الشهيد القائد.. العَلَمُ الذي ارتفعَ لتتهاوى أعلامُ الطاغوت
صلاح محمد الشامي
• الحروب التي تدور حالياً في العالم العربي وما حوله، بدأت من هناك، من الولايات المتحدة الأمريكية، وكان ابتداؤها بذلك الحدث العالمي المزلزل، الحدث المفتعل، الذي خططت له، ونفذته الإدارة الأمريكية آنذاك، والذي أُريد به أن يكون الذريعة التي تتحرك بها، لبداية عصر جديد من الصراع، والاحتلال، والاستحواذ، والسيطرة، وقهر البشرية، فقط لأن أمريكا تعرضت – حسب افتعالهم وادعائهم – للإرهاب، الإرهاب الذي صنعته الإدارة الأمريكية، والصهيونية، لتوجهه لما يخدم مصالحها، وبالطريقة التي تروقها، بالإرهاب.
• في الحادي عشر من سبتمبر سنة 2001م انقضّت طائرتان مدنيتان على برجي مركز التجارة العالمية، في قلب “نيويورك” ، وثالثة على مقر وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاجون” ، في “واشنطن”، وسقط في الحادث 2973 شخصاً، واختفى 24 آخرون، بالإضافة إلى آلاف الجرحى، ونقلت أجهزة التلفزة حول العالم الحدث بشكل مباشر، وارتجَّ العالم، ولم يتصور آنذاك زعماء العالم أن تكون أمريكا الصهيونية هي من فعل ذلك، ولم يجرؤ أحدٌ على اتهام أمريكا بتدمير نفسها بأيديها، وسرعان ما خرج الرئيس الأمريكي آنذاك بتصريح رسمي مفتعل أيضاً، اتهم فيه حركة طالبان بتنفيذ العملية، بواسطة 19 عنصراً عبر طائرات مختطفة، وسرعان ما توجهت الأساطيل الأمريكية، لتحتل أفغانستان، وتسقط حركة طالبان، ولم تكن طالبان هي الهدف الحقيقي للإدارة الأمريكية، بل كان الإسلام هو الهدف الحقيقي من وراء أكبر مكيدة سياسية في التاريخ الحديث.
• وفي “مَرَّان” ، كان السيد حسين بن بدر الدين الحوثي يرى الأمور واضحة جليّة، لم يكن يراها كما يراها زعماء العالم، وخاصة زعماء وملوك وقادة العالم العربي والإسلامي، الذين سيطر عليهم القلق، وتملّكهم الخوف على كراسيهم ومناصبهم -لا على شعوبهم- ، لذلك سارعوا إلى التقرب من أمريكا، وتركها تخوض في عالمنا الإسلامي، وكأنهم – فقط – يريدون تبرئة أنفسهم من التهمة التي قد توجهها أمريكا إليهم، وإلى أنظمتهم وشعوبهم، باذلين في ذلك إراقة ماء وجوههم، وسرعان ما تحرك الوحش الأمريكي يسطو على رؤوس أموال دول وكيانات تجارية واقتصادية ورجال أعمال، عربية وإسلامية، حتى ولو كانت عبارة عن ودائع في بنوكها، لتغذية الحرب وإمدادها، ولاستغلال حالة الفزع التي سيطرت على الزعامات المنبطحة، وتحول التاريخ إلى مجرى آخر، شعرت فيه أمريكا بنشوة السيطرة، فازداد جشعها، وتضاعفت وحشيتها.
• أدرك السيد حسين “رضوان الله عليه” الخطر الأمريكي قبل الجميع، وبدأ يحذر الأقربين، منذ اللحظات الأولى لخروج الرئيس الأمريكي بذلك التصريح المفتعل، آملاً أن يصل صوته وتحذيراته إلى أبعد مدى ممكن.
• أدرك أن الخطر على الأمة الإسلامية جمعاء، وعلى البشرية أيضاً، ونبّه على أن العدو الحقيقي لأمريكا والصهاينة ليست طالبان، فهي صنيعتها، بل هو حزب الله في لبنان، وإيران، وإنما قامت أمريكا باستهداف طالبان بالتحديد، لتغذي إرهاب طالبان، فالعرب بسطحيتهم، سيتوجهون للانضمام لطالبان عندما يرون أنها تُستهدف من قِبَلِ أمريكا، وستتنامى حركة طالبان، ومثيلاتها المتفرعة من الوهابية، حتى تصير يداً عملاقة، يمكن لأمريكا أن تضرب بها الإسلام، بينما هي تحاربها وتتهمها أمام المجتمع الدولي.
• من هنا أطلق السيد حسين الصرخة، لكي تصل للعالم أجمع، والتي ستجمع الأمة في اتجاهٍ واحد، وانطلقت الصرخة من حلوق الرعيل الأول من الأنصار، وكان فعلها مجلجلاً، ما دفع بأمريكا لأن تأمر النظام اليمني بإخراس هذه الصرخة، ووأدها في مهدها، حتى لا تصل إلى العالم، الذي شبع من ألاعيب أمريكا، ومن تسلطها وصلفها ووحشيتها، وبدأت مرحلة جديدة من الصراع، مرحلة لم تكن في حسبان الإدارة الأمريكية، وشُنّتْ حروبٌ ست على صعدة، قتل فيها السيد حسين مع بعض إخوته وأقاربه ومناصريه، ولكن كانت الصرخة قد أفلتت من عقالها، وانتشرت، فبعثت الصمود والقوة في النفوس، وفشلت السلطة التي سخرت لخدمة أمريكا، بينما انتصر المجاهدون، وكانت الثورة الحقيقية، وأول ثورة في القرن الحادي والعشرين، ضد الطغيان والجبروت، ولم تُوجّه هذه الثورة ضد الحكم المحلي، بل ضد رؤوس الطغيان العالمي، أمريكا وإسرائيل واليهود الذين هم وراء كل فسادٍ في الأرض.
• ارتفع المجاهد العلم السيد حسين بن بدرالدين الحوثي، ليهوي بصرخته على أصنام الطغيان.. ارتفعت الصرخة، التي توجز بعباراتها الخمس كل مضامين وأهداف الثورة، لتتساقط أعلام التبعية والتضليل، وانتصرت انتصاراً جديداً ومزلزلاً، مرة أخرى، في ثورة 21 سبتمبر 2014م ، وأسقطت عتاولة النظام اليمني السابق، المتسلقين على دماء وجوع وعرق شباب ثورة 2011م ، وفروا إلى الرياض، وبدأت مرحلة مختلفة من العدوان، بعد تفكيك أنظمة الصواريخ المضادة للطيران، وأنظمة الصواريخ الباليستية، وبعد أن وصلت هيكلة الجيش اليمني إلى مرحلة اللا عودة، حيث يضمن فيها العدوان السعودي الأمريكي عدم وجود مواجهة يخشاها من قبل اليمن، ودمر العدوان كافة البنى التحتية لليمن، وقتل مئات الآلاف من المدنيين، بما فيهم الأطفال والنساء والشيوخ والعجائز، قتلهم العدوان في منازلهم، في قراهم ومدنهم، في مزارعهم ومصانعهم ومدارسهم ومستشفياتهم، وكان يتوقع استسلاماً يعيد به حكم اليمن إلى خدامة وأذياله، ولكن اليمن صمد بقيادته الحكيمة الكفؤة الشجاعة، ممثلة بسيدي قائد الثورة السيد عبدالملك بن بدر الدين الحوثي، ومن معه من المؤمنين المجاهدين وكل الشرفاء في اليمن.
• وحاولت دول العدوان تحريك ورقتها التي اعتقدتها رابحة، وتحرك زعيم العمالة “عفاش” لتحريك مناصريه، ولكنه وقع في شر أعماله ونال جزاءه العادل، وبسقوطه سقطت آخر ورقة رابحة للعدوان ..
• ولم تكتفِ دول العدوان وأذنابها بكل ما سفكته وما دمرته، ولم تجنح لكل مبادرة سلام، بل عملت على إحباطها، واستمرت في غيها، ولكن اليمن، يمن ثورة الواحد والعشرين من سبتمبر، يمن المسيرة القرآنية كان ينتصر في كل الجبهات والمعارك والمواجهات، صحيح أن الجزء الأكبر من اليمن قد قضمه العدوان بمعاونة الخونة والعملاء والمنافقين أتباع أنظمة الخيانة وأتباع المال المُدنّس بدماء الأبرياء، لكن اليمن انتقل إلى طور جديد من المواجهة، وبدأ في التصنيع الدفاعي والعسكري، وبدأت عمليات توازن الردع، وبدأت العمليات العسكرية الكبرى، وكذلك العمليات الأمنية الكبرى، وبدأت الفتوحات تظهر، عبر انتصارات وملاحم أذهلت العالم.
• وباتجاه تحرير كل شبر من أرض اليمن، ستستمر معركة الكفاح والصمود والتحدي والتضحية، بعون الله ومدده، وسيتوالى بإذن الله سقوط أعمدة وأزلام وأعلام الخزي والعمالة، ولن تَكُفَّ عن السقوط، حتى بعد أن تنال اليمن استقلالها الكامل، بل ستستمر في جميع أنحاء العالم حركات التحرر، يقودها أحرار شعوب العالم تأسّياً باليمن، فالعدو واحد، وهو النظام الأمريكي وحلفاؤه وخاصة الصهاينة، والخطر واحد، وهو الذي سيوحد التوجهات التحررية التي ستنتصر في نهاية المطاف، وستسقط آخر أعلام الطغيان، تحت أقدام الشعوب، وهذا كله، نتيجة أعمال هذا الطغيان، ونتيجة حتمية له، وهذا كله – أيضاً – لأن علماً واحداً للحق، حين ارتفع، ارتفعت به ومعه كل أعلام الحرية والعدالة والجهاد في سبيل الله والمستضعفين، وتهاوت بارتفاعه كل أعلام الطاغوت..
• هذا العَلَم الذي غيَّر مجرى تاريخ البشرية، لأن ثورته عالمية، فهي ضد أئمة الكفر، الكفر بالله، وكذلك الكفر بحق الإنسان، وبحقوق الشعوب في العيش بأمن وأمان، كما ضمنه الله للبشرية، منذ خلق الأرض ومن عليها، إلى أن يرثها ومن عليها، ولكن لصوص الحياة، أعوان الشيطان أرادوا العبث، فبعث الله عليهم من يكافئهم بالقوة ويضاددهم في الاتجاه، بعث عليهم عباده الربانيين، بداية بسيدي الشهيد القائد حسين بن بدرالدين الحوثي، واستمراراً تحت راية سيدي ومولاي قائد الثورة السيد عبدالملك بن بدرالدين، الذي تتهاوى وتسقط على يديه أعلام الطغيان، وتفشل أعماله، وتبور تجارته، رحم الله الشهيد القائد، وجزاه عن البشرية خير الجزاء، وأيّد بنصره السيد قائد الثورة، وكل من هو في ظلال القرآن وتحت راية القرآن وفي مسيرة القرآن.