“كيسنجر”.. مشروع صهيوني يتكرر كل مائة عام بالفيروسات والصراخ

جميل أنعم العبسي
في مدى يبلغ قطره 30 كم فقط، يتجندل نصف مليون مستوطن صهيوني إلى الملاجئ، خشية بضع رشقات صاروخية وبالونات حارقة للمقاومة الفلسطينية، جيش كلاسيكي مترهِّل وحاضنة شعبية مادية وعنصرية أوهن من بيت العنكبوت ولن تتردد عن الفرار الكبير من أرض السمن والعسل، وربما الانتقام من سلطات أقحمتها في مقامرة مرعبة وخاسرة، في المقابل، جيوش عقيدة وقضية تحت الأرض وصواريخ ومسيَّرات وخنادق سلمان وسليماني الفارسي تستعد لاقتلاع الغدة السرطانية بعد انهيار خطوط الدفاع الأولى والأخيرة بالتكفير الوهابي ومشاريع خلافة إخوان الإنجليز وغلمان أرطغرل، قفل مميت لخيار الحرب، وخيار سلم فقد النور بالبصق على أعين صفقة قرنه المولودة دماً وسقطاً وخدجاً بناتو اعرابي يحتضن رايات الكيان ويقود فتوحات بني صهيون من اليمن إلى طهران وبغداد ودمشق وبيروت.
كابوس قادم يعززه عزم محور المقاومة على إنهاء الوجود الأمريكي في المنطقة، وما يعنيه ذلك حرفياً من تدشين مرحلة “فك رقبة الدولار” وإنهاء حقبة العقوبات وعربدة راعي البقر الأمريكي على العالم، قفل مميت آخر لخيار الحرب وخيار السلم طالما ظل حكم الدولة العميقة المتحيزة لوحوش بشرية فائقة الطغيان قائماً.
عدَّاد إعدام تنازلي يزيد من سرعته أزمات داخلية وخارجية لليانكي الأمريكي وغلمان صهيون، والحل طفرة مواجهة من نوع ما، حرب غير تقليدية تصنع الفارق المرجو، لكن هناك شروطاً وأسساً لهذه الحرب تتمحور حول ثلاث قواعد هي “ضمان بقاء اليهود الصهاينة في الأرض المحتلة دون فرارهم من جحيم وحمم وبراكين المقاومة، حرب سريعة وخاطفة ومضمونة، والأهم نقل أكبر قدر من يهود العالم إلى فلسطين المحتلة”.
والطفرة تستجيب من أحد معامل ومختبرات الفيروس الصديق للبلاستيك الاصطناعي العدو للخشب والأوراق الطبيعية، بفترة حياة تزيد بالصناعي وتنحسر بالطبيعي، ليصبح أول مخلوق كاره للطبيعة محباً للصناعة وهو المؤشر على المنشأ غير الطبيعي، وليُعرف لاحقاً بكورونا المستجد الذي طوَّر نفسه!.
إخراج الكيان للوجود
بريطانيا الاستعمار تُخرج عبدالعزيز بن سعود من الكويت، وتعيد النشاط والحيوية لفيروس التكفير الوهابي السعودي من جديد، والفيروس يجتاح شبه الجزيرة العربية من جديد، والحرب العالمية الأولى تندلع، والسلطنة العثمانية وروسيا القيصيرية للزوال، وفيروس الطاعون بالظهور عالمياً كذلك، ثم عالم جديد بعصبة الأمم المتحدة والإنتداب وسايكس بيكو التقسيم بعد التكفير الوهابي، وبريطانيا تحتل فلسطين، والحرب الأهلية الروسية تندلع بين الرفاق البلاشفة والمناشفة، فظهر الصراخ المتكرر “يهود روسيا يتعرضون للمجازر” في أوكرانيا وجزيرة القرم واليهود في خطر.
وبن سعود يصرخ “اليهود مساكين ولا مانع عندي من إعطاء فلسطين للمساكين اليهود أو غيرهم، كما تراه بريطانيا، التي لا أخرج عن رأيها، حتى تصيح الساعة”، وتم نقل يهود روسيا إلى فلسطين المُحتلة بالإنجليز حلفاء بن سعود، عبر تحالف حزب عمال بني صهيون الروسي الماركسي مع الحزب الشيوعي الروسي.
ولاحقاً الرأسمال الصهيوني اليهودي يفتعل أزمة اقتصادية عالمية، والمصانع تُسرِّح العمال ثم الكساد العالمي الاقتصادي، واليابان تكتسح الصين عسكرياً، وإيطاليا تحتل إثيوبيا، وألمانيا هتلر تجتاح أوروبا، وعصبة الأمم عاجزة، ولتندلع الحرب العالمية الثانية، والصراخ الجديد القديم يعلو مجدداً “يهود أوروبا تعرضوا لمحارق الهولوكوست” واليهود في خطر، ثم عالم جديد بالأمم المتحدة، وليتم نقل يهود أوروبا إلى فلسطين المُحتلة، ثم قرار تقسيم فلسطين بين العرب واليهود، وإعلان قيام الغدة السرطانية، والاتحاد السوفييتي الصديق يعترف، وأمريكا الإمبريالية تبارك، والمسلمون الأتراك كذلك في نعيم العلمانية الغربية، فالإسلام هو سبب تخلف تركيا العثمانية حسب كلام ثوار تركيا “مصطفى كمال أتاتورك” و “عدنان مندريس” و”عصمت أينونو”، والمسلمون الفرس تحت حكم الطاغية “رضا بهلوي” صديق بن سعود وحليف الأمريكان، والوطن العربي تحت الاحتلال الغربي، والجهاد الوهابي غير موجود، فالشيعة أخطر من اليهود، وربيع الإخوان غير موجود، فالشيوعية أخطر من الاستعمار، والوطنية والقومية أصنام تعبد من غير الله يجب تحطيمها، حسب مؤلفات “سيد قطب” صنو الإخوان المسلمين العالمي الإنجليزي.
فيروسات لخدمة بني صهيون
قبل قرنين أخرج القبطان البريطاني الصهيوني فيروس التكفير الوهابي للوجود في نجد قرن الشيطان، وبعد مائة عام -قد تزيد أو تنقص- ومن بنك الفيروسات المتجمدة والمُجمدة، الولايات المتحدة الأمريكية تُخرج الفيروسات، بل تنتج أصنافاً وأنواعاً وأشكالاً وأجناساً متعددة وأجيالاً من الفيروسات المُمرضة والقاتلة، وتنشرها في ديار العرب والمسلمين.
والبداية كانت من أفغانستان بالجهاد الوهابي التكفيري، ثم العالم وأمريكا ونيويورك مكان تجمع اليهود، فالسبب مجهول معلوم “بني صهيون”، والمُتسبب فيروسات، والأعراض متعددة، كساد اقتصادي، تقليص عدد السكان، ظهور اليمين المتطرف الأمريكي والأوروبي، ديكتاتورية عسكرية، فوضى عالمية، تحطيم الأمم المتحدة ومنظماتها عاجزة و”شاهد ماشافش حاجة”، وظهور نزعات انفصالية تدعو لتفكيك فيدرالية أمريكا، وتفكيك الاتحاد الأوروبي، وحتى تفكيك إسبانيا وإيطاليا وبلجيكا والنمسا، وتفكيك اسكتلندا وإيرلندا عن بريطانيا، وغزو واحتلال هنا وهناك، مشابه لما حدث قبل وأثناء الحرب العالمية الثانية مع أمراض، والصراخ السحري المتكرر “اليهود في خطر”، والطموح هذه المرّة حكومة عالمية بدون أوطان وقوميات، وسيادة تحكم شعوباً خانعة ذليلة استهلاكية، وتعميم ثقافة الحياة بالاستهلاك والانبطاح.
الكاهن كيسنجر!
بينما كانت فيروسات التكفير وربيع الإخوان وجندرمة أردوغان وخونة الدين والشعب والأوطان وثوار السفارات وأصحاب المشاريع المناطقية تفعل فعلها في ديار المسلمين، ظهر مُهندس العالم الجديد الذي أخرج مصر من الصراع العربي-الإسرائيلي باتفاقية كامب ديفيد بتحويل انتصار أكتوبر العسكري إلى هزيمة استراتيجية سياسية تاريخية انتهت بإسرائيل صديق ومحور المقاومة عدو، المهندس الذي كبح جماح الصين بخطة “توازن الرعب النووي” بتمكين الهند من السلاح النووي الموجه حصرياً نحو الصين وبإشراف أمريكي عند الصدام المنتظر بين الصين وأمريكا، وزير خارجية أمريكا السابق الثعلب الداهية “هنري كيسنجر”، في مقال جديد له عن فيروس كورونا أورد فيه بأن “التحدي التاريخي الذي يواجه قادة العالم في الوقت الراهن هو إدارة الأزمة وبناء المستقبل في آن واحد لإطلاق مشروع الانتقال إلى نظام ما بعد كورونا”، كيسنجر أكد أيضاً أن “الإخفاق في العمل على المحورين في آن واحد قد تترتَّب عليه نتائج سيئة”، معتبراً أن “الفشل في هذا التحدي قد يؤدي إلى إشعال العالم”.
كيسنجر صاحب الخطة الإسعافية لإسرائيل بصفقة القرن المولودة سقطاً وخدجاً، ينتقل للخطة “ب” بإسرائيل الكبرى، وشيفرة المرور بالقصد والمراد والهدف الاستراتيجي “حكومة صهيونية تحكم العالم” وبشكل مباشر من القدس المُحتلة، طبقاً لتعاليم التلمود وأفعال الصهيونية العالمية المهيمنة على العالم بشكل غير مباشر من لندن بريطانيا العظمى ثم من واشنطن أمريكا الإمبريالية بمفهوم الدولة العميقة، والخطة “ب” بعد الخطة “أ” عندما ظهر الكاهن الصهيوني كيسنجر في البيت الأبيض وعلى العكاز وبأمر عاجل ومستعجل لسيد البيت الأبيض ترامب بالإسراع بالتطبيع العلني الخليجي-الإسرائيلي، لإخراج حلف الناتو المتصهين بعرب التطبيع وأعراب الخليج ولص حلب أردوغان وبقيادة إسرائيل، والحلف المنتظر ولد ميتاً.
ومنذ شهرين يتابع ويطمئن كيسنجر على صحة الجنين الجديد “إسرائيل الكبرى”، مبشراً جريدة “ديلي سكيب” الأمريكية بأن: “الحرب العالمية الثالثة باتت على الأبواب وإيران ستكون هي ضربة البداية في تلك الحرب، التي سيكون على إسرائيل خلالها أن تقتل أكبر عدد ممكن من العرب وتحتل نصف الشرق الأوسط”، وبينما فيروس الكورونا يفعل فعله بالعالم وأمريكا ونيويورك، ظهر الكاهن اليهودي التلمودي الصهيوني “هنري كيسنجر” وهذه المرّة بدون عكاز بل محمولاً ومنذراً باستفحال الأوبئة والأمراض، ومبشراً بالعالم الجديد، بالتلمود لحكم العالم من القدس المُحتلة، تماماً كما حكم النبي والملك سليمان، عليه السلام.
وتناسى الكاهن وقوم التحريف والتزوير أن نبي الله سليمان -عليه السلام- دعا الله سبحانه وتعالى أن يؤتيه ملكاً لا ينبغي لأحد من بعده، وما بعد العالم الجديد للكاهن الصهيوني، أمريكا لم تعد أمريكا، بعد روسيا القيصرية لم تعد روسيا القيصرية، والحجاز لم يعد الحجاز، والشام لم يعد الشام، وكذلك سوريا والعراق ومصر وليبيا حتى قطاع غزة والضفة الغربية واليمن لم تعد اليمن.
الخراب الثالث.. مصير المفسدين في الأرض
قالوا الشرق الأوسط الكبير الجديد، والمستفيد الكيان الصهيوني، وحزب الله اللبناني المقاومة الإسلامية الثورية تفشل المشروع الصهيوني في المهد، تموز 2006م.
وقالوا اليمن الفيدرالي الجديد، والمستفيد أمريكا وإسرائيل، وأنصار الله المجاهدون يفشلون المشروع بثورة 21 سبتمبر 2014م.
وقالوا سوريا الجديدة سوريا الديمقراطية وهتف ثوار السفارات، والناتو “يا بثينة يا شعبان الشعب السوري منو جوعان”، يريد حرية وديمقراطية على مقاس إخوان الإنجليز ودواعش أردوغان، والجيش العربي الأول جيش سوريا الأسد والمقاومة يحبط المؤامرة.
فقالوا خلافة داعشية وتم إغراق سوريا بـ150 ألف داعشي تكفيري من كل أنحاء العالم، وسوريا في طريقها للخروج من وحل فيروسات الصهاينة والأمريكان.
اليوم الكاهن العجوز التلمودي يبشِّر العالم بعالم أكثر توحشاً، ومحور المقاومة بالمرصاد، ومن يحاول اليوم سرقة الخيرات وتقسيم الأوطان وتشويه الإسلام بعد هرطقات الصهيونية المسيحية والوهابية سيجد له شهاباً رصداً، سيجد له بركاناً وصماداً وذا الفقار وشهاباً وفاتحاً وجولاناً، وما خُفي أعظم مما كان، وما لم يكن بالحسبان سيكون بالمسيرة القرآنية المباركة، وأعلام الهُدى، سيكون بالقرآن الكريم والمجاهدين المؤمنين، فجاسوا خلال الديار بقوم أولي قوة وبأس شديد.
والخراب الثالث مصير المفسدين في الأرض، مُنتجي الفيروسات القاتلة، وعندها ستختفي كل الأعراض بسحق السبب والمُتسبب، بني صهيون في عقر مستوطناتهم تل أبيب وتحرير فلسطين كل فلسطين، والسحر سينقلب على الساحر بقوم مؤمنين، وكيدهم سيرتد إلى نحورهم بأعلام الهُدى الطيبين الطاهرين، قرناء القرآن الكريم، ومعهم المقاومون الثوريون لقوى الاستكبار والطغيان والظالمين.
وبدلاً من نقل يهود غرب أمريكا من النيل للفرات، سيتم تحرير فلسطين وإعادة المستوطنين الصهاينة اليهود إلى شتات أوروبا وأمريكا، ولا مكان لهم في ديار العرب المسلمين، بضاعتهم رُدَّت إليهم، كما رُدَّت بضاعة الخيانة والارتزاق إلى بن سعود وحفيد بن عثمان أردوغان، ولا نستثني من ذلك إعادة سلالات عائلات الخيانة بن سعود وآل خليفة وآل الشيخ الوهابي وآل نهيان وأذنابهم معهم إلى عواصم الاستعمار القديم والجديد اسطنبول ولندن وواشنطن، هذا إذا أَسعفهم ظرف المكان والزمان بالخروج سالمين من غضب الشعوب المقهورة منذ مجيئهم.
وبدلاً من عالم جديد صهيوني مُتصهين أكثر توحشاً من ذي قبل، سيكون وبعون القوي العزيز عالم جديد بدين الرحمة للعالمين، كل العالمين، ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين، وكان وعد الله مفعولاً بالقرآن الكريم وأَعلام الهُدى الطيبين الطاهرين والمجاهدين المؤمنين ومن معهم أشداء ورحماء، والحمد لله رب العالمين.

قد يعجبك ايضا