جريمة التطبيع وخيانة المطبعين
فهمي اليوسفي
إقدام حكام الإمارات على اتخاذ قرار التطبيع مع إسرائيل تبرهن كافة المعطيات أن تم بضوء أخضر من لندن وواشنطن في ظل استمرارية الصراع بين محور المقاومة مع الغرب وتزامنه مع تفجير مرفأ بيروت، فلا غرابة أن يتخذ نظام الاغتصاب الإماراتي هذا القرار باعتباره نظاماً متصهيناً منذ تأسيسه مطلع السبعينات فأصبح نظام له طابع صهيوني غير مباشر لخدمة مشاريع التصهين في المنطقة بلغت درجته ١٠٠% ومن القاع حتى النخاع.
يمثل القرار تنازلا من قبل نظام الإمارات عن القضية الفلسطينية والقدس الشريف.. يمثل استهدافا لمشاعر الأمة الإسلامية والعربية.. يمثل كشفاً لحقيقة ودرجة العلاقة والشراكة القائمة بين الإمارات وإسرائيل يمثل كشفا لدورها المخزي بعملية شراكتها مع الصهيونية في نقل صفقة القرن إلى حيز التنفيذ.
ما ينبغي إدراكه أن القرار كشف دور أبناء زائد السابق واللاحق في المشاركة بوضع حجر الأساس لتوسعة المطامع الإسرائيلية في دول المنطقة وفي طليعتها اليمن.
يأتي القرار في ظل الصراع الإيراني مع الغرب ودور أبو ظبي في العديد من دول المنطقة ومنها اليمن التي تتعرض لعدوان سعوإمارتي حتى أصبح جزء من السيادة اليمنية خاضعاً لاحتلال إماراتي وهو دور إسرائيلي مبطن بغض النظر عن غطاء الإمارات.
القرار بلا شك مخزٍ وفضيحة كبرى لمن اتخذه وعار على المطبعين بكل ما تعنيه الكلمة من معان وحروف، بل جزء من أهدافه التمهيد لإسرائيل للسيطرة على المضائق المائية في المنطقة التي أهمها باب المندب وتوجيه رسائل غير مباشرة لطهران وكذا تمكين الصهاينة من جزر وشواطئ وأحواض البحر الأحمر والعربي والمتوسط “لبناء قواعد عسكرية صهيونية والاستحواذ على ثروات الشرق الأوسط واستهداف القوى المضادة لمطامع الإمبريالية في المربع الشرق أوسطي برمته ليفضي إلى تشجيع الأنظمة المتصهينة في المنطقة على نقل مشاريع التطبيع مع الكيان الإسرائيلي من السرية إلى العلنية.
من الثوابت أن من يقف اليوم مساندا لأي دور إماراتي في الساحة العربية والإسلامية وتحت أي مسمى كما هو الحال بمرتزقة اليمن يعد شريكا أساسيا في خيانة الوطن ويعمل لصالح إسرائيل ودليل على أنه مجرد من الضمير الإسلامي والعربي ، ويصنف ضمن الأدوات الإسرائيلية، مع أن البعض لا يدركون خطورة القرار على حاضر ومستقبل المنطقة لأن البعض لديهم فائض من الأمية السياسية بحكم نجاح الغرب في تحويل المنطقة برمتها إلى سوق استهلاكية لمشاريع التضليل والتشويه التي تأتي معلبة جاهزة من مطابخه.
كافة المعطيات تبرهن أن هذا القرار معد سلفا بين دول الرباعية وإسرائيل..
لكن طالما أن الإمارات تعتدي اليوم على بلدنا وتحتل جزءاً منه عبر الأجندات المدعومة من قبلها فإن هذه الأجندات تعمل لصالح الكيان الإسرائيلي والصهاينة هم من يحتلون أرخبيل سقطرى ويحاولون تامين سيطرتهم على باب المندب والساحل الغربي والجنوبي ومحافظة تعز لأن ذلك ضمن المطامع الانجلوصهيوإماراتية.
لم يكن يتوقع البعض – خصوصا أبناء اليمن – إقدام نظام الإمارات على اتخاذ هذا القرار، بل يعتقد بعض البسطاء أن القرار الإماراتي تصنعه المؤسسات النهيانية دون وصاية خارجية ولم يخطر ببالهم أن ضمن مخرجات الصهيونية في الماضي اغتصاب فلسطين، أي خلال مرحلة الاستعمار الفرنسي والبريطاني وبعد بروز قوى دولية جديدة في تلك الفترة، أي خلال الثورة البلشفية في روسيا وصولا للخمسينات والستينات أثناء الحرب الباردة عندما ازداد تصدع دول الاستعمار وانهيار مشاريعها الاستعمارية سواء بريطانيا أو فرنسا مع صعود توازن دولي جديد مثَّل أحد أطرافه الاتحاد السوفيتي، ونظرا لذلك التصدع المستمر لإمبراطوريات الغرب وما ترتب ويترتب عليه من انعكاسات سلبية على عملائهم بشقيه البريطاني والفرنسي الأمر الذي جعل لندن ذلك الحين تضع خططا أخرى لإنشاء أنظمة متصهينة في المنطقة أقل كلفة وأرخص ثمناً، حيث بدأت تعد العدة وتسارع إلى إنشاء وتأسيس الكيان السعودي كرديف للكيان الصهيوني ليكون الوجه الآخر لمشاريع الاغتصاب الصهيونية بشكل مبطن، أي كما تمكنت دول الاستعمار القديم من اغتصاب فلسطين وقدسها الشريف لصالح إسرائيل ولم تتوقف مشاريعها الاغتصابية ساهمت أيضاً تمكين كيان سعود من اغتصاب نجد والحجاز وبيت الله الحرام وتوسعها حتى نجران وجيزان وعسير والشرورة والوديعة لصالح المنظومة الصهيونية فاستمرت مطامعها التوسعية حتى اليوم ، وبحكم وجود توازن دولي جديد في تلك الفترة كان عاملا لنجاح كثير من ثورات التحرر الشرق أوسطية التي شهدتها العديد من الأقطار خلال مرحلة الستينات والسبعينات فقد كان ذلك عاملا لقلق بريطانيا خوفا على مستقبل عملائها في المنطقة الأمر الذي جعلها تهندس مشروعاً اغتصابياً جديداً مطلع السبعينات كمستودع لعملائها دفع لندن لاستقطاع جزء من سلطنة عمان وإنشاء دولة جديدة تضم عدة إمارات تم تسميتها الإمارات العربية التي تحولت فيما بعد إلى وطن لعملاء بريطانيا في المنطقة ومركزا لغسيل الأموال المنهوبة من بقية شعوب العالم الإسلامي وتدار بالريمونت كنترول بشكل غير مباشر من بريطانيا ، ومنذ ذلك التاريخ صارت الإمارات وكيلا حصريا لمشاريع الصهيونية التي أمس تديرها بريطانيا اليوم من الباطن فأصبحت مهمتها- أي الإمارات – تسهيل وتنفيذ كافة المشاريع الصهيونية في المنطقة، وهنا تحول دور هذه الأنظمة المتصهينة إلى منفذة لتوسع مشاريع التصهين في هذا المربع، ولنأخذ نموذجاً لذلك نظام علي عبدالله صالح عام ٧٨م في اليمن سنجد أن. بصمات التصهين فيه واضحة للعيان إذا تم قراءة ما بين السطور.
هنا سنجد أن عملاء بريطانيا في بلدنا بعد تأسيس الإمارات تم نقل معظمهم إلى أبو ظبي وكذلك عملاؤها من الهند وباكستان وإيران بعد سقوط الشاه تم نقلهم أيضا إلى الإمارات مع استمرارية نقل الأموال المغتصبة والمنهوبة، ولنأخذ نموذجاً ذلك تلك الأموال التي نهبها علي عبدالله صالح فمعظمها نقلت إلى الإمارات وكذلك عصابة شاه إيران.
لهذا فإن مراكز التصهين في المنطقة هي اليوم تتواجد في الإمارات وقرارها الأخير بالتطبيع مع إسرائيل هو فقط لنقل وإشهار هذه المشاريع التطبيعية من السرية إلى العلنية، وكذلك نقل بقية مشاريع التطبيع عبر الإمارات واستنساخ هذا القرار للعديد من دول المنطقة التي يوجد فيها نفوذ لنظام آل نهيان الاغتصابي أو التخريبي كما هو الحال في ليبيا وسوريا أو اليمن ، ولو نظرنا إلى مجمل مشاريع التطبيع سنجد أنه لا حصر لها بل هي متعددة وتأتي بأشكال وألوان مختلفة.
بالتالي كل ما تقوم به الإمارات في اليمن خصوصا في الجنوب وتعز وسقطرى والساحل الغربي هي مشاريع صهيونية بامتياز لكن بغطاء إماراتي لكي تساهم في نفس الوقت في استمرارية إنتاج السلطات الإسرائيلية والغربية، وعلى رأسها أمريكا باعتبار ذلك جزءاً من الدعايات الانتخابية التي قد يضعها ترامب ضمن إنجازاته كورقة يستغلها في موسم الانتخابات.
مع أننا قد تناولنا الكتابة عن مشاريع التطبيع مع كيان صهيون عبر العديد من المنابر منها الصحافة وتحدثنا عن ذلك عبر الفضائيات منذ ٢٠١١م وحتى اليوم وقدمنا ترجمات متقدمة عن مطامع الصهيونية ودور كيان آل نهيان في المنطقة لصالح لوبيات التصهين، فكان ذلك من منطلق حصولنا على بعض المعطيات التي توفرت ومن باب حرصنا على بلدنا والمنطقة بشكل عام.
لهذا فإن مشاريع التطبيع مع الصهاينة متعددة في المنطقة لكن كيف نتمكن من فهمها ومن ثم تصويبها على كافة الأصعدة على اعتبار أن فهم المشكلة جزء من الحل ؟
هذه المشاريع سبق أن فضحها الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي في العديد من المحاضرات، وأسس مشروعا ثوريا لمكافحتها فكانت، ترجمته متقدمة وكأنه ينظر إلى واقع اليوم، فسلام الله عليه ومن يغوص في عمق ترجمة تلك المحاضرات سيجد إدراكه العميق لهذه القضايا ، بعد أن تناول شرح كيفية ترويجها في الساحة العربية والإسلامية وكيف تحولت كثقافة لدى المجتمعات الاستهلاكية ، كما أن السيد القائد عبدالملك الحوثي حذر ويحذر بصفة مستمرة من خطر هذه المشاريع التطبيعية مع الأخذ بعين الاعتبار أن ثورة ٢١سبتمبر هي ثورة ضد المشاريع التطبيعية مع إسرائيل.
وبحكم مسؤوليتنا اليوم أمام ضمائرنا وأمام الله والوطن أنصح بمواجهة ومكافحة أي مشاريع تطبيعية مع إسرائيل.
وأخيراً سوف أطلق صرختي الثورية والجهادية لأنها صرخة ضد التطبيع الصهيوني.. لأنها صرخة تصب نحو التحرير والتحرر..صرخة ضد الفساد والاستعباد والاستبداد.. صرخة أقولها بصوت عال:
الله أكبر ، الموت لأمريكا ، الموت لإسرائيل ، اللعنة على اليهود ، النصر للإسلام.
* نائب وزير الإعلام