المنسق المجتمعي للبرنامج عبده الهارب كريم لـ “الثورة”: المنظمات أنفقت من الأموال خلال العقود الماضية ما يكفي لإيصال الأسفلت إلى كل بيت في الحديدة

لاقت استجابة وتفاعلاً كبيراً من كافة المواطنين

بالمشاركة المجتمعية نفذنا أعمالاً ترصد لها المنظمات مبالغ هائلة

لا تعير المنظمات المسبِّب الرئيسي للأمراض أي اهتمام لأنها بذلك تضمن استدامة تدخلها

انخفضت نسبة الإصابات إلى 10 % في بيت الفقيه وصفر% في الزهرة

 

قال المهندس عبده الهارب كريم المنسق المجتمعي لبرنامج جنوب الحديدة: «نحن في مؤسسة بنيان التنموية عملنا مجتمعي ونعتمد في برامجنا على التنسيق بين إمكانات وخبرات المجتمع نفسه والسلطات المحلية».. موضحا «أن المنظمات لا تقدم شيئاً هكذا لله وبحسب الطلب، بل هي تعمل وفق آليات ولديها برامجها ولها أهدافها المغايرة لبرامجنا والمتصادمة مع أهدافنا.. لذا فإنه من غير المحتمل البتة أن تتطابق وجهات النظر بين النقيضين فضلا عن قيام أي نوع من الشراكة.. لافتا إلى أنه «من المتوقع والمعمول حسابه أن تعمل هذه المنظمات على إفشال مبادراتنا وأن تتدخل بكل ما يمكنها من قوة لإنقاذ سوقها من حتمية الزوال، والتحايل على كل ما يهدد وجودها ويقوِّض من مساحات تدخلها».. مشددا «على أن «بنيان» كمؤسسية جهادية تعمل في مجال التنمية ستبذل قصارى جهدها وبكل ما يمكنها من قوة وصولا إلى اللحظة التي يستغني فيها المجتمع عن خدمات هذه المنظمات ويقطع دابر تدخلاتها بحول الله وقوته».

الثورة / يحيى محمد الربيعي

وفي لقاء مع «الثورة» تحدث المنسق المجتمعي لبرنامج جنوب الحديدة عن اطلاق العديد من المبادرات العملاقة على مستوى محافظة الحديدة على رأسها المبادرة المجتمعية لمواجهة حمى الضنك وقال: المبادرة اطلقت لمواجهة ما حصل في العقود الماضية من تفش لوباء حمى الضنك بشكل مخيف مع أوبئة مصاحبة انتشرت كالمكرفس والملاريا.. فيروسات أصابت الكثير من المواطنين وأحدثت فيهم نسبة وفيات عالية.
وأوضح الهارب أن المنظمات تدخلت وصرفت مبالغ كبيرة إلى درجة أن المبالغ التي تدخلت بها تلك المنظمات كانت كافية لايصال الأسفلت إلى البيوت على مستوى قرى وعزل ومديريات الحديدة مزودة ببنية تحتية كاملة من الصرف الصحي ومشاريع المياه النقية والكهرباء في حال ما إذا كانت أهداف تلك المنظمات هي العمل الإنساني المجرد من الأغراض المخابراتية، وذلك لأن المنظمات عندما تتدخل في بيئة لا تعير المسبب الرئيسي للأمراض أو حتى المشكلات والمعوقات الأخرى أي اهتمام إن لم تعمل جاهدة على صرف نظر المهتمين المحليين عن التفكير في هذا الجانب رغبة منها في استمرار المعاناة لغرض ديمومة تدخلها في البيئة لأغراض وأهداف مخفية.
المنظمات -حسب عبده الهارب- تركز على نشر الوعي العلاجي وتقوم بتوفير العلاج ووسائل الفحص الطبي والكادر الطبي، ووسائل الاحتماء المؤقت من البعوض، ولا تعمل على اجتثاث منابع توالد وتكاثر البعوض، وهي المستنقعات وأحواض المياه الراكدة بأكثر من تدابير الوقاية المنزلية؛ والحث على تركيب سواتر النوافذ واستعمال المواد الطاردة والمواد المعالجة بالمبيدات والوشائع وأجهزة التبخير؛ داخل المنازل وخارجها، مشدداً على نشر معلومة أن البعوض الناقل الرئيسي للمرض يلدغ أثناء النهار أيضا… كما يُنصح بارتداء الملابس التي تقلل إلى أدنى حد من تعرض البشرة للبعوض؛ وتثقيف المجتمع المحلي بمخاطر الأمراض المنقولة بواسطة البعوض، وكفى.
وأفاد بأن معنى ذلك هو أن المنظمات بهذه الطريقة تقفز بعمليتي الاحتماء من البعوض ومعالجة المرض، ولا تهتم بأي وجه من الوجوه بعمليات الوقاية من خلال إزالة الأسباب والعوامل الباعثة على توالد ونكاثر ذلك البعوض.

الوقاية خير من العلاج
وأشار المنسق المجتمعي إلى أن التقارير الصحية لهذه المنظمات غالبا ما تعمل على نشر بديهيات ومغالطات على أساس أنها توعية كأن تقول إن « البعوض لها أربعة أنماط مصلية من فيروس الحمى، ما يعني أن الإصابة بعدواه محتملة بواقع أربع مرات.. وأن الكثير من حالات العدوى بفيروس حمى الضنك تسبب اعتلالات بسيطة، لكن بإمكان الفيروس أن يسبب اعتلالات حادة شبيهة بالأنفلونزا. وتتفاقم هذه الحالة أحياناً لتغدو مرضاً قاتلاً محتملاً يُطلق عليه اسم حمى الضنك الوخيمة».
معلقا: إن دل هذا الاستخفاف على شيء فإنما يدل على حقيقة أن عمل المنظمات الدولية له صلة بأهداف استدامة تدخلها من اجل استمرار نشاطاتها غير المعلنة، لذا أغلب تلك المنظمات تؤكد في تقاريرها أنه «لا يوجد علاج محدد لحمى الضنك وأن التبكير في الكشف عن مراحل تطور المرض إلى الإصابة بحمى الضنك الوخيمة وإتاحة الرعاية الطبية اللأزمة يقللان من معدلات الوفيات الناجمة عن حمى الضنك الوخيمة بنسبة أدنى من 1 %».. إضافة إلى تركيز هذه المنظمات على إنتاج معرفة سطحية مفادها «توجد حمى الضنك بمناطق يتراوح مناخها بين المداري وشبه المداري من أنحاء العالم بأسره، وهي في معظمها مناطق حضرية وأخرى شبه حضرية».

مراحل ثلاث
المنسق المجتمعي لجنوب تهامة أوضح أن حمى الضنك من الأسباب الرئيسية للإصابة باعتلالات جسيمة وحصاد الأرواح في بعض الأحيان، ويستدعي مواجهتها وقائيا من خلال اجتثاث بؤر التلوث التي تشكل بيئة خصبة لتوالد البعوض.
وأن من المشاريع التي قامت بها المبادرات المجتمعية برعاية كريمة من مؤسسة بنيان التنموية وبالتعاون مع مؤسسة الجرحى والمكاتب التنفيذية والمجالس المحلية ومكتب الصحة ومركز مكافحة الملاريا قد مرت عبر مراحل ومحطات عديدة من الاجتماعات والنقاشات والورش التي أسفرت عن ولادة « المبادرة المجتمعية لمواجهة حمى الضنك في مديريات جنوب الحديدة»، إذ خرجت بتوصيات كثيرة من أهمها توفير قاعدة مجتمعية قوية من المتطوعين للعمل في برنامج بنيان التنموي المشاركة المجتمعية، وتم الاتفاق على الاستعانة بشبكة بنيان الطوعية في المحافظة كخطوة أولية وبتدخل نوعي من شأنه بداية تأهيل وتدريب عدد 24 متطوعا في ورشة عمل صحية تلقى خلالها المتدربون دورة تعريفية عن الأمراض وأسبابها وطرق ووسائل اجتثاث المسببات من مستنقعات وأحواض المياه الراكدة وما شابه ذلك من مظاهر تجمع النفايات والأوساخ والمخلفات، وأخرى توعوية عن أهمية العمل الطوعي والمسؤولية المجتمعية وعن كيفية تنسيق وتنظيم العمل الطوعي وتأطيره على هيئة مبادرات؛ وثالثة ثقافية من هدى الله.

القضاء على المسبب
وفي الخطوة الثانية تمت إعادة توزيع أولئك المتدربين على مديرياتهم وبدورهم قاموا بالشراكة مع قيادات المكاتب التنفيذية والمجالس المحلية والمشايخ والأعيان وكبار التجار والشخصيات الاجتماعية الكل تحمل مسؤوليته وسارع إلى تسهيل مهمة المتدربين في ترشيح منسق وميسر عن كل قرية وعزلة وبالتالي عقد ورش تدريب وتأهيل في مراكز المديريات بغرض تأهيل عدد 750 متطوعا تمت إعادة توزيعهم على مناطقهم.. مهمة المتطوعين هي القيام بعملية التحشيد والتحفيز المجتمعي للمواطنين من خلال التوعية بخطورة المستنقعات وأحواض المياه الراكدة على الصحة العامة، وشرح طرق ووسائل التخلص منها بحسبها تمثل بيئة خصبة لتوالد وتكاثر البعوض المسبب لحمى الضنك والأمراض الفتاكة الأخرى.
وفي المرحلة الثالثة نفذت حملة القضاء على مسببات الأوبئة في المحافظة حيث عاد المتطوعون على هيئة فرق ميدانية يصحبها الأمين والشيخ وعضو المجلس المحلي إلى القرى للقيام بمهمة التحشيد والتحفيز المجتمعي، وكان من الأثر الإيجابي الاستجابة الكبيرة وغير المتوقعة من كافة المواطنين الذين خرجوا رجالا ونساء وأطفالاً كل على مستوى قريته وعزلته ومديريته وقاموا جميعا بردم المستنقعات كاملة مع حملة نظافة شملت التخلص من الأواني والدباب المكشوفة وغير الصحية.

تمويل ذاتي
وعن تساؤل للصحيفة حول مصادر تمويل ميزانية التشغيل؟ يقول المنسق الاجتماعي: هذا المشروع العملاق لو نفذ عن طريق برامج المنظمات، لرصدت له ميزانيات 500 مليون إلى مليار ريال وقد حدث كذلك وبتكرار سنوي لم يعمل شيئا لمسببات الأوبئة أكثر من عمليات الرش بالمبيدات مع بقاء البيئة على حالها.. لماذا؟.. لأن المنظمات عبارة عن مجموعات مقاولين وتجار معاناة، ومن غير المحتمل أن يعملوا على تجفيف منابع ومصادر تجارتهم.. على العكس من ذلك فإن برنامج المبادرة المجتمعية لمواجهة حمى الضنك لم يرصد سوى 20 مليون ريال كميزانية تقديرية لم يستغرق منها سوى 14 مليون ريال قيمة قرطاسية وتجهيزات من منشورات ومطبوعات إرشادية تم توزيعها على المواطنين في مديريات الجنوب كاملة ومواصلات للمنسقين والميسرين.
أما بالنسبة للمعدات المستخدمة في الحملة من حراثات وشيولات وناقلات وخلافه وما تتطلبه من مواد تشغيلية كالديزل.. فيؤكد الهارب: تمت الاستعانة بمقتنيات المكاتب التنفيذية والمجالس المحلية وكبار الشخصيات والتجار والمزارعين وساهم الجميع في توفير مادة الديزل وفي قيادة وتشغيل المعدات في مشهد كرنفالي تطوعي مهيب.. حتى المستشفيات والمراكز الصحية في مناطق الحدث ساهمت في توفير مادة الديزل بالإضافة إلى واجب معالجة الحالات لقناعتها أن إسناد الحملة بمادة الديزل سيكون لمرة واحدة لاجتثاث المسبب، وتغني عن توفير مادة الديزل لتشغيل المستشفيات والمراكز على مدار الساعة في خدمات الطوارئ..
وعن نسبة القضاء على الوباء يعطينا المهندس عبده الهارب كريم مديرية بيت الفقيه كعينة لنتائج الحملة، حيث كان عدد الحالات قبل تدخل المبادرة في تزايد مضطرد حيث تم تسجيل 170 حالة إصابة بحمى الضنك، لكن ذلك التزايد سرعان ما تحول إلى النقيض حيث تناقص العدد تدريجيا إلى أن وصل قبل أسبوعين إلى 17 حالة، أما في مديرية الزهرة فقد تم القضاء على الوباء بشكل نهائي ليصبح عدد المرضى بعد التدخل صفراً، ويرجع الفضل السبب في هذا الإنجاز العظيم إلى أن الحملة ركزت على القضاء على بؤر المسبب وقامت باجتثاثها وتوعية الناس بضرورة استدامة الحملة بشكل دوري ومنتظم.

لا ردة فعل
ردة فعل المنظمات تجاه المبادرة كانت، وفق ما اورده المنسق الهارب، ان مركز مكافحة الملاريا من جهته لم يدخر جهدا في دعم المبادرة وتذليل كافة الصعوبات ووجدنا من قبله ارتياحا كبيرا وتعاونا فعالا، وكذلك كان موقف مكتب الصحة.. بالنسبة للمنظمات حتى اللحظة لم نر منهم أي ردة فعل لا إيجاباً ولا سلبا، ولم تدخل معنا في أي نقاش، ونحن كذلك لم نضع في الاعتبار فتح أي قناة للتواصل معها.
لماذا؟.. يجيب الهارب: لأننا في مؤسسة بنيان التنموية نعد عملنا فعلا جهاديا خالصا، ومهمتنا محدودة بتفعيل المشاركة المجتمعية وجعل المجتمع يقود نفسه بنفسه، ويعتمد في تمويل مشاريعه المبادراتية على المتاح والممكن وفي حدود التمويل الذاتي بالشراكة والتنسيق مع إمكانات المكاتب التنفيذية والمجالس المحلية والمشايخ والأعيان الشخصيات الاجتماعية والتجار وعبر عقد الورش والبرامج التدريبية والتوعوية بهدف تفعيل العمل الطوعي وقيادة المبادرات المجتمعية على كافة المستويات وفي كل الأصعدة.

لا شراكة
وماذا عن نشاط المنظمات في مناطق المبادرة؟ أجاب الهارب: بدأت المنظمات عبر مركز مكافحة الملاريا تدخلها بتوزيع الخيام والناموسيات وفرق الرش مع المبيدات، لكن سرعان ما قوبل ذلك التدخل يالتوقيف من قبل مكتب الصحة والمركز.. بل وطلب من تلك المنظمات القيام بتسليم مساعداتهم أي المكتب والمركز لتتم عملية التوزيع عبر الحملة.
وعن إمكانية قيام شراكة بين بنيان والمنظمات؟ رفض الهارب الفكرة من حيث المبدأ.. مشددا على أن تلك المنظمات لم تأت بغرض إنساني بحت، بقدر ما أنها تتخذ من العمل الإنسان غطاء لتمرير أهداف وبرامج خفية.. مؤكدا: «نحن في بنيان عملنا مجتمعي ونعتمد في برامجنا على التنسيق بين إمكانات وخبرات المجتمع نفسه والسلطات المحلية.. موضحا «أن المنظمات لا تقدم شيئاً هكذا لله وبحسب الطلب، فهي تعمل وفق آليات ولديها برامجها ولها أهدافها المغايرة لبرامجنا والمتصادمة مع أهدافنا.. لذا فإنه من غير المحتمل البتة أن تتطابق وجهات النظر بين النقيضين فضلا عن قيام أي نوع من الشراكة.. لافتا إلى أن «من المتوقع والمعمول حسابه أن تعمل هذه المنظمات على إفشال مبادراتنا وأن تتدخل بكل ما يمكنها من قوة لإنقاذ سوقها من حتمية الزوال، والنحايل على كل ما يهدد وجودها وبقوض من مساحات تدخلها».. مشددا بقوله: «نحن في بنيان كمؤسسية جهادية تعمل في مجال التنمية سنبذل قصارى جهدنا وبكل ما يمكننا من قوة وصولا إلى اللحظة التي يستغني فيها المجتمع عن خدمات هذه المنظمات ويقطع دابر تدخلاتها بحول الله وقوته».