جهاد فايع
قبل مئات الأعوام صرخ فتية في وجه الإمبراطورية الرومية، وكانوا 6 أشخاص أَو أدنى من ذلك، لإيقاظ الأُمَّــة من السبات الذي كان قد خيّم ومد عروشه في ذلك الزمن، مما جعلهم ينسون دين المسيح وعبادتهم لربهم وتقديسهم له ولأمّه، حيث هبَّ أُولئك الفتية ليطلقوا عنان صرختهم لتدوي وتحصل من بعدها كُـلّ التغييرات الجذرية في حياة أُولئك الشباب والتغيرات من حولهم التي كان من ضمنها الإمبراطور الذي خاف على عرشه وسلطته من أن تنتهك أَو تذوب.
طُردوا حينها وأُهينوا وذاع صيتهم في كُـلّ زقاق تلك المدينة، مما أثار زعماء الحكم في ذلك العصر الذي لم يلقَ طريقاً ليواجهَهم به إلا أن يحكم عليهم بالقتل جزاءً لمخالفتهم له ولإمبراطوريته.
ناجوا اللهَ بعد خروجهم من المدينة، وتوسلوا إليه، دعوه بإخلاص، فكان لهم ذلك التأهيل الإلهي الذي لم يحظَ به حتى نبي من أنبياء الله، نعم، هم ليسوا أنبياء وحصلت لهم المعجزات، ليسوا رسلاً ولكنهم أدّوا رسالة الله على أكمل وجه، آمنوا ووثقوا به فأغطهم في نومٍ لم ينمه أحد قط؛ لأَنَّهم كما قال الله: (فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى)، وكان نومهم كما المعتاد في حياتنا لكنهم نهضوا بعد مئات الآلاف من السنين، عندما استيقظوا فوجئوا بانتشار الدين وبتفضيل الله لهم، وكأن الله جازاهم بذلك النوم المطول؛ لكي ينهضوا على تلك التغيرات التي لم تقدر أذهانُهم على استيعابها.
في زمن آخر وفي آونة قريبة ليست كبعد قصة أصحاب الكهف، 2001 عندما صرخ السيدُ حسين صرخة الحق التي دوت ووصلت إلى كُـلّ العالم وأولهم أمريكا التي بدأت في تحريض عملائها، صرخ في وجه سلطانٍ جائر مع فتية آمنوا بربهم وزادهم هدى (فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ)، فبدأت سلطتنا في ذلك الزمان تطلق عنان غيرتها وحميتها على أمريكا عدوة الشعوب وإسرائيل هادمة البلاد الإسلامية، ولم يستطع حينها إمبراطور عصرنا أَو بالأصح رئيس الدولة آنذاك علي عفاش أن يحتمل في صدره الألم على ساداته الذي هو بمثابة حذاء انتعلوه حتى بان عليه غبار الزمن فخلعوه دون رحمة أَو حزن؛ لأَنَّهم هكذا حالهم يستخدمون عملاءَهم لأجلٍ محدّد ثم يسقط من أعينهم ومخطّطاتهم تماماً كما فعلوا بصدام حسين وغيره.
نهض علي صالح بأفتك الأسلحة حينها على شباب في عمر الزهور لا يتجاوز أكبرُهم عمرَ 35 عاماً، ودمّـر وأحرق ونفى وشرد وانتهك كُـلّ الحرمات لم يراعِ حتى حرمات الله ومساجده، وقتل السيد حسين وكان هذا هدفه الأسمى؛ لأَنَّه ظن أن هذا المنطق وهذه المسيرة ستنتهي باستشهاد قائدها، لم يعلم أنه فتح لنا الطريقَ الأكبرَ والأعمق للانطلاقة أكثرَ، فحميتنا لن تُخمد بعد استشهاد قائدنا؛ لأَنَّنا بشهادته علمنا وتيقنا أن ما يُربك أمريكا ويقلقها هو بعينه الحق، فهو كما قال الخميني -سلام الله عليه-: (لو نظرت أمريكا لي كصديق لشككت في نفسي)، والسيد حسين سار على هذا المنوال إلى أن صعدت روحُه الطاهرة إلى بارئها، وانتهضت الأُمَّــة أكثر فأكثر حتى أصبحنا نضرب بأسلحتنا وقواتنا الصاروخية وطوائرنا المسيّرة أبراجَهم ونفطهم وتجمعات تحالفهم، هذا كلُّه بفضل الصرخة التي هي الآن تردّد في تركيا وترفع في أمريكا على ألسنة من عرف الحقَّ واتبعه.
سلامٌ عليك سيدي، ليتك تنهض كنهوض أصحاب الكهف، وترى ما قد حَـلَّ بذلك الشعار الذي لم يكن يصل إلا إلى حدود محافظتك صعدة، والآن أصبح شيئاً يتباهى به كُـلُّ من ردّده في دول الخارج، ويفتخر بانضمامه إلى هذا الشعار وإلى هذه المسيرة المباركة.