من ملفات الشرطة: حمøام الدøم…!!¿

¶ عرض وتحليل/حسين كريش –
عاد في تلك الساعة قبل الثامنة مساءٍ إلى البيت في حي الأصبحي بعد أن جلس للمقيل مع بعض أصحابه بمنطقة السايلة ولما وصل إلى بوابة حوش المنزل وجدها مغلقة من الداخل فدق البوابة ولم يرد عليه أحد ثم اضطر للتسلق من السور وقفز من فوقه إلى داخل الحوش وجد باب المنزل الداخلي مفتوحاٍ على مصراعيه ولم يكن حتى مردوداٍ وذلك على غير العادة فاستغرب ودخل إلى البيت وجد الصالة كانت مضاءة بالكهرباء ورأى غرفة النوم كان بابها مفتوحاٍ فاتجه إليها ولم يجد بها أحداٍ ولكنه وجد بداخلها الملابس والأشياء كانت متناثرة وفي حالة عبث وكان البيت كأنه خالُ وليس فيه أحد.. فشك في الأمر ثم شاهد باب الحمام مفتوحاٍ وآثار دم على أرضية الحمام فدخل إليه ورأى شقيقه الأكبر كان بداخل حوض الحمام وهو ممدد على جانبه وينزف الدم من صدره وكذلك من رقبته ووجهه ظهر عليه ورم وكان ساكناٍ لا يتحرك.. فانصعق للمنظر وتجمدت عروقه ومكث للحظات واقفاٍ مصدوماٍ داخل الحمام لا يدري ماذا يفعل ثم استعاد استدراكه لنفسه وخرج من البيت يصرخ ويصيح للجيران بأن أخاه مذبوح وغارق في دمائه داخل حمام البيت فسارع إليه بعض الشباب من الجيران وقام هو وثلاثة منهم بأخذ أخيه إلى أقرب مستشفى بالمنطقة «وهو مستشفى الأسرة» في محاولة لإسعافه وإنقاذه ولكن الأطباء في المستشفى قالوا لهم إنه فارق الحياة قبل إيصاله ويجب إبلاغ الشرطة وطلبها لأن الحالة جنائية أو قتل… ومع الوقائع والتفاصيل..
* اليوم كان الاثنين والوقت الثامنة والنصف مساءٍ عندما تبلغ مركز شرطة السياغي من مستشفى الأسرة عن وجود شخص قتيل به عدة طعنات وشبه مذبوح من مقدمة رقبته.. فانتقلوا من المركز عقب هذا البلاغ إلى المستشفى ووجدوا هناك جثة المجني عليه «المبلغ عنه» بها عدة إصابات وطعنات في بقع متفرقة بالجسم والصدر والرأس وكذا ذبح من الجهة الأمامية للرقبة والجثة كانت لشخص شاب بدا في الـ25 من عمره واسمه حسب الأشخاص الذين أوصلوه للمستشفى لإسعافه هو عبيدان وكان الأشخاص الذين أسعفوا المجني عليه وأوصلوه للمستشفى عددهم ثلاثة أشخاص وهم شبان أحدهم شقيقه الأصغر واسمه سلمان وعمره 17 عاماٍ بينما الآخران كانا من الجيران.. وقد قام رجال شرطة المركز بالتحفظ على هؤلاء الشبان الثلاثة «المسعفين» على ذمة الاستنطاق كما بادروا بنقل جثة القتيل إلى مستشفى الثورة العام لإيداعها بالثلاجة هناك واستدعاء مختصي الأدلة الجنائية لإجراء المعاينة الفنية وكذا إبلاغ عمليات أمن منطقة السبعين وعمليات أمن العاصمة مع قيد البلاغ عن الواقعة كجريمة قتل عمد وضد مجهول لأن الفاعل على ضوء المعلومات الأولية التي تم جمعها- غير معروف وكذلك الأسباب والملابسات.. واتضح بعد حضور مختصي الأدلة الجنائية وقيامهم بالمعاينة للجنة في مستشفى الثورة بأن المجني عليه تعرض للطعن بأكثر من آلة حادة أو بأكثر من سكين والطعنات ظهرت مركزة في الصدر تم ذبحه بالسكين من أمام الرقبة بمقدار النصف إضافة إلى ضربات دامية وقوية تعرض لها في رأسه وساعديه وتأكد لهم أن أداة الجريمة التي استخدمت في طعن المغدور به وذبحه هي أكثر من سكين من خلال عثورهم في المكان «مسرح الجريمة» وهو المنزل عند انتقالهم إليه لمعاينته على ثلاث سكاكين إحداها كبيرة والأخريين صغريين مخضبة جميعها بالدماء مما دل على أن هذه السكاكين الثلاث هي أداة الجريمة المستخدمة في طعن وذبح المجنى عليه وكذلك دلت على أن الجاني ليس شخصاٍ واحداٍ وإنما أكثر من شخص ومما رجح هذا لديهم أيضاٍ هو أنهم عثروا في المكان على بعض الآثار والبصمات إضافة إلى بعض الأشياء الأخرى التي تم رفعها وتحريزها وأشارت يقيناٍ إلى ذلك..
ولقد تشكل بعد الانتهاء من إجراء المعاينة للجثة والمنزل (مسرح الجريمة) فريق عمل وبحث للمتابعة والتحقيق لكشف ملابسات الجريمة ومعرفة الجاني أو الجناة المجهولين وضبطهم وهذا الفريق كان مشتركاٍ من بعض الضباط من مباحث منطقة السبعين ومركز شرطة السياغي والذين باشروا مهمتهم وبدأوا كخطوة أولى بأخذ إفادات أقرباء الشاب القتيل ومنهم والدته وشقيقه الأصغر سلمان ثم الأشخاص (المتحفظ عليهم) الذين قاموا بإسعافه وكذا الأصدقاء والجيران ومن أمكن من الأهالي بالحارة .. يضاف إلى ذلك إجراء التحريات حول المشتبه بهم وأرباب السوابق في الحي ومحيطه وجمع المعلومات عن علاقات المجني عليه وأصدقائه قبل مقتله وعن أي شخص التقى به أو تمت مشاهدته بالقرب من المنزل ودخل إليه في مساء الجريمة و…. وجاءت نتيجة ذلك المعلومات التي تجمعت من خلال هذه الخطوة وأولاها ما أفاد به شقيق المجنى عليه الأصغر سلمان في المحضر الذي أجري معه قال خلاله:
– كنت قد خرجت في هذا اليوم من المنزل والوقت الرابعة عصراٍ وذهبت للمقيل (التخزين) لدى أحد صحابي على طريق السائلة وكان أخي المجني عليه بداخل المنزل لوحده عند خروجي وذهابي للمقيل بينما والدتي كانت قد غادرت قبلي من البيت وسارت لمشوار يخصها لدى إحدى النساء من معارفها أو صاحباتها .. حيث إنني وأمي وأخي المجنى عليه وأخ ثالث لنا من أمي اسمه خالد من نعيش في المنزل فقط وأبي متزوج بامرأة أخرى له منها ولد وثلاث بنات يسكن وإياهم في إحدى الحارات بالعاصمة .. ونتواصل مع أبي بالتليفون بين الحين والآخر .. ثم حين عودتي من المقيل إلى البيت وكان قبل الثامنة مساء تقريباٍ وجدت باب الحوش الخارجي مغلقاٍ من الداخل فطرقت على الباب عدة دقات ولم يرد علي أحد .. فشككت أن أخي (المجني عليه) ربما يكون نائماٍ ولن يتسنى له سماعي فقمت بالتسلق من فوق سور الحوش إلى الداخل .. وفوجئت بالباب الرئيسي الداخلي للمنزل كان مفتوحاٍ على مصراعيه وليس حتى مردوداٍ وذلك على غير العادة .. ثم دلفت إلى الصالة ووجدتها كانت مضاءة (مولعة) وغرفة النوم كان بابها مفتوحاٍ وخالية والأشياء فيها والملابس مبعثرة وفي حالة فوضى كأنها تعرضت للعبث (بفعل فاعل) وللسرقة فارتبت في الأمر وأسرعت بالخروج من الغرفة منادياٍ على أخي المجنى عليه ولكن لم أسمع له صوتاٍ واتجهت نحو الحمام فوجدت أخي بداخله ممدداٍ على جانبه في حوض الحمام وهو ينزف الدماء من صدره وساكن الحركة كأنه مغمى عليه ووجهه به ورم ورأسه مصاباٍ ويسيل منه الدم .. فارتكبت وانصعقت ساعته لرؤية المشهد الشنيع وتسمرت أوصالي وتجمدت في مكاني مشلولاٍ لا أدري ماذا أفعل .. ولكن للحظات ثم حاولت جاهداٍ استجماع نفسي والخروج من الصدمة بعض الشيء وقمت بالاتصال بوالدي وأخبرته بذلك فرد علي والدي بأن أسرع للاستعانة بالجيران وأقوم مع أي منهم بنقل أخي وإسعافه للمستشفى فخرجت من المنزل وصرخت للجيران مستغيثاٍ بهم .. فلبى استغاثتي البعض من الجيران وهم الذين كانوا متواجدين وسمعوا صوتي وقمت على إثر ذلك أنا وثلاثة شباب منهم بإسعاف أخي على سيارة التاكسي والتي كانت واقفة أمام البيت إلى المستشفى الموجود في المنطقة وهو مستشفى الأسرة غير أنه حين وصولنا إلى هناك فوجئنا بعد رؤيته من قبل الأطباء يقولون أنه لفظ أنفاسه وفارق الحياة وعلينا الانتظار حتى إبلاغ جهة الشرطة وحضورهم لأن القضية قتل وجريمة غير عادية..
وأضاف خالد (شقيق المجن عليه) رداٍ على سؤاله عما إذا كانت ثمة خلافات لهم أو لأخيه مع أحد بما يفيد ويؤكد أنه لا يوجد خلاف أو عداء لأي منهم مع أحد ولا يقدر أن يوجه الاتهام لأحد..
ثم ما ورد في إفادة الأم وعمرها (33) عاماٍ والتي كان إدلاؤها بها بصعوبة وبنبرة الأم المفجوعة والباكية المخنوقة بالحزن ومصابها على ابنها المغدور .. وامتزجت كلماتها بدموع الثكلى المتساقطة من عينيها أثناءها قائلة:
– تركت ولدي المجنى عليه في المنزل وذهبت لمشوار يخصني لدى إحدى صديقاتي وكان قبل خروجي من عنده يشتكي من وجع وألم في بطنه وهذا الألم يعاني منه منذ ثلاثة أيام فأعطيته حال مغادرتي المنزل مبلغ مائة دولار قائلة له أن يذهب لعرض نفسه على أي طبيب ويتعالج من مرضه وبعد ذلك رحت لمشواري .. وقعدت هناك عند صاحبتي حتى الثامنة مساء ثم عدت للبيت لأفاجأ بالصدمة والكارثة والفجيعة المأساوية بمقتل ولدي .. وأما عن أصدقائه ومعارفه من الشباب فهناك العديد منهم بعضهم من الحارة والبعض الآخر من خارجها وعلاقاته بهم جميعاٍ ودية يلتقون مع بعضهم للمقيل (التخزين) والسمر ويتواصلون فيما بينهم بالتليفونات وليس هناك ما يريب حول أي منهم .. كما أنه ليس هناك عداء وخلاف لنا مع أحد.
وكانت الإفادة هذه للأم هي الأولى التي أفادت بها ثم عند فتح محضر تكميلي للمرة الثانية وذلك بعد أن هدأت نفسيتها نوعاٍ ما وبدأت تستطيع الكلام وتتذكر بعض الأشياء والمعلومات المتعلقة بابنها (القتيل) وأصدقائه الذين كانوا يترددون عليه ويتردد عليهم قبل يوم الواقعة وكذلك بأشخاص آخرين وما ذكره بعدها بعض الشهود عن أشخاص غيرهم كانت من الأهمية بالنسبة لفريق البحث بحيث فتحت أمامهم وركزوا من خلالها على بعض الأشخاص الذين كانوا بمثابة بداية الخيط للسير على الطريق الصحيح للوصول للجناة المجهولين..هذا ما ستعرفه عزيزنا القارئ في الحلقة الثانية إن شاء الله تعالى وإلى اللقاء.

قد يعجبك ايضا