كانت سارة مهدي محظوظة عندما نجت من الموت أثناء المخاض لكن وليدها قضى بعد لحظات فقط من مجيئه إلى الحياة.
حاولت سارة الحصول على ولادة آمنة في احد المشافي الحكومية المتخصصة في خدمات في الأمومة والولادة الآمنة بصنعاء لكن محاولتها لم تنجح فهناك لا تتواجد إلا طبيبة واحدة في قسم الولادة الذي يكتظ بالنساء الحوامل ممن هن في مرحلة الوضع، والسبب في ذلك كما تقول الجهات المختصة المخاوف التي أصابت العاملين في القطاع الصحي من انتشار وباء كورونا إضافة إلى الوضع الصحي المتهالك بسبب العدوان والحصار الذي تسبب في انعدام الكثير من المواد والمستلزمات الطبية الأمر الذي دفع بالكثير من مراكز التوليد المجانية إلى إغلاق أبوابها.الاسرة / زهور عبدالله
وتقول الجهات المختصة إن أكثر من 50 %من المرافق الصحية في البلاد أصبحت خارج الخدمة وضاعف تفشي وباء كورونا من التهديدات المحدقة بأرواح اليمنيات وخاصة النساء الحوامل اللاتي حرمن من الخدمات الصحية وذلك في ظل الإجراءات المتخذة للحد من انتشار فيروس كورونا.
وتتوقع الأمم المتحدة وفاة أكثر من 48 ألف امرأة بسبب مضاعفات الحمل والولادة في اليمن جراء النقص الحاد في التمويل واحتمال إغلاق مرافق الصحة الإنجابية بسبب استمرار العدوان على البلاد إضافة إلى المخاطر المتزايدة التي يشكلها فيروس كورونا.
عدم توفر الرعاية الصحية
سارة التي فقدت جنينها مؤخرا هي واحدة من عشرات آلاف النساء الحوامل اللواتي لم يستطعن الحصول على الرعاية الصحية والولادة الأمنة بسبب عدم قدرة المراكز الصحية والمستشفيات على استقبال كل حالات النساء والولادة.
وتشير التقارير الأممية إلى أن امرأة يمنية على الأقل تموت كل ساعتين أثناء الولادة ومقابل كل امرأة يمنية تموت خلال الولادة تعاني 20 امرأة أخرى من إصابات أو عدوى أو إعاقات يمكن الوقاية منها.
وتقول السيدة سارة وهي تعيش حالة من الحزن والحسرة على خسارة جنينها بأنها ذهبت عندما كانت تعاني الأم المخاض إلى أحد أقسام الرعاية الصحية المجانية التابعة لإحدى المنظمات الخيرية ولكنها تفاجأت أيضا بإغلاقه للتعقيم بعد أسابيع من إجازة العيد لتعود إلى منزلها للولادة ولكن وليدها مات بعد لحظات من رؤيته النور
وتخوض المرأة اليمنية رحلة معاناة لا تتوقف إلا بتوقف حياتها في معظم الأحيان خاصة بعد تفشي وباء كورونا الذي أصبح خطرا إضافيا يهدد حياة الملايين من اليمنيين وخاصة النساء.
الخوف من عدوى كورونا دفع بالكثير من النساء والحوامل للبقاء إلى المنزل وعدم الذهاب للمستشفيات لتلقي الرعاية الطبية وإجراء الفحوصات اللازمة، وأدى انتشار هذا الوباء إلى عدم قدرة كل المراكز الصحية والمستشفيات باستقبال كل حالات النساء.
وتقول الدكتورة نبيلة السيد وهي طبيبة نساء وولادة إن المرأة الحامل لا تستطيع الحصول على الرعاية الطبية المتكاملة بسبب نقص الأدوية والمستلزمات الصحية بسبب العدوان المتواصل على اليمن لأكثر من خمس سنوات وضاعف فيروس كورونا معاناتها حيث أغلقت بعض مراكز الولادة، فيما يعاني القليل من المراكز المتبقية من نقص الكادر الصحي.
وتضيف السيد: هناك الكثير من المعوقات أمام الأمهات خلال سعيهن لتلقي الرعاية اللازمة لإنقاذ حياتهن وقد باتت كثير من النساء يفضلن الولادة في المنزل بدلا من الذهاب إلى المستشفى خوفا على حياتهن من عدوى كورونا رغم المخاطر التي قد تتعرض لها المرأة نتيجة مضاعفات الولادة في المنزل والتي قد تصل إلى الوفاة.
وتجد كثيراً من النساء والأسر صعوبة في اتخاذ القرار بشأن التماس الرعاية الطبية بسبب الرعاية المتدنية أو المعاملة السيئة في المرافق الصحية أو بسبب التكاليف الباهظة للخدمة وأيضا تأخير الوصول إلى المرفق الصحي المناسب واستغراق وقت طويل للوصول إلى المرفق الصحي الملائم بسبب عدم وجود المواصلات أو عدم وجود الإمكانيات المالية للنقل سريعا أو صعوبة الطرق أو ضياع الوقت أثناء الانتقال من مرفق غير ملائم إلى مرفق ملائم وكذلك تأخير المعالجة المناسبة وتلقي النساء اقل مستوى من الرعاية الطبية أو بطيئة في المرافق الصحية بسبب تدني نوعية الخدمة لافتقار بعضها للبنية الأساسية (المياه والكهرباء والمعدات الطبية) وبعضها تعاني من عدم وجود الكوادر أو نقص في تدريبها أو عدم التزامها بالعمل وبعضها تفتقر لإمدادات الأدوية الأساسية وتوفير الدم الآمن ويبقى العدوان هو السبب الرئيسي والمباشر في تدني الخدمات الصحية.
كورونا خطر آخر
وتقول الطبيبة افراح الاديمي – أخصائية برامج الصحة الإنجابية بمكتب صندوق الأمم المتحدة للسكان في اليمن إن الكثير من النساء يعانين من مخاطر الحمل والولادة وخاصة بعد تفشي جائحة كورونا الوبائية الأمر الذي جعل المرأة تفضل البقاء في منزلها خوفا من العدوى وعدم تلقي الرعاية الصحية اللازمة في حال ذهبت إلى المرفق الصحي والنقص الحاد في التمويل للمرافق الصحية الإنجابية. وتضيف: ” أكثر من 4 ملايين من النازحين وغالبيتهم من النساء والأطفال يفتقرون لأبسط الخدمات مثل الغذاء والدواء والمأوي والكساء والأمن، مشيرة إلى أن هناك حاجة لتضافر جهود كل المؤسسات في سبيل الاستجابة لهذه الاحتياجات الهائلة والضرورية.
تقارير
وتوضح تقارير منظمات مدنية أن واحدة من كل ثلاث نساء يرغبن في استخدام أدوات تنظيم الأسرة ولكنهن لا يستخدمنها أو لا يجدنها وهناك 6 ولادات من أصل 10 بدون طبيبة أو قابلة واحتمال وفاة المرأة في اليمن بنسبة 1 من 60 أثناء الحمل أو الولادة كما تعاني أكثر من مليون امرأة حامل ومرضعة في اليمن حاليا من سوء التغذية و4 من كل 10 نساء لا يتلقين رعاية ما قبل الولادة من ممرضة أو طبيبة أو مركز صحي.
ويقول صندوق الأمم المتحدة للسكان إن “هناك حاجة إلى 24 مليون دولار إضافية لخطة الاستجابة لكورونا في اليمن، من أجل حماية العاملين الصحيين، وتمكين النساء والفتيات من الوصول إلى الخدمات الصحية”.
وطالب الصندوق الأممي بتمويل عاجل بقيمة 59 مليون دولار، لتوفير الرعاية الصحية الإنجابية المنقذة للحياة، وخدمات حماية المرأة حتى نهاية عام 2020م.
وتحذر ناتاليا كانيم، المديرة التنفيذية لصندوق الأمم المتحدة للسكان من العواقب الوخيمة على اليمنيات “في حال توقفت خدمات الصحة الإنجابية المنقذة للحياة، وستكون ملايين النساء والفتيات أمام مخاطر أكبر تهدد حياتهن “.
وتضيف كانيم “اليمن بحاجة ماسة إلى التمويل لإبقاء المرافق الصحية مفتوحة لحماية صحة وسلامة النساء والفتيات” ويشهد اليمن حاليا أسوأ أزمة إنسانية في العالم وفقا للأمم المتحدة إذ يحتاج حوالي 80% من السكان إلى مساعدات.
توقف المرافق الصحية:
بعد أكثر من خمس سنوات على العدوان على اليمن تأثر النظام الصحي في اليمن، ففي العام الماضي وصل صندوق الأمم المتحدة للسكان إلى أكثر من 3.5 مليون امرأة وفتاة بخدمات الصحة الإنجابية والحماية، حيث قدم الدعم لـ 260 من المرافق الصحية و3.800 من العاملين في مجال الصحة الإنجابية ولكن مع نفاد التمويل تم تقليص هذه البرامج أو إيقافها.
وقالت الوكالة الأممية إن ما يقرب من نصف جميع المرافق الصحية في اليمن لا تعمل أو تعمل بشكل جزئي فقط، حيث تقدم 20% فقط من المرافق الصحية خدمات صحة الأم والطفل بسبب نقص الموظفين الإمدادات وعدم القدرة على تغطية تكاليف التشغيل أو الأضرار الناجمة عن العدوان على اليمن.
ونشر صندوق الأمم المتحدة للسكان بيانات تشير إلى التأثير المدمر لجائحة كوفيد-19 في حال استمرار المرض لفترة طويلة في اليمن، وأشارت البيانات إلى إمكانية أن يرتفع وبشكل كبير عدد النساء غير القادرات على الوصول إلى أدوات تنظيم الأسرة وبالتال%