الاقـتـصـاد الـمـقـاوم ..خَـنْـدقُ الــثـــوّارِ الأول
سيف الدين المجدر
«الرأسمالية» قبضة «أمريكا» وأداتها الخبيثة وهي من تسعى دائرة الاستكبار من خلالها إلى إخضاع الشعوب عبر ورقة الاقتصاد، وتقوم باختلاق الأزمات وتصنع الفقر في أوساط الشعوب المستهدفة بواسطة عناوين برَّاقة تدجن بها المجتمع، وتجعل منه مجتمع مستجدياً يرى في الاستجداء الرفاهية، ويرى في الاعتماد على المنتجات الخارجية الرقي والرفعة، وكذلك عبر سياساتٍ مالية مدروسة الخطوات واتفاقياتٍ يتمُ إبرامها مع سلطات الدول المستهدفة، وهذه الاتفاقيات هي وحدها كفيلة بتمرير مخططاتهم الشيطانية التي يسعون بها إلى السيطرة على الشعوب وعلى قرارتها، بحيث يصبح العالم مستقبلاً «مزرعة بشرية « يديرها «بني صهيون».
اذاً نحن هنا أمام تحد كبير لايقل شأناً وأهميةً عن التحدي العسكري وخاصةً نحن المسلمين، الحقد علينا أشد ولدينا ذلك الرصيد الضخم من الأحداث التاريخية في واقع الصراع مع اليهود، رصيدٌ يكفي بأن يجعلنا واعين ومدركين لمدى بشاعة وسوء العواقب في حال تساهلنا أو تخاذلنا تجاه هذه القضية الخطيرة، وإننا نحن اليمنيين في المعركة العسكرية قد كسرنا كل القيود واستعدنا سيادتنا وامتلكنا قرارنا رغم حجم المؤامرة ورغم ضخامة الهجمة الوحشية لعدوان الشر ، وذلك بفضل تضحيات آلاف الشهداء الذين بذلوا أرواحهم في سبيل الله وفي سبيل الخروج من مستنقع الوصاية القذر، وانتصرنا بقوة الله ويملؤنا الشموخ وتملؤنا الإرادة المتطلعة إلى بناء بلدٍ قويٍ عصيٍ على كل مكائد اليهود ومن ناصرهم من المنافقين، وكل المعطيات تقول بأننا قد نجد أنفسنا في أي لحظةٍ تحت وطأة العقوبات الاقتصادية خاصةً بعد فشلهم الذريع والمريع في هذه الحرب، وقد يتم محاصرتنا بشكل تام. فهم يتخذون من قاعدة «نابليون بونابرت» منهجيةً يسيرون عليها وهو الذي قال (إذا أردت أن تستعمر شعباً ففقّره)
وقد شاهدنا مدى ضعف التخطيط الاقتصادي السابق لبلادنا خلال فترة هذه الحرب التي تشن علينا، حيث أن الطريقة السابقة لإقامة المصانع والمنشآت لم تكن ملائمة للقدرات العسكرية للبلاد وبدت خالية من أي تحسبٍ لأي عدوانٍ خارجي أو معركة مع أعداء الأمة، وهنا ندرك حجم الكارثة!!!
فلم تكن الثغرة تقتصر على المؤسسات العسكرية وحسب بل كانت الثغرة اقتصاديةً أيضاً، ففي الجانب الإنتاجي كانت المصانع والمنشآت بجميع أنواعها أهدافاً سهلة ومحببة لطائرات عدوان الشر في هذه الحرب،
وخير مثالٍ على ذلك هو “مصنع يماني للألبان” بمحافظة الحديدة، ذلك المصنع الذي كان تستفيد منه العديد من الأسر في المناطق المجاورة له، وكانت تعيش على العائد المالي من ذاك المصنع الذي لتغطية جزء من احتياجه للحليب، إذ كان يقوم بشرائِه من مالكي الأبقار هناك، ولكن طلعةً جويةً واحدة فقط كانت كفيلة بأن تدمره وتدمر معه مصدر رزق تلك الأسر، وكانت كافية لرفع فاتورة استيراد الحليب من الخارج وضياع العملة الصعبة، وكانت الأضرار سوف تكون أقل وغير مؤثرة لو أن هناك بدل المصانع الضخمة معامل بسيطة تتوزع على عدة مناطق في البلاد!! وبذلك يعود النفع على أكبر عدد ممكن من أبناء المجتمع من حيث فرص العمل والحد من البطالة والفقر، ولكن لم يكن للدولة في السابق أي خطط اقتصادية مقاومة أو تنموية.
وليس من الحكمة أن نضع كل قدراتنا الإنتاجية في أماكن يسهل استهدافها وإنه لمن العار أن نجعل من بلدنا سوقاً للمنتجات الخارجية ونحن نمتلك أهم المقومات الأساسية للنهوض بالاقتصاد الوطني، فإذاً نحن هنا بحاجة إلى سياسةٍ اقتصادية ملائمة لطبيعة المرحلة التي نواجه فيها أخبث المؤامرات العالمية، وعلينا جميعاً أن نتحرك في مسار «الاقتصاد المقاوم» الذي لاسبيل لنا غيره، والقيام بدعم الإنتاج المحلي بشكل واسع، وعلى الجميع أن يعي هذه القضية الخطيرة،( فبدون زادٍ واقتصاد، لن نقوىَ على ضغط الزِّنَاد)، ومن هنا علينا أن نتصور أهمية هذا الجانب والآثار الكارثية المترتبة على التفريط في هذا الميدان الجهادي العظيم ، قال تعالى(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً ۚ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِين)