إجراءات العزل العام العالمية تؤدى إلى خفض الطلب على النفط بمقدار قياسي يبلغ 18.5 مليون برميل يومياً

كورونا يعصف باقتصاد الخليج.. والسعودية والإمارات الأكثر تضرراً!!

 

 

توقعات بتخطى الدين العام السعودي الـ 155مليار ريال وعجز بموازنة الكويت بحوالي 17 مليار دينار
إعادة هيكلة المؤسسات وتقليص حجم العمال وتخفيض الرواتب في مقدمة نتائج أزمة كورونا

الثورة / ساري نصر

منذ بداية مارس، شهدت البورصات السبع في دول الخليج سلسلة أداء مهتز، مع فقدان الأسواق الإماراتية في دبي وأبو ظبي، والسوق الكويتية أيضا أكثر من ثلث قيمتها، وسجلت سوق “تداول” السعودية، وأكبر سوق مالية في المنطقة، تراجعا قدره نحو 18% منذ بداية الشهر، وتراجعت شركة أرامكو العملاقة للنفط 12% منذ الأول من مارس، وتراجعت قيمتها السوقية إلى 1,57 تريليون دولار, وهذه الخسائر والتداعيات الكبرى المتوقعة لأزمة تفشى وباء كورونا قد تتجاوز الأزمة الإنسانية لتخلف خسائر اقتصادية كبرى ربما تعيد رسم المشهد الاقتصادي ببلدان العالم بصفة عامة ومنطقة الخليج بشكل خاص، ويشير خبراء الاقتصاد ببلدان الخليج وتقارير مؤسسات دولية كبرى إلى آثار غير مسبوقة سيتحمل كلفتها الجميع بدرجات متفاوتة وسيتبعها تقليص حجم العمالة الوافدة بتلك البلدان وتخفيض رواتب البعض الآخر وإعادة هيكلة المؤسسات بما يتواكب مع الأوضاع الجديدة.
إيرادات النفط
وعلى الصعيد العالمي توقعت شركة «ستاندرد تشارترد» أن تؤدي إجراءات العزل العام العالمية غير المسبوقة حول العالم، إلى خفض الطلب على النفط في أبريل بمقدار قياسي يبلغ 18.5 مليون برميل يومياً، مرجحة انخفاض الطلب السنوي على النفط في 2020 بمقدار 5.43 مليون برميل يوميا في المتوسط. وفق ما نقلت الراى الكويتية, ولفتت الشركة في تقرير لها، إلى أن التقديرات الحالية للإمدادات تشير إلى فائض قدره 21.8 مليون برميل يومياً في أبريل، مبينة أن احتياطي قدرات التخزين العالمية قد يمتلئ بحلول منتصف مايو المقبل، على أن يصل الفائض خلال الشهر نفسه إلى بواقع 19.5 مليون برميل يومياً، و13.7 مليون برميل يومياً في يونيو, وفى السياق ذاته توقعت شركة «رويال داتش شل» أن تشطب قيمة أصول، بما يصل إلى 800 مليون دولار في الربع الأول من 2020، عقب انخفاض أسعار النفط، ما تسبب في تباطؤ عمليات شركة الطاقة العملاقة، لافتة في تحديث لها قبل إعلان نتائج الربع الأول، إلى أنه نتيجة فيروس كورنا فإنها شهدت ضبابية كبيرة بشأن أسعار النفط والغاز والطلب عليهما.
وخفضت «شل» توقعاتها لأسعار النفط والغاز لعام 2020، ما أدى لمخصص خفض قيمة بعد حساب الضرائب في نطاق بين 400 و800 مليون دولار، مرجحة أن يتراجع إنتاجها بنسبة 4.5 % مقارنة بالربع الأخير من عام 2019، بينما من المقرر أن تنخفض أحجام الغاز الطبيعي المسال بنسبة 2.3 %, وفى تقرير للبنك الدولي إن من المتوقع أن تؤدي جائحة فيروس كورونا إلى تباطؤ حاد في نمو الاقتصاديات النامية في شرق آسيا والمحيط الهادي وكذلك الصين, مضيفا أن وضع توقعات دقيقة للنمو أمر صعب، بالنظر إلى التغير السريع للوضع، لكن تصوره الأساسي الآن يشير إلى أن النمو في الاقتصاديات النامية بالمنطقة سيتباطأ إلى 2.1 % في 2020، وإلى -0.5 % في تصور أقل مقارنة مع تقديرات نمو بنسبة 5.8 % في 2019.
انخفاض واضطرابات
ومن المحتمل أن تكبد أسعار النفط بين 30 و40 دولارا للبرميل هذا العام دول الخليج عشرات المليارات من الدولارات من إيراداتها، وتقول أرقام كابيتال إن السعودية قد تشهد ارتفاع العجز في موازنتها لعام 2020 إلى 16.1 % من التقدير السابق البالغ 6.4 % إذا كان متوسط أسعار النفط 40 دولارا للبرميل، أما إذا كان متوسط الأسعار 30 دولارا للبرميل فتقول أرقام كابيتال إن العجز سيقفز إلى 22.1 % وهو ما يعادل 170 مليار دولار وفقا لحسابات رويترز، وعلى النقيض من المنتجين الأصغر، يمكن للسعودية أكبر مصدر للنفط في العالم أن تعوض انخفاض الأسعار جزئيا بزيادة الإنتاج, ومع ذلك فقد قالت مصادر لرويترز إن الرياض طلبت بالفعل من مؤسسات حكومية تقديم مقترحاتها لخفض موازناتها بما لا يقل عن 20 %, وهذا ما يستدعي اتخاذ إجراءات تقشف من المحتمل أن تعرّض مشاريع تنويع الاقتصاد الضخمة لخطر التأجيل، ومما قد يزيد من الاضطرابات الاعتقالات الأخيرة التي طالت شقيق الملك سلمان بن عبد العزيز وابن أخيه الأمير محمد بن نايف، والتي أوحت بحدوث اهتزاز في الاستقرار السياسي وسط صمت حكومي علني.
اتساع العجز
ومع حدة انتشار فيروس كورونا وانخفاض أسعار النفط إلى أدنى المستويات زاد معها اتساع العجز في موازنات دول الخليج وعلى رأسها السعودية حيث أفاد محللون اقتصاديون أن السعودية ستتطلع إلى زيادة اقتراضها هذا العام، لتمويل عجز قدر أنه سيكون من 7-9% بنهاية العام، من توقع سابق عند 6.4 %، موضحين أن الحكومة ستقترض رغم احتياطياتها الضخمة واستثماراتها الكبيرة لأنها لا تريد تسييل أي منها، حيث أن سلمان قد وافق على زيادة سقف الدين إلى 50 % من الناتج المحلي الإجمالي بدلا من 30 %، مضيفين أن الحكومة لا تتوقع أن يتجاوز الاقتراض 50 % حتى 2022 وإن اقتراض العام الحالي لن يزيد على 100 مليار ريال وقد يكون أقل, حيث أن تفشي فيروس كورونا وهبوط أسعار النفط ضربة مزدوجة لا تترك لحكومات دول الخليج العربية خيارا يُذكر لتحقيق الاستقرار لموازناتها المالية في الوقت الذي تحاول فيه حماية اقتصادها من المخاطر والدفاع عن مستويات ربط عملاتها، وحتى السعودية ستواجه مصاعب رغم كونها صاحبة أكبر اقتصاد في المنطقة العربية وهي التي بدأت حربا مع روسيا من أجل حماية حصتها في السوق في أعقاب انهيار اتفاق بين منظمة أوبك وحلفائها في السادس من مارس آذار أدى إلى هبوط الأسعار بنسبة 30 %.
خلافات شديدة
وكان الانهيار السابق في أسعار النفط في العام 2014 قد دفع المنطقة التي تعتمد على صادرات الطاقة إلى تخفيض الدعم الحكومي للمواطنين واستحداث ضرائب لتنويع مصادر الإيرادات ومحاولة تقليص نظم الرفاهية والقطاع العام المتضخم، أما الآن فستجد حكومات مجلس التعاون الخليجي الست صعوبة في إدارة العجز في موازناتها أو زيادة الضرائب أو خفض الدعم بفعل التركيز على تحفيز النشاط الاقتصادي والتخفيف من أثر انتشار فيروس كورونا على سكانها.
وقد تعرضت العملات الخليجية المربوطة بالدولار الأمريكي منذ عشرات السنين لضغوط بفعل التوقعات بقلة السيولة وثمة اختلافات شديدة بين دول مجلس التعاون، فقطر تتمتع بفائض في الموازنة واقتصادها يعتمد على صادرات الغاز الطبيعي المسال الذي كان تأثره المباشر بأسعار النفط أقل شدة في حين أن اقتصاد عمان والبحرين وهما دولتان أصغر منتجتين للنفط وتعانيان من عبء الديون أكثر عرضة لتقلبات الأسعار، غير أن شركة أرقام كابيتال قالت إن “الصورة المالية العامة لدول مجلس التعاون الخليجي تتدهور تدهورا حادا”.
تداعيات الأزمة
إن حدة المشكلات والتأثيرات التي سوف تحدثها تداعيات أزمة كورونا علي العالم كله سيتركز الأثر الأكبر منه بقوة على منطقة الخليج العربي كما قال الدكتور يسري الشرقاوي مستشار الاستثمار الدولي ورئيس جمعية رجال الأعمال المصريين الأفارقة, موضحا أن موازنات وميزانيات دول منطقة الخليج سوف تتأثر بشكل كبير محدثه عجزا مؤكدا وذلك ناتج عن كون هذه الميزانيات كانت ميزانيات نفطية في المقام الأول وان أزمة كورونا تزامنت مع حرب نفطية, ومع توقف حركة الصناعة في العالم فكلنا يعلم حجم الانخفاض الحادث في سعر برميل النفط الخام الذي وصل مابين ٢٠-٣٠ دولارا في منتصف مارس الحالي الأمر الذي يؤكد تعميق عجز الموازنة في الكويت ليصل إلى ١٧ مليار دينار كويتي وزيادة الدين العام للمملكة العربية السعودية ليصل إلى ٥٪؜ من الناتج المحلي الإجمالي ،والذي سوف يتجاوز ١٥٥ مليار ريال في أفضل التوقعات وأحسن السيناريوهات مع توقع في انخفاض النمو ف الناتج المحلي الإجمالي السعودي من ٢.٣٪؜ كما كان مستهدفا إلى ١٪؜ وإن تم تحقيقه لأن الأمور لم تتوقف إلى الآن, وأضاف أن أوجه التأثر ستكون كثيرة ومتعددة في دولة مثل الأمارات التي تعتمد علا السياحة والطيران وذلك النشاط يكاد يكون متوقفا تماما كذلك الأمر في السعودية وما يتعلق بالسياحة الدينية التي توقفت تماما وهذا قطاع كبير جدا يعتمد عليه اقتصاد الدولتين ، وكذا التجارة الدولية والموانئ المحورية وحجم التجارة الدولية التي تتم علي الموانئ الإماراتية التي انخفض إلى معدلات غير مسبوقة.
شلل وركود
الدكتور صباح الخزاعي أكد أن القطاعات العقارية أيضا في الإمارات أصابها الركود تماما لانخفاض حركة التجارة والاقتصاد في الأسواق بل الأكثر من ذلك أن هناك بعض المشاريع بدأت في خفض الأسعار بحثا عن مشتر لاسيما بعد الإعلان عن تأجيل اكسبو٢٠٢٠، بالتأكيد سيكون هناك فقد فرص و وظائف والاستغناء عن عمالة وافدة ومحاولة التوسع في التوطين حتى يتم مساعدة أبناء الخليج على الحياة وتغطية تكاليف المعيشة وأوضح أن كل هذه الأوضاع الاقتصادية سوف تؤثر بالطبع في الأوضاع السياسية الداخلية والخارجية فعلى مستوى السياسات الداخلية أرى أن حكومات الخليج ومتخذي القرار أيقنوا تماما أهمية إعادة النظر في بعض السياسات الاقتصادية الداخلية فيما يتعلق بمفهوم الأمن الغذائي عبر الاكتفاء الذاتي لأن المال لم يشفع للاستيراد عندما انقطعت الرحلات ووسائل نقل الأغذية ،، كذلك السرعة في التحول وتحقيق الرؤى الموضوعة لتقليل الاعتماد علي النفط في الموازنات وهذا يستلزم سياسات داخلية معتدلة وإصلاحات سياسية وتشريعية وقوانين ونسخا جديدة ،سيكون هناك دور كبير لإعادة النظر في السياسات الخارجية بشأن التحالفات التجارية والنفطية والتي تخدم التوجه السياسي للمرحلة المقبلة.

قد يعجبك ايضا