المجدُ للثّورة
رئيس التحرير
يحتفل شعبنا اليوم بالعيد السادس لثورة 21 سبتمبر 2014م، يوم انتصرت إرادة الشعب وحريته واستقلالية قراره السياسي والعسكري والأمني والاقتصادي، وتحريره من سطوة الوصاية الأجنبية والهيمنة والإخضاع الأجنبي القسري، يوم أقضَّ اليمنيون مضاجع عواصم المؤامرات التاريخية ومعاقل الوصاية والإرهاب، وأطاحوا بمنظومة الفساد والارتهان والتبعية والولاء للخارج البغيض على تعدُّد أجنداته ومشاريعه في السيطرة على اليمن وإبقائه رهن وصايته.
لقد انطلقت ثورة سبتمبر من أوضاع مختلَّة ورهيبة، إذ كان الفساد المالي والإداري سائدا بغطاء سياسي وأخلاقي من صاحب السلطة الأول، يعكس حالة استلاب القرار التي كانت قائمة في ذلك العهد البغيض، وكان التأزيم للأوضاع المعيشية سياسة ممنهجة تتبعتها منظومة الوصاية والارتهان كأسلوب من أساليب الإخضاع للشعب وترويضه وإفقاده الإرادة وتعزيز حالة الاستلاب لديه، وكان التدمير الممنهج للمؤسسات الأمنية والعسكرية يأخذ عناوين متعددة، ما بين الهيكلة والضم وإعادة المسميات التي كانت تستهدف مقومات القوة العسكرية والأمنية وبما يكرِّس حالة استلاب القرار واستلاب الوعي والضمير أيضا، من خلال تلك الأعمال التي استهدفت الأمن والجيش، ويترافق مع كل ذلك الاختلال تعظيم وتمجيد للفساد والتبعية والولاء للخارج وتطبيع التدخلات الخارجية بعناوين ذرائعية متعدِّدة.
لقد جاءت ثورة الـ21 من سبتمبر وأرست مبادئ قيمية في المسؤولية وفي الحكم وفي السلطة مقتضاها أن المسؤول خادمٌ للشعب لا حاكم سلطوي عليه، كما كرَّست مفاهيم نابعة من ثقافة الشعب وأصالته وعمقه الحضاري والتاريخي، وأبعدت ما علق بالوعي الجمعي من ثقافات مختلَّة ودخيلة على الهوية الوطنية التي ألبست بالممارسات السلوكية عناوين ومفاهيم خاطئة وغير سويَّة.
كما استطاعت ثورة 21 سبتمبر وقف الانهيار والتداعي على كل المستويات، فقد أعادت للشعب ثقته بنفسه وبقدرته على التغيير بعد أن سُدّت الآفاق أمامه وضاع بين المعارضة والسلطة التي تتنازع على الوظيفة والثروة، كما تمكنت الثورة من إسقاط مؤامرة التقسيم والتفتيت التي كانت تمضي علناً وبصيغ التوافق والتصالح الداخلي، وأطاحت بقلاع الإرهاب وحصونه التي أصبحت – وقتذاك – معسكرات ومقرات وسط العاصمة صنعاء، وغير ذلك من المكاسب التي حققتها الثورة العظيمة.
نستذكر اليوم ومعنا العالم مشاهد الثورة العظيمة وتلك الحشود الجماهيرية والمواكب الثورية والقوافل والمخيمات والمسيرات الضخمة، ونستذكر الأبطال الذين دكوا قلاع وحصون ومعسكرات الإرهاب، نستذكر لحظات الانتصار العظيم والسعادة التي عمَّت ربوع اليمن العزيز، ولعل اليمنيين اليوم أكثر عزماً وتصميماً على حماية الثورة ومكتسباتها ومواصلة النضال في سبيل تحقيق الانتصار وبناء دولة قوية عادلة وقوية ومستقلة.
المجد للثورة التي انخرط فيها جميع اليمنيين على اختلاف مكوناتهم السياسية وفئاتهم الاجتماعية ومناطقهم اليمنية، والمجد للشعب الذي صنع التحوِل والإنجاز، وعبَّر عنه بالحشود الجماهيرية التي غاصت بها صنعاء العاصمة والمحافظة، وبمواكب الثوَّار التي امتدت من بين مختلف المحافظات والعاصمة صنعاء، وبقوافل المدد والمؤن الغذائية إلى مخيمات الاعتصام وميادين وساحات الثورة، التي احتضنت الجماهير وعبَّروا فيها عن إرادتهم الحرة والمستقلة والوطنية.
المجد للثورة التي مدَّت يدها لجميع المكونات والأحزاب والأطراف السياسية اليمنية بما في ذلك خصومها وأعدائها، ودعت لشراكة حقيقية وفاعلة في الحكم والقرار، ووفق ثوابت وطنية مستقلة ومتحررة من التبعية والارتهان للخارج.
المجد للثورة المجيدة 21 سبتمبر التي حافظت على المؤسسات العامة، وقامت بحماية الممتلكات عامتها وخاصتها، والتي آمنت بشراكة الجميع، وراعت مصالح الجميع وعبَّرت عن الشعب جميعاً وعن مصالحه وحقوقه وطموحاته.
المجد للثورة المجيدة وهي تمضي في بناء اليمن ذاتياً، وتعزِّز من قدراته العسكرية والأمنية، وتدافع عن حدوده الحصينة والمنيعة، وتتصدَّى للحرب العدوانية الغاشمة التي يشنها تحالف الأعداء والبغاة والأدعياء والمجرمون، وتمضي في تحرير اليمن من جيوش الارتزاق والاحتلال والنهب والسيطرة.
المجد للشعب الذي قدَّم التضحيات الجسام في سبيل عزته وكرامته واستقلاله، وبذل أنهاراً من الدماء وقوافل من الشهداء والجرحى، وتحمَّل الصعاب والمعاناة الطائلة وقسوة الحياة وشظف العيش طيلة أعوام العدوان والحصار التي تقارب على نهاية عامها السادس.