21سبتمبر ثورة شعب وانتصار وطن
عبدالفتاح علي البنوس
بداية ينبغي التأكيد على أن ثورة 21سبتمبر لم تأت لإلغاء ثورة 26سبتمبر ولا للنيل منها ومحو أثرها كما يحاول البعض تسويق ذلك لتبرير عدائيتهم لثورة 21سبتمبر لأنها أسقطت الفراعين والأصنام التي كانوا يعبدونها من دون الله ويشرعون لتسلطها على رقاب عباد الله ونهبهم لثرواتهم وخيرات وطنهم .
فعندما خرج الثوار الأحرار في ثورتهم الشعبية النبيلة للمطالبة بإسقاط الجرعة والحكومة ومحاربة الفساد وإصلاح القضاء وتنفيذ مخرجات الحوار المتوافق عليها ، لم تكن لديهم أي أجندة خارجية ولم يكن خروجهم بتوجيهات من هذه السفارة أو تلك ، ولكنهم خرجوا انطلاقا من حرصهم على المصلحة الوطنية ، ورغبتهم الصادقة في تحقيق التغيير المنشود الذي يكفل للشعب الحرية والكرامة والأمن والاستقرار والعيش الرغيد ، ولكن غرور وعنجهية السلطة ، وتعنت قوى الإجرام والفيد والنهب والضم والإلحاق والعمالة والارتزاق قابلت هذه المطالب كالمعتاد بالتطنيش وسعت لإجهاض الثورة والإجهاز على الثوار بقوة السلاح وهو ما زاد من وهجها الثوري ورفع من سقف مطالب الثوار ،وعجل بنجاح الثورة في 21سبتمبر 2014م .
نجاح الثورة السبتمبرية الوليدة مثل فرصة تاريخية لتصحيح مسار ثورة 26سبتمبر والتي ظلت أهدافها قيد التنفيذ منذ العام 1962م وحتى اليوم وما تحقق لا يرتقي إلى مستوى الطموحات والتطلعات المنشودة ، وهو ما أزعج السعودية وأذنابها الذين أسقطتهم الثورة وتنظف الوطن من رجسهم وفسادهم المقرف ، ومع مرور الأسابيع الأولى من عمر الثورة بدأ اليمنيون يلمسون خيرها وخصوصا في الجانب الأمني والاقتصادي ، وبدأت القيادة الثورية خطواتها العملية لترجمة أهداف الثورة ، حينها قرر الكيان السعودي و بضوء أخضر أمريكي شن العدوان على بلادنا ، بغية التشويش على الثورة ، وتأليب الشارع اليمني والمجتمع الدولي ضدها ، ظنا منها بأن ذلك سيقضي عليها ويعيد الأوضاع إلى سابق عهدها .
هكذا ظنوا ولكن الله خيب كل ظنونهم وها نحن اليوم نحتفل بالذكرى السادسة للثورة ، ثورة 21سبتمبر المجيدة ، ثورة الشعب اليمني ، الثورة اليمنية الخالصة التي نجحت رغم كل الصعاب والعراقيل في تحقيق الكثير من الأهداف والإنجازات الملموسة التي لا يمكن إنكارها أو تجاهلها على الإطلاق ومنها ، إسقاط مشروع الأقلمة والتشظي والانقسام ، وإسقاط نظام الوصاية والتبعية وقطع الطريق أمام التدخلات الخارجية في الشؤون اليمنية ، وفضح العملاء والخونة والمرتزقة الذين كانوا يتصدرون المشهد السياسي اليمني وتمكنت من تخليص الوطن والشعب منهم ، كما عملت على إعادة الاعتبار للعلم الوطني وللجيش وللثوابت والمكتسبات الوطنية ، وقدمت للوطن درعه الحصين ( اللجان الشعبية ) صمام أمان الوطن والشعب والتي شكلت مع أبطال الجيش سدا منيعا أمام التحالف السلولي بكل طاقاته وإمكانياته .
ونجحت في قلب الطاولة على السعودية وأمريكا ، وعطلت سلطة وسطوة وهيمنة السفارات ، وعكست الوعي المتصاعد للشعب اليمني الرافض لكافة أشكال الوصاية والاستعباد ، وجسدت عمليا مبدأ التداول السلمي للسلطة ، وخلقت حالة من القلق لدى الأمريكان والصهاينة ، ووضعت نهاية لمسلسل الاغتيالات التي كانت تستهدف النخب السياسية والأكاديمية والقيادات العسكرية ، وعملت على الحفاظ على مؤسسات الدولة والممتلكات العامة والخاصة ، ووفرت حالة استثنائية غير مسبوقة من الأمن والاستقرار ، تلاشت معها جرائم التقطع والنهب والسلب على الطرقات وداخل المدن ، وإعادة هيبة الدولة ، وشكلت نهاية لمشاريع الذبح والأحزمة الناسفة والمفخخات ، وعملت على تصحيح مسار ما سمي بالربيع العربي ، وإعادة الاعتبار للسيادة الوطنية المنتهكة ، وعملت على استعادة القبيلة اليمنية دورها الريادي في مساندة الشعب والوطن ، بعد أن كانت بيادق بأيدي الطغاة والجبابرة والفاسدين يستخدمونها لخدمة مصالحهم وتعزيز نفوذهم .
كما نجحت ثورة 21سبتمبر في كشف المخططات والمؤامرات التي تحاك ضد اليمن وكشفت مطامع الأعداء في باب المندب والبحر الأحمر وخليج عدن وسعيهم للسيطرة على الجزر اليمنية والثروات النفطية والسعي لاحتلال المحافظات الجنوبية ، كما أفشلت مخطط جر اليمن نحو مربع التطبيع مع الكيان الإسرائيلي ، ونجحت في الانتصار لقضايا الأمة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية ، وقامت بغربلة الأنظمة وحددت للقاصي والداني العدو الحقيقي للشعب اليمني والشعوب العربية والإسلامية ، وأسقطت الأقنعة المزيفة وفضحت أصحاب المواقف الموجهة وأظهرتهم على حقيقتهم .
بالمختصر المفيد، أنجزت الثورة السبتمبرية الوليدة ما كان يعد بالنسبة لنا كيمنيين من المستحيلات ، حيث تمكنت العقول والكفاءات اليمنية بفضل الله وتأييده من دخول عالم التصنيع الحربي بكل كفاءة واقتدار ، فبعد أن كنا نستورد ( الملاخيخ ) صرنا اليوم نصنع ونطور الصواريخ الباليستية الذكية طويلة المدى ، والطائرات المسيرة الفتاكة ، والقناصات المتطورة وغير ذلك من الأسلحة والذخائر المختلفة ، وبدأنا نخطو بكل ثقة في طريق الاكتفاء الذاتي من خلال تشجيع الإنتاج الزراعي والصناعي ودعم وتشجيع المبدعين والمبتكرين في شتى المجالات وتبني مشاريعهم وأفكارهم ، ولا ننسى هنا أن هذه الثورة المباركة أنجبت لنا رئيسا استثنائيا استطاع خلال فترة وجيزة أن يترك بصمات خالدة في مسار بناء الدولة ، الرئيس الشهيد صالح علي الصماد رضوان الله عليه الذي كان علامة فارقة وشخصية فريدة ، وهدية ثمينة أهدتها الثورة وقائدها لأبناء الشعب اليمني ، حيث حمل على عاتقه مسؤولية بناء الوطن وسعى لتنفيذ ذلك عمليا ، ولكن أيادي الغدر والخيانة والعمالة قامت بالتآمر عليه واغتياله ، تماما كما عملت مع الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي ، لأنها لا تريد الخير لليمن واليمنيين ، لا تريد أن نمتلك قرارنا ، ولا أن ننعم بالحرية ، لا تريد لنا أن نعيش ونحيا أعزاء كرماء ، لا تريد لأهداف الثورة ( 21و26سبتمبر و14أكتوبر ) أن ترى النور ، وهذا ما لا يمكن القبول به على الإطلاق .
الرحمة والخلود للشهداء العظماء ، الشفاء للجرحى ، الحرية والخلاص للأسرى والمفقودين ، والنصر والتمكين لليمن واليمنيين ، وعاش اليمن حرا شامخا أبيا ، والخزي والذل والمهانة للبغاة الغزاة المحتلين وللمرتزقة المنافقين ، وكل عام وأنتم بألف ألف خير .
هذا وعاشق النبي يصلي عليه وآله .