باحثون يؤكدون على أهمية الالتزام بمبادئ الحوكمة وأثرها في زيادة ثقة الشعب في إدارة الحكومة
الحوكمة.. الخطوة الواثقة نحو تحقيق أبعاد الرؤية الوطنية
الرؤية الوطنية شددت على ضرورة بناء منظومة حكم تقوم على أسس متكاملة حديثة وديمقراطية
دراسات دعت إلى ضرورة تنسيق الجهود بين أجهزة ومؤسسات مكافحة الفساد وإعادة تصحيح ما شابها من قصور وفقاً لبرنامج الحوكمة ومبادئ الحكم الرشيد
الانتقال إلى الحوكمة الرشيدة بقيم جديدة عبر تمكين المواطنين وتعزيز العمل الجماعي وبناء التحالفات والاستثمار يعزز نمو الاقتصاد الوطني
تهتم الحكومة كثيرا وتولي جل اهتمامها بإطلاق حزمة من الإجراءات والتغييرات وفقاً للرؤية الوطنية لبناء الدولة اليمنية الحديثة من بينها إطلاق برنامج الحوكمة وفقا لمبادئ الحكم الرشيد، وقد شددت الرؤية الوطنية على ضرورة بناء منظومة حكم تقوم على أسس حديثة وديمقراطية تعتمد مبدأ التداول السلمي للسلطة وتتيح حقوق وحريات سياسية واقتصادية واجتماعية وإعلام حر ومستقل يعزز دور المواطن ومساهمته في التنمية وممارسة حكم يستثمر الموارد الذاتية لتعزيز التكامل والعدالة في توزيع الثروة والتنمية على المستويات المحلية والمركزية وبناء مؤسسات حكم فاعلة تعمل من أجل المواطن وتطبيق منظومة حكم رشيد تكافح الفساد وتضمن سيادة القانون والشفافية والمساءلة والمشاركة المجتمعية الفاعلة وتعمل على تهيئة مختلف المقومات اللازمة لضمان الاستقرار السياسي والاجتماعي لتحقيق بيئة محفزة للتنمية المستدامة والشاملة.. للتوضيح أكثر نقرأ في السطور التالية رؤية عدد من الباحثين ..فلنتابع:
الثورة/ حاشد مزقر
في دراسة الباحث علي يحيى اللكمة حول الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد يتضح أن جهود حكومات اليمن السابقة في تطبيق الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد بشكل عام وتقييم ما اتخذته أجهزة ومؤسسات مكافحة الفساد من سياسات بشكل خاص كان مصيرها الفشل كون المتغيّر الذي تم التركيز عليه هو ضعف الهياكل في البنى المؤسسية، إلا أن ما تم عمله من إصلاحات في نظم الحوكمة الرشيدة أحرز بعضاً من التقدم، حيث بدأت الحكومات المتعاقبة بوضع برامج لمكافحة الفساد وفقاً للمقاربات الزجرية والإصلاحية والمندمجة في الأطر الدولية لمكافحة الفساد، إلا أنه تبيّن أيضا أن ثمة فجوة كبيرة في التنفيذ بين تلك السياسات الواعدة وعدم فعالية إنفاذها في أغلب الأحيان على أرض الواقع لأسباب عديدة وعوامل مختلفة أعلاها غياب الإرادة السياسية وليس أقلها تناقضها وتنازع اختصاصاتها بين أجهزة مكافحة الفساد وضعف القدرات الفنية والمؤسسية للأجهزة وتدني قدرات منتسبيها إضافةً إلى تعقيدات الواقع والبيئة التي تعمل فيها تلك الأجهزة، علاوةً على المعوقات السياسية والبنيوية المختلفة.
ولذلك دعت الدراسة إلى ضرورة تنسيق الجهود بين أجهزة ومؤسسات مكافحة الفساد وإعادة تصحيح ما شابها من قصور ومثالب، وتعزيز دور البرلمان والمؤسسة القضائية في مراقبة كافة أعمال الحكومة ومواءمة منظومة التشريعات الوطنية مع الاتفاقية الأممية لمكافحة الفساد وضمان الدعم العام إلى إنهاء التواطؤ في مسألة الفساد وربط الانتقال إلى السلام بقيم جديدة، علاوةً على الانتقال إلى الحوكمة الرشيدة بقيم جديدة عبر تمكين المواطنين وتعزيز العمل الجماعي وبناء التحالفات والاستثمار في وسائل الإعلام الجديدة وتنمية المجتمع المدني والشراكة مع القطاع الخاص وتوفير سياق اقتصادي وتنظيمي مناسب يمكن أن يساعد في القضاء على حوافز وفرص الفساد والتأسيس لحكم القانون ودعم مؤسسات المشاركة والمساءلة والحد من تدخل الحكومة، وإصلاح السياسات الاقتصادية.
الحوكمة الإدارية .. متطلب أساسي
وفي ذات السياق يرى المهندس ماجد الرفاعي -مدير عام وحدة الطوارئ والكوارث البيئية- أن غياب العمل برؤية موحدة تحفظ نظام الحوكمة بين وزارت الدولة والمؤسسات أفقد الكثير من الجهود وساهم في ازدياد فجوة الفساد الإداري وهي الحقيقة التي يجب أن نعمل في إطارها .. وأضاف: بالتالي فإنه لا بد من إعادة رسم سياسيات عمل الدولة وفق الآلية التي توضحها الرؤية الوطنية في هذا المجال ويكفي أن أغلب مشاكلنا هي نتيجة لضعف الحوكمة الإدارية وكذلك ضعف الشفافية والمسائلة والإجراءات الإدارية والمالية المناسبة والممارسة الديمقراطية.
وأشار الرفاعي إلى أن الحوكمة متطلب أساسي لضمان تطور القطاع الحكومي، واتخاذ القرارات الرشيدة التي تراعي متطلبات وتوقعات جميع المعنيين والمستفيدين من خدمات القطاع الحكومي وأن تطوير أنظمة عمل متكاملة وتحديد المسؤوليات وأطر العمل والالتزام بها يضع الأسس الصحيحة للحوكمة والإدارة الرشيدة وتعزيز ثقافة التميز والإبداع ونشرها على كل مستويات العمل الحكومي لجعل الحكومة تعمل في المسار الصحيح، وقد أكدت العديد من الدراسات أهمية الالتزام بمبادئ الحوكمة وأثرها في زيادة ثقة الشعب في إدارة الحكومة وبالتالي قدرة الدول على جذب مستثمرين محليين أو أجانب وما يترتب على ذلك من تنمية اقتصادات تلك الدول، وصاحب ذلك قيام العديد من دول العالم والمنظمات الدولية بالاهتمام بمفهوم الحوكمة من خلال قيام الهيئات العلمية والجهات التشريعية بإصدار مجموعة من اللوائح والقوانين والتقارير والقواعد التي تؤكد أهمية الالتزام بتطبيق تلك المبادئ والقواعد.
الحوكمة ومكافحة الفساد
الكاتبة والباحثة في مجال الأنظمة الدولية رزان صلاح اعتبرت الحوكمة من أهم المتطلبات والضروريات الحتمية التي أضحى تطبيقها أساساً في الآونة الأخيرة لضمان تنظيم العمل في منظمات القطاع الخاص والعام على كل من المستوى المحلي والإقليمي والعالمي لوضع قواعد ومبادئ لإدارة المؤسسات والرقابة عليها وتطبيق أسلوب ممارسة الإدارة الرشيدة فيها لتشمل هذه القواعد المتينة ليس فقط منظمات القطاع الخاص بل مؤسسات المجتمع المدني والقطاع العام.
مشيرة إلى أن كل الوزارات والمؤسسات تعتمد على الحوكمة كونها تستخدم السُبل الكفيلة بالتطبيق الفعَّال لها بصورة تضمن استمرار العمل والقدرة على المنافسة وعدم الانهيار أمام تغيرات العملات العالمية وبشكل يضمن الحفاظ على حقوق أصحاب المصالح وهم: المساهمون والدائنون والمستهلكون والموردون والقوى العاملة بكافة المناصب العليا والدنيا ويشمل ذلك كلا من الأفراد والدولة والمجتمع.
وعن مفهوم الحوكمة توضح : مفهوم الحوكمة لغة الحكم وما يتطلبه ذلك من الالتزام والانضباط والسيطرة بوضع القواعد والضوابط التي تحكم السلوك وبصورة تضمن إدارة وقيادة قوية ورقابة منضبطة حازمة بما تتطلب من توجيه وإرشاد وتوعية وإدراك لكافة الظروف الداخلية والخارجية للعمل في المنظمات كذلك الاحتكام وما يقتضيه من وجود مرجعيات قانونية وأخلاقية وإدارية وثقافية يتم الرجوع إليها، وكذلك تراكم تجارب وخبرات يتم الاستفادة منها.
وترى الكاتبة أن مبدأ الحوكمة يعد ضروريا للغاية عند وجود انحرافات وفساد إداري أو مالي أو تلاعب بمصالح المساهمين وأصحاب المصالح من مجلس الإدارة أو الإدارة التنفيذية أو أي جهة أخرى كون مفهوم الحوكمة “أنها مجموعة من القواعد والقوانين والمعايير والإجراءات التي يجري بموجبها إدارة المنظمات والرقابة الفاعلة عليها ويقع على عاتقها مسؤولية تنظيم العلاقة بين الأطراف الفاعلة في المؤسسة وأصحاب المصالح وتساعد القائمين على تحديد توجه وأداء المنظمة ويمكن من خلالها حماية المصالح والاستثمارات المالية للمساهمين وكذلك تعاظم أرباح المنظمة وقيمتها السوقية على المدى البعيد”.. ومن أجل تطبيق الحوكمة على ارض الواقع لا بد أن يكون هناك إيمان لدى القائمين على المؤسسات بالأثر الإيجابي لتطبيق هذه المبادئ في أعمالهم بحيث تشمل هيكل وعناصر وعمليات يتم ربطها وترتيبها كأساسات للإدارة الجيدة الرشيدة ويتم من خلالها الاستغلال الأفضل للموارد الموجودة وإدارتها بصورة سليمة وفق معايير معينة مثل الكفاءة الفاعلية والاستدامة والأثر.
الالتزام بمبادئ الحوكمة
يرى باحثون أنه لا بد من توعية القائمين على المؤسسات الحكومية والشركات الخاصة بقضايا الحوكمة، وأكدوا أن ذلك له دور حيوي في عملية اتخاذ القرارات والتي بدورها تسهم في الاستقرار المالي والنمو الاقتصادي لليمن، أيضا على الجهات الرسمية أن تعمل على تشجيع السعي لتطبيق مبادئ الحوكمة من قبل المؤسسات الحكومية والخاصة بكافة السبل والأساليب.. مشيرين إلى أن العمل على تطبيق مبادئ الحوكمة في مؤسسات القطاعين العام والخاص والشركات العائلية وتطبيقها بشكل فعَّال سيؤدي إلى استقرار المؤسسات ونموها وجذب الاستثمارات ومنع الانهيارات المالية.. وشددوا على الاهتمام بتدريب أعضاء مجالس الإدارات والقيادات التنفيذية العليا والوسطى في المؤسسات العامة والخاصة على كيفية التطبيق الفعَّال لمبادئ الحوكمة وكيفية تذليل الصعوبات التي تواجهها.. واعتبروا أن القوانين الخاصة بمكافحة الفساد والذمة المالية والمناقصات واستكمال هيكلة جهاز الخدمة المدنية والجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة تشكل قواعد مهمة لتطبيق مبادئ الحوكمة في اليمن على مستوى القطاعين العام والخاص ومنظمات المجتمع المدني.. منوهين بأن الحوكمة تعد متطلباً أساسياً لضمان تطور القطاع الحكومي واتخاذ القرارات الرشيدة التي تراعي متطلبات وتوقعات جميع المعنيين والمستفيدين من خدمات القطاع الحكومي، وأن تطوير أنظمة عمل متكاملة وتحديد المسؤوليات وأطر العمل والالتزام بها يضع الأسس الصحيحة للحوكمة والإدارة الرشيدة وتعزيز ثقافة التميز والإبداع ونشرها على كل مستويات العمل الحكومي لجعل الحكومة في مصاف الحكومات العالمية، وقد أكدت العديد من الدراسات أهمية الالتزام بمبادئ الحوكمة وأثرها في زيادة ثقة الشعب في إدارة الحكومة وبالتالي قدرة الدول على جذب مستثمرين محليين أو أجانب وما يترتب على ذلك من تنمية اقتصادات تلك الدول وصاحب ذلك قيام العديد من دول العالم والمنظمات الدولية بالاهتمام بمفهوم الحوكمة من خلال قيام الهيئات العلمية والجهات التشريعية بإصدار مجموعة من اللوائح والقوانين والتقارير والقواعد التي تؤكد أهمية الالتزام بتطبيق تلك المبادئ والقواعد.