومة هادي على التراجع عن استخدام العملة الجديدة كعملة رسمية

كشفت مصادر محلية عن وصول 11 حاوية محملة بأوراق نقدية من الطبعة الجديدة مطلع ديسمبر 2020م الجاري إلى ميناء المكلا.. وكشفت المصادر عن إجراء ترتيبات لنقل الأموال الجديدة دون ذكر وجهتها.. فيما حذر مراقبون من إغراق السوق بالأموال الجديدة لا سيما مع عدم وجود أزمة سيولة وهو الأمر الذي سيزيد من تدهور قيمة الريال اليمني أمام العملات الأجنبية في المحافظات المحتلة.

الثورة / أحمد المالكي – يحيى الربيعي

يشار إلى أن وصول الأموال الجديدة تزامن مع مساعي بنك عدن المركزي، لإجراء تعديلات قانونية تمنح القطاع الخاص الحق في تشغيل (المقسم الوطني) المعني بإدارة حركة تداول العملات في اليمن داخلياً وخارجياً ما سيعقد الوضع الاقتصادي.
الجدير ذكره أن السفير الأمريكي “ماثيو تولر” هدد الوفد الوطني المشارك في مشاورات الكويت عام 2016م باتخاذ إجراءات اقتصادية لإخضاع اليمن وأنه سيجعل قيمة الريال اليمني لا تساوي قيمة الحبر الذي تطبع به.
بينما وصل سعر صرف الدولار الأمريكي الواحد إلى 895 ريالاً في محافظات اليمن المحتلة.
سخط
ويثير التدهور الحاد لسعر صرف العملة اليمنية أمام الدولار والريال السعودي في المحافظات الجنوبية سخطاً شعبياً عارما على حكومة هادي والمجلس الانتقالي الجنوبي ودول التحالف، وسجل الدولار ارتفاعاً حاداً بلغ أكثر من 890 ريالاً مقابل الريال اليمني وبلغ سعر صرف الريال السعودي 234 ريالاً لأول مرة في تاريخه، وهو تدهور أربك السوق المصرفي في عدن، واتهم العشرات من الناشطين الجنوبيين البنك المركزي في عدن وحكومة هادي بالفشل الذريع في إدارة السياسة المالية والنقدية وتغطية فشلها في طباعة المزيد من العملات دون غطاء دون أدنى اعتبار لتداعيات طباعة العملة على المستويين الاقتصادي والمعيشي للملايين من المواطنين.
وكانت الأمم المتحدة قد حذرت من حدوث انهيار اقتصادي وشيك في اليمن جراء تراجع الاحتياطي الأجنبي من العملات الصعبة وتوقف عشرات المشاريع الممولة دوليا ، وبحسب تقرير الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية لم تتمكن 36 % من الأسر المعيشية في اليمن من الحصول على الغذاء الكافي ، ما يمثل زيادة بنسبة 6 %.
مساع
وكانت مصادر في حكومة هادي في عدن قد كشفت مؤخرا عن مساعي حكومة هادي والتحالف لمواجهة التدهور المستمر للريال في مناطق سيطرتهما، وقالت المصادر إن بين الخيارات المطروحة على الطاولة طباعة كميات كبيرة من الأوراق النقدية القديمة التي تفرضها صنعاء كعملة رسمية وترفض التعامل بالقديمة.
ولم تتضح بعد الأهداف والتداعيات الاقتصادية لمثل هكذا خطوة في ظل إعلان منظمات دولية إفلاس مركزي هادي في عدن مع استنزافه للاحتياطي النقدي من العملة الأجنبية، لكنها تؤكد نجاح سلطات صنعاء في إجبار حكومة هادي على التراجع عن استخدام العملة الجديدة كعملة رسمية..
منع
وكان البنك المركزي في عدن قد أصدر قبل يومين قراراً لشركات الصرافة بمنع تداول العملة الأجنبية ضمن إجراءاته لمنع تدهور الريال، إلا أن المصادر اعتبرت أن خطوة البنك تهدف لمنع استنزاف ما تبقى لدى الشركات من عملات أجنبية خصوصا أن قرار طباعة العملة القديمة قد يثير هلعا لدى المواطنين في مناطق ما يسمى “الشرعية” ويدفعهم لسرعة مصارفة الأوراق النقدية الجديدة لديهم بعملات اجنبية تحسبا لإلغاء التعامل بالأوراق النقدية الجديدة.
وتعج مناطق هادي بتريليونات الريالات من العملة الجديدة والتي تم طباعتها عبر شركة روسية وتسببت بانهيار مخيف للعملة المحلية اقتربت في بعض المناطق من حاجز الـ900 ريال للدولار الواحد، في حين تمكنت صنعاء من الحفاظ على استقرار نسبي في سعر الصرف حيث لم يتجاوز الدولار عتبة الـ600 ريال بفعل إجراءاتها المتعلقة بمنع تداول العملة الجديدة.
وتأتي خطوة هادي وسط محاولات دولية لتحريك الملف الاقتصادي والتي كان آخرها لقاء جمع محافظ مركزي صنعاء السابق بمحافظ المركزي السويسري على هامش مفاوضات الأسرى في جنيف.
فشل
وبحسب خبراء الاقتصاد فإن هناك سراً وراء الطباعة بدون غطاء من اجل تغطية فشل الشرعية التي منحها التحالف حرية طباعة العملة بدون غطاء لأنها تتواءم مع أهدافه الأساسية المتمثلة بتدمر الاقتصاد اليمني وأن يبقى اليمن ضعيفاً دون نمو ولا تنمية..
وفي نفس الوقت حكومة هادي تغطي عورتها من الانكشاف، فتلك الحكومة لو كانت قادرة على أن تستعيد الإيرادات العامة للدولة في المحافظات الجنوبية والشرقية من إيرادات المنافذ البرية والبحرية والجوية وإيرادات الضرائب والجمارك والرسوم الحكومية الأخرى وإيرادات النفط والغاز، لما لجأت للإصدار النقدي وطباعة النقود دون غطاء، ولكنها عاجزة عن أن تستعيد تلك الإيرادات التي كانت تمثل نسبة 75 % من إجمالي الإيرادات العامة للدولة والتي يتم نهبها من قبل مليشيات مسلحة موالية للإمارات بقوة السلاح ، فاليوم يتم إنتاج 64 ألف برميل نفط يتم نهبها وبيعها لتوضع في حساب خاص في بنك سعودي في ظل وجود بنك مركزي في عدن ، رغم أن إيرادات تلك المبيعات سنويا ستغطي الباب الأول من الموازنة العامة للدولة والمرتبات والأجور وفق موازنة العام 2014م.. ونظراً لذلك العجز تلجأ إلى طباعة العملة وتحمِّل الشعب اليمني برمته تداعيات فشلها، وهو أمر غير مقبول اليوم في ظل تدهور الأوضاع الإنسانية الحاد التي وصلت حدوداً يستحيل تجاوزها.
كتلة مالية
ويقول الاقتصاديون إن الحكومة التي تدَّعي الشرعية لم تستطع أن تفرض شرعيتها على الأرض في المحافظات الجنوبية والشرقية لتجنيب الشعب اليمني تداعيات فشلها الذريع في إدارة السياسة المالية والنقدية.. فحتى الآن طبعت كتلة مالية كبيرة قدرها تريليون و900 مليار ريال منها 200 مليار ريال وفق المصادر من فئة 100 ريال دون غطاء ، واستمرارها في ذاك النهج الخطير أصبح أمراً كارثياً ، فقبل أن تحل الكارثة يجب وقف تلك الحكومة التي لم تستطع أن تتحكم بذاتها عند حدها , لأن أضرار العملة المطبوعة دون غطاء كارثي وخطير وسيدفع ثمنه كل مواطن يمني من لقمة عيش أطفاله ، وخلال الفترة الماضية من سنوات الحرب والحصار فقد فقدت العملة الوطنية أكثر من 170 % من قيمتها الشرائية أمام الدولار وبموازاة ذلك ارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسب تتفاوت ما بين 80 % إلى 180 % والمواد الكمالية تصاعدت إلى أعلى مستوياتها.
معاناة
ويؤكد خبراء الاقتصاد أن أي إنزال جديد لأي من الفئات المطبوعة دون غطاء سوف يضاعف معاناة اليمنيين من جانب وسيعمل المزيد من تدهور الثقة بين المواطن والمستثمر اليمني والعملة الوطنية ، وهو ما قد يتسبب في تراجع كبير لسعر صرف الريال اليمني مقابل الدولار والعملات الأجنبية في السوق المحلي، والذي سوف ينعكس بصورة سلبية وكارثية على حياة الملايين من اليمنيين ـ وهناك تجارب من خلال الأعوام الماضية عندما ركز بنك عدن كل وظائفه في طباعة العملة وتناسى جوهر وظيفته الأساسية المتمثلة بحماية العملة والحفاظ على استقرارها وفق قانون البنك ، حيث يعمل على بيع الدولار بأسعار متعددة ، ويقوم بفتح اعتمادات مستنديه من ودائعه دون تغذية جديدة لاحتياطاته من النقد الأجنبي لكي يحصل على السيولة من الريال اليمني ، يضاف إلى ذلك تغطية العجز والفشل في طباعة المزيد من العملات دون غطاء لأن ذلك البنك لا يستطيع الحصول على أي قروض خارجية كونه غير معترف به سوى عند الرياض وابوظبي.
وعلى إثر ذلك كله ففي اليمن بشكل عام يعيش المواطن حالة من الازدواجية في المعاملة المصرفية بين صنعاء وعدن، وهي حالة أورثها القرار الأممي بنقل البنك المركزي إلى عدن، الأمر الذي خول لحكومة ما يسمى بحكومة شرعية الفنادق العمل على تدمير القيمة الشرائية للعملة من خلال أقدامها على طباعة كميات مهولة من العملة بدون غطاء وصلت إلى تريليونين و200 مليار ريال، هذا الرقم يساوي ما طبعته البلاد منذ العام 1964م، الأمر الذي اضطر حكومة الإنقاذ إلى اتخاذ تدابير مصرفية فرضتها ضرورة العمل على حماية قيمة العملة المحلية من التدهور بأن تم منع تداول الطبعات الجديدة.
التدابير أظهرت فاعليتها في الحفاظ على القيمة الشرائية للعملة في صنعاء والمناطق التابعة لها عند مستوى مستقر أمام العملات الأجنبية، لكنها في المقابل حققت انهيارات مخيفة في مناطق سيطرة حكومة الفنادق لسبب واحد هو أن هذه الحكومة فاقدة لشرعية وجودها على الواقع، الأمر الذي جعل مجمل مصروفاتها محصورة على ما تقوم بطباعته من العملة، فهي لا تحقق أي رقم في ميزان الدخل القومي من إيرادات أو قيمة مبيعات النفط ورسوم الملاحة الدولية في الموانئ الواقع تحت سيطرة دول التحالف الاستعماري الجديد، لأن ذلك كله يذهب إما إلى جيوب العصابات واللوبيات التي تقوم بالبيع المباشر أو يورد بصورة مباشرة إلى بنوك دول تحالف العدوان على اليمن كالبنك الأهلي السعودي الذي تورد إليه إيرادات مبيعات النفط، وحسابات المقتسمين في بنوك قطر وتركيا.
ونتيجة لذلك يجزم خبراء مصرفيون أن البنك المركزي في عدن لا يملك أي سياسة نقدية بالمطلق، وليس لدى البنك أي خطط، وظل منذ عام 2016م وإلى الآن يعمل كصراف فقط، مؤكداً أن أدوات السياسة النقدية في كبح جماح التضخم والتحكم في العرض والطلب على العملة المحلية والأجنبية اختفت بفعل غياب الكوادر المؤهلة وذات الخبرة في إدارة هذا البنك.
ويذهب خبراء إلى تحميل البنك المركزي في عدن مسؤولية التدهور في سعر العملة بفعل فشله في إدارة السياسة النقدية، وترك الحبل على الغارب لشركات الصرافة ولوبيا المصالح للتلاعب والمضاربة بالعملة، مقابل رقابة صارمة في صنعاء تمثلت في ربط الحوالات الخارجية الواردة ببنك صنعاء، وكذا فرض عقوبات مشددة على شركات الصرافة المخالفة ناهيك عن التعليمات المستمرة للقطاع المصرفي التي أسهمت في طمأنة سوق الصرافة.
مع ذلك تبقي كارثية الفجوة بين سعر العملة في عدن وسعرها في صنعاء متمثلة فيما تسببه من معاناة لا حدود لها فيما يخص تحويلات المواطنين، حيث نمت في الوسط لوبيات مصالح بعدة صور بدأت من الارتفاع غير المعقول في قيمة الحوالة المصرفية بين المحافظات المحتلة وصنعاء والمناطق المحررة والتي وصلت نسبتها إلى 49 % عن أي مبالغ يتم تحويلها، وعلى العكس من ذلك يتم شراء الريال بالطبعة القديمة في المحافظات المحتلة بفارق يصل إلى 30 %.
المواطن وحده من يتحمل نتائج هذه الانعكاسات وبصورتين، الأولى يتم رفع قيمة السلع المتبادلة من خضروات وفواكه وأسماك بما في ذلك المنتجات المزروعة والمصنعة في نفس المناطق بما يغطى مقدار الفجوة في قيمة الحوالة، فيتحمل المواطن وخاصة في المناطق المحتلة تكاليف هذه التدابير التي يفرضها التجار والسماسرة، ثانيا، ظهرت بوادر نمو جماعات جرائم غسل الأموال في مناطق الاحتلال وبدأ البعض يحقق ثراء فاحشاً من خلال طرق احتيالية في مجال المتاجرة غير المشروعة بالعملة.

قد يعجبك ايضا