اغتيال رموز الوسطية والاعتدال
عبدالفتاح علي البنوس
مشهد مهيب ولحظات مشبعة بالحسرة والحزن والأسى ، واليمن يودع فارسا من فرسانه الأبطال ، ومناضلا من مناضليه الشرفاء ، وسياسيا من ساسته الحكماء ، وحكيما من حكماءه النجباء ، ومثقفا من مثقفيه الأفذاذ ، إنه شهيد الغدر والخيانة ، شهيد المولد النبوي الشريف الأستاذ حسن محمد زيد وزير الشباب والرياضة في حكومة الإنقاذ أمين عام حزب الحق ، الذي طالته أيادي الغدر والإجرام والعمالة والخيانة وهو بصحبة ابنته في نفق جسر المدينة بأمانة العاصمة بعد عملية رصد وتعقب من قبل القتلة ، الذين رصدتهم العيون الساهرة في جهاز الأمن والمخابرات وتمكنت بفضل الله وتوفيقه من رصدهم وتعقبهم ومن ثم قتلهم بعد قيامهم بإطلاق النار على رجال الأمن في مديرية ميفعة عنس بمحافظة ذمار .
الشهيد حسن محمد زيد ضرب أروع الأمثلة في التضحية والفداء بعد أن جعل من جسده درعا واقيا لابنته من الرصاص الذي أطلقه القاتل السفاح من مسدسه كاتم الصوت ، مفرغا سموم حقده ، بغية قبض ثمن عمالته وخيانته وارتزاقه ، ليرتقي شهيدا وتحلق روحه الطاهرة عاليا ، بعد سفر بطولي ونضالي حافل ، رغم قيام تحالف السعودية ومن معها بإدراج اسمه ضمن قائمة المستهدفين ورصدها لمكافأة مالية قدرة 10ملايين دولار لمن يقوم بقتله أو يقوم بتقديم إحداثيات تساعد على قتله ، إلا أنه لم يأبه لذلك ، وظل يتعامل بعفوية تامة ، عفوية مشبعة بالإيمان الراسخ والثقة بالله والتوكل والاعتماد عليه ( قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا .
قارع قوى الطاغوت والإجرام والتسلط ، وكانت له مواقف مشهودة من حروب صعدة ، ومن مافيا الهبر والفساد ، وقوى النفوذ والاستغلال القذر للسلطة ، لم يداهن أو ينافق في مواقفه ، فكانت مواقفه متسمة بالجرأة والصراحة والمكاشفة ، روحه الثورية المتقدة حماسا ورغبة في التغيير نحو الأفضل جعلته في صدارة المشهد السياسي اليمني في العام 2011وخلال مؤتمر الحوار الوطني كان حاضرا وبقوة ، حتى بعد انقلاب هادي والإصلاح على مخرجات المؤتمر كان له مشاركة فاعلة في صياغة اتفاق السلم والشراكة الوطنية ، ومع قيام ثورة 21سبتمبر كان في مقدمة المشاركين في صياغة الإعلان الدستوري الخاص بالمرحلة الانتقالية ، وظل على مواقفه الوطنية الأصيلة ، وكان لمواقفه المناهضة للعدوان على بلادنا أبلغ الأثر لدى دول التحالف التي أبدت انزعاجها منه ووضعته على قائمة المستهدفين لها ، وكان حاضرا في كافة الفعاليات والتظاهرات التي يقيمها تحالف الأحزاب اليمنية المناهضة للعدوان حتى ارتقى شهيدا.
يعد الشهيد حسن محمد زيد رمزا من رموز الوسطية والاعتدال في اليمن ، الذين حرص العدوان عبر أدواته النجسة في الداخل على تصفيتهم من خلال سلسلة الاغتيالات التي سبقت شن عدوانهم الغاشم على بلادنا ، فكان استهداف الشهيد حسن زيد امتدادا لمسلسل الاستهداف الذي طال رموز الوسطية والاعتدال في اليمن الشهداء العظماء البروفيسور أحمد شرف الدين ، والبروفيسور محمد عبدالملك المتوكل والدكتور عبدالكريم جدبان والدكتور العلامة المرتضى بن زيد المحطوري والأستاذ عبدالكريم الخيواني ، الذين كانوا يشكلون للعدو مصدر إزعاج نظرا لقوة وتأثير كلمتهم ورقي وتميز وإقناع طرحهم ، علاوة على وسطيتهم واعتدالهم الذي جعل منهم محط تقدير وإجماع منقطع النظير في الساحة المحلية .
بالمختصر المفيد، أرادوا من خلال اغتيال الأستاذ حسن إرباك المشهد الاحتفالي بالمولد النبوي ، وإخافة المواطنين وإرعابهم للحيلولة دون مشاركتهم في إحياء وتعظيم هذه الشعيرة الدينية الإيمانية ، ولكن السحر انقلب على الساحر ، حيث شكلت الجريمة دافعا محفزا لليمنيين للخروج إلى ساحات الاحتفال بالملايين في أكثر من 13ساحة استجابة للأمر الإلهي ( فبذلك فليفرحوا ) وتجاوبا مع دعوة قائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي ، ووفاء لدم شهيد المولد النبوي الأستاذ حسن محمد زيد ، الذي ما تخلف عن حضور هكذا مناسبة ، حتى بعد استشهاده حيث كانت روحه الطاهرة تشارك الملايين من اليمنيين عبق الاحتفال بالمولد النبوي الشريف للعام 1442هـ .
رحم الله شهيد الوطن والمولد النبوي الأستاذ حسن محمد زيد وكافة الشهداء الخالدين العظماء الأحياء عند ربهم يرزقون ، واللعنة على البغاة المعتدين القتلة المجرمين ومن دار في فلكهم أجمعين ، والنصر والتمكين لليمن واليمنيين ، جيشا ولجانا ، وشعبا وقيادة ، ولا نامت أعين الجبناء .
هذا وعاشق النبي يصلي عليه وآله .