غياب السلوك النفسي يؤدي لاتخاذ قرارات خاطئة


عندما تحأول أن ترمي بثقل كم هائل من الإحباط في وجه متخصص تعتقد أن بإمكانه استيعابها وتبديدها عن كاهلك تتفاجأ أنها أيضا قد ضربت جذورها في أعماقه واحتوته إلى درجة أنه لم يعد يطيق عمله ومستعد لإعلان استقالته في أي لحظة.
لكن بمجرد استماعك له وأنت تحأوره تكتشف عمق المشكلة التي نعاني منها في اليمن نتيجة انعدام الرضا الوظيفي وتسارع الحياة وما يحيط بها من ظروف وأوضاع صعبة تؤثر في كل قراراتنا اليومية.
يحمل البروفيسور علي سعيد الطارق -رئيس قسم علم النفس بجامعة صنعاء- رغم كل الأجواء الملبدة بغيوم الإحباط رؤية عميقة وثاقبة للتعامل مع مؤثراته ومسبباته ويقدم في حوار خاص لـ تنمية بشرية” الأفكار اللازمة لمواجهته والتصدي لهذا الداء الذي يضرب جذوره في أهم مفاصل حياتنا المتمثلة في التعليم والإدارة.
هل تنعكس الحالة النفسية وخصوصا عندما تكون متخمة بالإحباط للمعلمين مثلاٍ أو الأكاديميين أو المسؤولين على المستمعين من طلاب وموظفين أو يكون لها تأثير في عملية اتخاذ القرارات¿
نفسية المدرس أو أي عامل أو موظف وما يعانيه من اضطرابات أيا كان نوعها تنعكس مما لاشك فيه على نفسية المتلقي سواء كان مستمعا أو طالبا أو حتى في البيت.
المشكلة أنه قد يزيد حالته النفسية بمعلومات وفقا لقناعته ويتلقاها الطالب على أنها حقيقة علمية تأتي من أستاذ أو مدرس أو عالم أمامه هذا الكلام ينطبق على كل الناس وليس فقط على القطاع التعليمي بل حتى على القائد الإداري عندما تتأثر نفسيته في محيطه أو في بيته أو في حالات شخصية وتنعكس في اليوم التالي على صورة قرارات يصدرها لمرؤوسيه إذا النفسية هنا انعكست وأثرت في القرارات لا يوجد في الحياة أي شيء يؤثر مثل الأمور النفسية فالإنسان عبارة عن مزاد متقلب.
علاقة
ما علاقة الظروف المحيطة والأوضاع الصعبة في التأثير على السلوك الإنساني¿
طبعا الظروف والأوضاع لها علاقة مباشرة بنفسية الإنسان بالذات ما هو قائم في بلادنا الحياة متسارعة وهناك ضغوط ويسمى عصرنا الحالي بعصر الضغوط النفسية تتغير نفسية الإنسان في اليوم أكثر من ألف مرة طيب في هذه الحالة عندما تتغير نفسيته يصدر سلوكاٍ هذا السلوك قد يكون قولا أو فعلا يتلقاها المستمع أو الطالب كأنها حقيقة أو قد يستغرب منها وأتمنى أن يكون هذا الاستغراب هو الشعور السائد عند المتلقي يجب عدم التعامل مع الأحداث وكل ما يتلقاه كما هو يجب الإدراك أن ما صدر من هذا الشخص قد يكون ناتجا عن ظروف معينة (ضغوطات) أو اضطرابات.
يجب التأكيد على نقطة مهمة هي أن كل قول يصدره الإنسان أو كل سلوك معين له أثر معروف أن القيم ليست ثابتة بل قد تكون نسبية وقد تكون متغيرة كل شيء متغير بما فيها القيم والتقاليد الفكرة تعود بالأساس إلى نفسية الإنسان قد تؤثر ضغوطات معينة على صدور قرارات إدارية وأسرية وغيرها من الحالات قد تسمع على سبيل المثال من يطالب بفك الارتباط وتجد من يقول “في ستين” داهية لكن لو تمعنا في اللحظة التي قيلت فيها مثل هذه العبارات والمواقف والمزاج والوضعية التي أدت إلى مثل هذه الحالات في لحظة معينة أيضا تختلف وضعية المزاج بحسب الأوقات قد تجد دكتوراٍ جامعياٍ يأتي في الصباح بمزاج رائق وليس هناك أي مشكلة في بيته ومحيطه الاجتماعي في هذه الحالة يقدم محاضرة رائعة لكن حدث شيء معين تجده في وضعية أخرى لا تطاق كل هذه السلوكيات ينبغي أن تقاس بأسلوب علمي وفقا للملاحظة والقياس لأننا نعيش في بيئة فيها الكثير من المتغيرات اليومية.
الجانب الإداري
ماذا عن تأثير هكذا وضعية على الجانب الإداري المرتبط بعملية اتخاذ القرارات¿
ينعكس حتما سلوك ونفسية الأستاذ والدكتور الجامعي والقائد الإداري وأركز على المسؤول الإداري لأنه يتخذ قرارات وعملية اتخاذ القرار ينبغي أن تستند على معرفة علمية تبنى وفقا لمعرفة علمية ومعلومات عن طريق الشعور بالمشكلة وتحديدها ووضع الفروض واختبارها ثم استنتاجها ثم وضع النظريات والقوانين بعدها يتم اتخaاذ القرار وفقا لمقترحات ونتائج أبحاث في هذه الحالة نستطيع أن نقول أن هناك سلوكا في هذه العملية لكن عندما تكون هناك مؤثرات نفسية تجد العشوائية والتخبط هما السائدان تصدر القرار في لحظة معينة وبعد ثوانُ تغير المزاج ألغي القرار في اتجاه آخر يتأثر الطالب بنفس الوضعية بالنسبة لما يسمعه من المدرس.
حلول
ما الحل من وجهة نظرك للتعامل مع هذه الحالات السلوكية والمعضلات التعليمية والإدارية¿
الحل لهذه المعضلة نقولها للمرة المليون: انتق الشخص المناسب وضعه في المكان المناسب أحسن اختيار المدرس ستجد طلابا نموذجيين بمعنى أنت تسلم هذا المدرس مجموعة من الأبناء باستطاعته التأثير عليهم وتشكيلهم بحيث يصبح هذا مهندس وذاك طبيب وآخر قد يكون حراميا وهكذا يعني المعلم هو الذي من المفترض يشكلهم ولهذا المدرس هو أساس العملية التعليمية ثم المنهج فالإدارة ثم الطالب والبيئة والمجتمع لكن انظر للوضع الحالي فالمدرس لديه ما يقرب من 70 إلى 120 طالبا في الصف يعني سيكون لديك 120 ألف دفتر تأخذهم معك إلى المنزل لتصحيحها بالتوازي مع انعدام الرضا الوظيفي والوضعية المعيشية صعبة هذه الأمور يجب أن تأخذ في الحسبان لتقييم العملية التعليمية وتصحيح مسارها.
ولهذا يجب وضع استراتيجية وطنية للمعلم سواءٍ كان أستاذا جامعيا أو معلما في المدارس المشكلة انعدام الرؤية لدينا فلسفة المدرس كيف يتم اختياره وتعامله مع الطالب والواقع الاجتماعي كيفية إدارة الصف والعدالة في تقييم أداء الطلاب المشكلة أيضا أن بيئتنا التعليمية أصبحت بيئة طاردة الطالب أول ما يضرب الجرس يطير طيرانا من المدرسة وكأنه كان في سجن في حين أن الطالب في بعض الدول مستعد للبقاء في المدرسة إلى المساء لأن البيئة جاذبة من مدرسة وإدارة ومناهج ومعلم.
إحباط عام
هناك إحباط عام هل هذا الإحباط يؤثر في الأداء¿
نعم بالتأكيد هناك تأثير سلبي للإحباط أنا مثلا لست راضيا عن أدائي وأشعر أنني لا أقدم أداء أستحق عليه ما أتقاضاه من مرتب هذا وضع عام في أغلب الأجهزة الإدارية حتى الطالب بالنسبة للعملية التعليمية لا يشجعك وليس هناك رغبة لديهم في التعليم.. الأهم بالنسبة لهم النجاح والشهادة الطلاب عقولهم مفرغة لأنهم لا يقرأون لماذا لا نجد طلابا يتحدون المدرس والأستاذ الجامعي بمعارفهم العلمية ليحفزوا المعلم لتطوير مستواه العلمي والأكاديمي باستمرار المناهج قديمة وقد عفا عليها الزمن بيئة تعليمية غير مشجعة هناك سوء في الإدارة التعليمية لا توجد أبحاث علمية في جامعة صنعاء جامعة صنعاء تحولت إلى مشكلة كبيرة أصبحت كمؤسسة أكاديميية عبئا على اليمن ولهذا نحتاج إلى ثورة إدارية وتعليمية عاجلة لأن التعليم ينحدر إلى الخلف بشكل مخيف.

قد يعجبك ايضا