محافظة صعدة تغطي الأسواق المحلية مع إمكانية التصدير للخارج
22 ألف طن إنتاج اليمن من التفاح العام الماضي في مساحة زراعية ألفين و205 هكتارات
العدوان السعودي تسبب في تدني الإنتاج نتيجة استهداف طيرانه للمزارع في صعدة وعدد من المحافظات
مدير مكتب الزراعة بصعدة:
– القطاع الخاص دعم زراعة التفاح من خلال إنشاء 24 مخزن تبريد بسعة “130 – 140 ألف سلة” لكل مخزن
– استيراد التفاح الخارجي وعدم تفعيل القرارات النافذة لتشجيع تسويق وإنتاج محصول التفاح، أبرز الصعوبات والعراقيل
تنفيذاً لتوجيهات القيادة السياسية والثورية للاهتمام بالجانب الزراعي كأولوية وضرورة قصوى تحتاجها المرحلة التي تمر بها البلاد وهي تخوض معركة التحرر من الهيمنة الخارجية بما فيها الهيمنة الاقتصادية لدول الاستكبار العالمي ولما تمثله الزراعة في الجانب الاستراتيجي البعيد والقريب لتحقيق الاكتفاء الذاتي الزراعي لإعادة تثبيت ثقافة الاعتماد على الأرض والزراعة والإنتاج المحلي فيما يتعلق بالغذاء, تشهد بلادنا حاليا حركة واسعة في الاهتمام بالزراعة وإنتاج المحاصيل المحلية التي تستطيع تغطية السوق المحلية وتتجاوز ذلك إلى التصدير للخارج، وبدأ اليمنيون يتوجهون للزراعة كقضية مهمة ومصيرية وممكنة جدا خاصة أن اليمن تتميز بالتنوع الزراعي والمناخ والتربة والمساحات الشاسعة في مختلف المناطق والمحافظات وهو ما يؤهل شعبنا ووطننا اليمني لأن يكون قوة اقتصادية وزراعية كبرى في المنطقة والعالم..
“الثورة” تقدم أحد نماذج الزراعة المحلية الناجحة وهي زراعة التفاح المحلي وتستعرض أبرز ما تشهده هذه الفاكهة خلال الفترة الحالية:
الثورة / أحمد السعيدي
تعتبر شجرة التفاح من عائلة الأشجار الوردية التي لها قيمة غذائية كبيرة، حيث يشتهر التفاح بفوائده الصحية العظيمة ويقال إن “تفاحة يوميا ً تبعد عنك الطبيب كل يوم “فهو غني بمضادات الأكسدة والفيتامينات B – C المركبة، والمعادن الضرورية ،والألياف الغذائية، وتصنف ثمار فاكهة التفاح اليمني في الأغلب، ضمن الزراعات العضوية نتيجة خلوها في الأغلب من المبيدات اللازمة لمكافحة الآفات وتعتبر المناطق المعتدلة والباردة من أفضل المناطق لزراعة التفاح، إذ تحتاج شجرة التفاح لمتوسط درجة حرارة تتراوح بين 20.5 – 17.7 درجة مئوية وتنتج شجرة التفاح خلال 3-2سنوات من عمرها ويصبح إنتاجها اقتصادياً في السنة الرابعة، والذي يغطي المنتج تكاليف الإنتاج ويوفر للمزارع الربح وهناك العديد من الآفات الزراعية التي تصيب شجرة التفاح بحسب المهندسين والمختصين تتمثل في اللفحة النارية، التدرن التاجي، من القلف، حفار ساق التفاح، اللديدان الكيسية، المن، القطني، حشرات قشرية، العناكب، البياض الدقيقي وجرب التفاح.. وهي آفات تنتشر على مدى العام، نتيجة عدم قيام المزارعين بتطبيق إجراءات وممارسات زراعية وقائية قبل الحصاد فضلا عن عدم تقيد المزارعين بالتقليم المناسب لأشجار التفاح لكي يجنبها الإصابة بالبياض والبق الدقيقي الناجمة جراء الرطوبة الزائدة خاصة خلال موسم هطول الأمطار.
التفاح المحلي… تدمير وبناء
تسبب العدوان السعودي الأمريكي في تدني إنتاجية فاكهة التفاح وتراجع المساحة الزراعية في البلاد خلال الخمس السنوات الماضية، من خلال قصف طيران العدوان لمعظم مزارع الفواكه بمحافظة صعدة وعدد من المحافظات، خاصة التفاح والرمان، حيث تضررت البنية التحتية للقطاع الزراعي وأثر ذلك سلباً على برامج ومجالات الأمن الغذائي في البلاد.
وبعزيمة عالية للنهوض بالزراعة يتم خلال الفترة الحالية عبر وزارة الزراعة والري تنفيذ برامج إرشادية مكثفة لتوعية المزارعين في مختلف المجالات، سيما زراعة الفاكهة إلى جانب اضطلاع البحوث الزراعية بدورها في إيجاد تقانات واستنباط أصناف جيدة من هذه الثمار ذات إنتاجية وجودة عالية وكانت النتيجة أن شهدت أسواق الفواكه والخضروات في مختلف المحافظات هذه الأيام تدفق كميات كبيرة من ثمار التفاح وبأسعار مناسبة، يتراوح سعر الكيلوجرام الواحد من 500 – 700 ريال وتتفاوت الأسعار وفقا لجودة الثمار ونوعية الأصناف منها وتنتشر زراعتها في عدة محافظات يمنية بنسب متفاوتة، لتشهد هذه الأيام زيادة في المساحات المزروعة ، ضاعفت كمية الإنتاج رغم ظروف العدوان والحصار الغاشم. وبحسب آخر إحصائيات وزارة الزراعة والري للعام 2019 فقد بلغت المساحة المزروعة بالتفاح نحو 2.205 هكتارات، في اليمن قدر إنتاجها بـ 21.946 طناً، بنسبة زيادة عن العام 2015م 4.260 طنا وتحتل محافظة صعدة المركز الأول من حيث المساحة المزروعة المقدرة بـ 1037هكتارا، حيث بلغت كميات إنتاجها نحو 11.638 طنا، فيما حازت محافظة مارب على المركز الثاني حيث بلغت كميات إنتاجها 2.278 طنا، على مساحة 217 هكتاراً كما تأتي محافظة عمران في الترتيب الثالث، بزراعة مساحة 253 هكتارا وإنتاج 2.007 أطنان، فيما توزعت بقية المساحة والكمية المنتجة على محافظات ذمار، صنعاء، الجوف، إب والبيضاء وغيرها من المحافظات.
صعدة بـ 95 % من المنتج
محافظة صعدة، وهي من أكثر المحافظات اليمنية زراعة وإنتاجا ً لمحصول التفاح لامتلاكها بيئة مناسبة مؤهلة لزراعته، إذ يعد من أهم المحاصيل والموارد الاقتصادية في هذه المحافظة، التي تشهد إنتاج ما نسبته 95 % من المنتج المحلي. ويزرع في صعدة صنفان من التفاح الصنف الأول “عنا” وهو صنف قليل التعرض للبرودة لا يتحمل أكثر من 250 ساعة، ما بين 7-0 درجات مئوية طوال موسم الشتاء وبنيته هشة وكذلك الصنف الثاني “علي شامير” وهو صنف قليل التوسع موزون بنيته قوية يتحمل النقل والتخزين والتعبئة والتغليف وهو كذلك سكري الطعم، وهذا الصنف يعمل على تقليل الخسائر ما قبل وما بعد الحصاد لقوة وصلابة الشجرة.
المهندس زكريا المتوكل- مدير عام مكتب الزراعة بمحافظة صعدة، أكد لـ”الثورة ” توسع المحافظة في زراعة التفاح خلال العام الماضي 2019م. منوها بأن زيادة سعره في السوق المحلية خلق دافعا لدى المزارعين للتوجه نحو زراعته بعد أن تلاشت خلال السنوات الأخيرة بسبب تركيز الاهتمام بزراعة أشجار القات وبيعه في المناطق الحدودية بأسعار منافسة، وهو الأمر الذي انعكس سلبا على زراعة التفاح والرمان، حيث شهدت انحسارا ًنسبيا ًفي الأعوام السابقة بمحافظة صعدة.
وأضاف مدير مكتب الزراعة بصعدة في حديثه لصحيفة لـ” الثورة” إن قرار إغلاق الحدود الشمالية مع السعودية ومنع إدخال القات إليها لتفادي جائحة كورونا، كان دافعا لتوجه بعض المزارعين نحو زراعة أشجار التفاح والرمان وأن مكتب الزراعة زرع مؤخرا نحو 7 آلاف شتلة حامض سيتم تطعيمها بصنف على شامير، حيث سيتم التوسع بإدخال هذا الصنف ضمن زراعة التفاح (أحمر، أصفر، أخضر) كحقل إيضاحي في مزرعة المقاش التابعة لمكتب الزراعة.. مؤكدا أنه سيتم توزيع عدد من هذه الشتلات، “أمهات” للمزارعين خلال الفترة القادمة وهناك توجهات من المكتب لإنشاء سوق مثالي وبرادات مركزية سعتها أكثر من 1000 طن، وهي ضمن المشاريع المدروسة لدى الجهات المانحة، وسيتم تنفيذها بالشراكة مع الهيئة العامة للزكاة خلال الفترة القريبة القادمة.
أما عن دور القطاع الخاص وأبرز الصعوبات والعراقيل التي يواجهها محصول التفاح فقد قال المتوكل:
” نشكر الدور النشط والفاعل للقطاع الخاص في دعم وتنمية زراعة التفاح من خلال قيامه بإنشاء 24 مخزن تبريد بسعة 130الفا – 140الف سلة لكل مخزن، وعن الصعوبات والعراقيل التي يواجهها محصول التفاح فتتمثل في عدم تفعيل القرارات النافذة لتشجيع تسويق وإنتاج محصول التفاح، فضلا عن استيراد التفاح الخارجي كما ندعو إلى ضرورة زيادة الرسوم الجمركية على منتج التفاح الخارجي، وتشجيع الإنتاج المحلي، وخفض الرسوم الجمركية لمخازن التبريد الوحيدة للمنتجات الزراعية، واللحوم، ومشتقات الألبان”.
50 ألف سلة تفاح
وبدوره تحدث مدير التسويق والتجارة الزراعية بوزارة الزراعة والري المهندس منير محمد المحبشي أن الأسواق المحلية تستقبل هذه الأيام كميات كبيرة من ثمار التفاح في مؤشر لافت لارتفاع الإنتاجية من ثمار هذه الفاكهة حيث استقبلت منذ بداية الموسم الزراعي ما يقارب 50 ألف سلة تفاح من محافظة صعدة رغم العدوان والحصار الذي تشهده البلاد منذ خمس سنوات، واعتبر غزارة الأمطار والسيول المتدفقة على الأودية والقيعان الزراعية وحقول زراعة التفاح بمناطق زراعته من أبرز العوامل المساهمة في رفع إنتاجية وجودة هذا المحصول وأن صعدة هي المحافظة الأكثر إنتاجا لثمار التفاح والتي تغذي أسواق اليمن بهذه الثمار طوال العام تقريباً.. مبيناً أن ثمار التفاح المحلي تتواجد في الأسواق على مدار تسعة أشهر من العام، وبحسب بيانات الإحصاء الزراعي، بلغت إنتاجية اليمن من ثمار التفاح 16 ألفا و706 أطنان من مساحة مزروعة بأشجار هذه الفاكهة، قدرها ألفان و 148 هكتاراً خلال العام 2018م.
اهتمام حكومي
الحكومة هي أيضا شجعت زراعة التفاح المحلي وعبر وزارة الصناعة والتجارة بقرارها منع استيراد التفاح الخارجي لتشجيع ودعم الإنتاج المحلي من هذا المحصول الذي تضاعف بشكل كبير خلال هذا الموسم وذلك لتجنيب المزارع المحلي الخسارة نتيجة المنافسة غير العادلة مع المنتج الخارجي، فتهدف الحكومة إلى حماية وتشجيع المنتج الوطني الزراعي من المحاصيل النقدية المختلفة لتغطية احتياجات السوق المحلية بما يعزز من سيادة واستقلال الوطن والحفاظ على الإمكانيات المالية من العملات الأجنبية التي يتم استنزافها في استيراد المنتجات والسلع الخارجية ولجأت الحكومة لاتخاذ جملة من التدخلات لتشجيع إنتاجية البلاد من محصول وثمار التفاح وتشجيع المزارعين للتوسع في زراعة وغرس أشجار هذه الفاكهة فبالإضافة الى منع استيراد المنتج الخارجي في موسم إنتاج التفاح البلدي بشكل تدريجي وتمكين المزارعين من تحقيق أرباح مجزية من عائدات التسويق لثمار فاكهة التفاح فقد تم توجيه المستوردين إلى الاستثمار في مجال الإنتاج المحلي بما يشجّع التوسع في زراعة وإنتاج المحاصيل الزراعية المختلفة ومنها التفاح.
وأعلنت وزارة الزراعة عن خطة وبرامج لتحسين وتطوير إنتاجية ثمار التفاح لتكون منافسة بقوة في السوق المحلي والخارجي وفقاً لمراحل تدريجية يتم اتخاذها في هذا الجانب، كما تتضمن تدخلات الوزارة في مجال التعبئة والتغليف والتسويق للمنتجات المحلية، وبدورها شرعت المؤسسة العامة للخدمات الزراعية التابعة لوزارة الزراعة بتنفيذ خطة تسويقية لبيع 30 ألف سلّة تفاح تم شراؤها من مزارع محافظة صعدة، بهدف تشجيع المزارعين للتوسع في زراعة أشجار التفاح والمساهمة في رفع الإنتاجية وتوفير الأمن الغذائي.
كما كثفت الوزارة من البرامج الإرشادية لتوعية المزارعين بمناطق زراعة التفاح بالأساليب الحديثة والطرق السليمة في زراعة الأشجار من خلال تعريف المزارعين بكيفية غرس الأشجار وأهمية الالتزام بالمواعيد الزراعية وطرق الري الحديث وكذا كيفية مكافحة الآفات النباتية التي تصيب الثمار وعمليات التعشيب والتقليم وغيرها من المعاملات الزراعية.
وتم خلال الفترة الماضية تنفيذ حقول إيضاحية كبيرة لمزارعي التفاح في محافظة صعدة وكذا تنفيذ أنشطة إيضاحية وإرشادية بالتنسيق مع الإدارة العامة للإرشاد والإعلام الزراعي ومكتب الزراعة والري بالمحافظة.. مبيناً أن تلك الأنشطة أحد تدخلات وزارة الزراعة لتطوير وتحسين إنتاجية ثمار التفاح في اليمن فبحسب الإدارة العامة للإرشاد الزراعي، فإن جهل بعض المزارعين بالمعاملات الزراعية الصحيحة من ري وتقليم وجني الثمار ومعاملة البذور أحد الأسباب المؤدية لتدني إنتاجية الثمار وجودتها، كما أن تسابق المزارعين واستعجالهم في جني الثمار قبل نضجها لتحقيق عائدات ربحية كبيرة، أبرز العوامل التي تؤدي إلى تدني إنتاجية وجودة الثمار وتأتي أهمية الاستراتيجيات البحثية التي تقدمها الوزارة في استنباط الأصناف الجيدة وذات الإنتاجية لمحاصيل الفاكهة خاصة التفاح وبما يساعد على تشجيع المزارعين ومساعدتهم على تحقيق عائدات ربحية من منتجاتهم من ثمار الفاكهة إلى جانب الإسهام في الحفاظ على استمرار تدفق الثمار إلى الأسواق لأطول فترة ممكنة من الموسم بالإضافة الى دراسات وأبحاث كثيرة في مجال تطوير وتنمية ثمار الفواكه ومنها التفاح وعملية تطبيقها وإيصالها للمزارعين، تؤكد ارتباط تطوير وتنمية ثمار هذه الفاكهة بالجانب الإرشادي المعني بإيصال المعلومات الزراعية إلى المزارعين سواء كانت تقانات حديثة أو نتائج التجارب البحثية أو استنباط الأصناف والترويج لها وأنشطة مساعدة على تنمية إنتاجية وجودة الثمار.