رغم امتلاكها عقوداً لشراء الأسلحة بمليارات الدولارات لمواصلة حربها على اليمن:السعودية تتباكى وتدعو ألمانيا لرفع حضر بيع السلاح لها

 

على الرغم من حصولها على عقود لشراء الأسلحة بمليارات الدولارات من الولايات المتحدة الأمريكية ودول أوروبا خلال السنوات الماضية، وعلى الرغم من استخدام هذه الأسلحة في تدمير اليمن والقضاء على بنيته التحتية، وعلى الرغم من فشلها الذريع في هذه الحرب، إلا أن المملكة السعودية تعمل كل ما بوسعها هذه الأيام على رفع الحظر الذي فرضته عليها ألمانيا لشراء الأسلحة، والأمر وصل بالسعودية إلى حد التوسل للحكومة الألمانية لرفع الحظر، فلماذا كل هذا النحيب؟.
في الأمس دعا وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان آل سعود الحكومة الألمانية إلى إنهاء وقف تصدير السلاح إلى بلاده احتجاجا على حرب اليمن ومقتل جمال خاشقجي.
وأكد وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان آل سعود، أن الرياض تنتظر من الحكومة الألمانية إنهاء وقف تصدير أسلحة ألمانية إلى بلاده. وقال وزير الخارجية السعودي في مقابلة مع وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) نُشرت (الاثنين 17 فبراير2020م) “نأمل أن تفهم ألمانيا أننا نحتاج إلى وسائل للدفاع عن أنفسنا”، مشيرا إلى الهجمات التي تعرضت لها منشآت نفطية في السعودية العام الماضي. وأوضح الأمير فيصل أن استمرار الحكومة الألمانية رغم ذلك في عدم إصدار تصاريح بتوريد أسلحة للسعودية يعد أمرا غير ملائم في إطار العلاقات الجيدة التي تربط بين البلدين.
بعد أن تعالت أصوات المنظمات الانسانية لوقف “حرب اليمن” ومنع السعودية من ممارسة المزيد من الانتهاكات في هذا البلد، بدأت الحكومات الأوروبية تتحرك رويدا رويدا نحو حظر بيع الاسلحة للسعودية، ولكن كانت هذه الخطوات بطيئة جدا، على اعتبار أن دول أوروبا تنتعش اقتصاديا من جراء هذه الصفقات التي تدر على بلادهم ملايين الدولارات وعلى بلاد الشرق الويل والخراب، إلا أن تصاعد الاحتجاجات من داخل الدول الاوروبية على الانتهاكات التي تمارسها السعودية في اليمن بأسلحة غربية دفع الحكومات لاتخاذ خطوات أكثر جدية تحت الضغط، وكانت ألمانيا أولى الدول التي بدأت بهذا الحظر في مارس عام 2018م، حيث اتفق طرفا الائتلاف الحاكم الألماني، المكون من التحالف المسيحي المنتمية إليه المسشارة أنغيلا ميركل والحزب الاشتراكي الديمقراطي، في معاهدة الائتلاف على وقف تصدير أسلحة للدول المشاركة “بصورة مباشرة” في حرب اليمن، والتي من بينها السعودية. ورغم ذلك ترك الاتفاق العديد من الأبواب الخلفية التي يمكن من خلالها توريد أسلحة لهذه الدول. ولم تتخذ الحكومة الألمانية قرارا بوقف كامل لتصدير أسلحة للسعودية – بما في ذلك الصفقات التي أصدرت تصاريح بشأنها – إلا بعد ذلك بنحو ستة أشهر عقب مقتل الصحفي السعودي الناقد للمملكة في قنصلية بلاده بإسطنبول، جمال خاشقجي.
ومددت الحكومة هذا الوقف مرتين، والذي ينتهي في 31 مارس المقبل. وهذا يعني أنه سيتعين على الحكومة الألمانية اتخاذ قرار جديد بشأن التمديد أو الإلغاء في غضون الأسابيع الستة المقبلة. وقال الأمير فيصل: “نحن في منطقة صعبة”، مضيفا أنه من المهم أن تتمكن السعودية من الدفاع عن نفسها، وقال: “نأمل أن تفهم الحكومة الألمانية ذلك”، مشيرا إلى أن هناك شراكة استراتيجية بين ألمانيا والسعودية.
لا نعتقد أن الغرب حريص على أبناء الشرق بقدر حرصه على مصالحه، ولولا الأخطاء الاستراتيجية التي ارتكبتها السعودية في اليمن وغيرها من الدول لكانت ألمانيا لاتزال ترسل الأسلحة إلى السعودية ليل نهار، ولكن اغتيال خاشقجي وتعالي أصوات المنظمات العالمية المطالبة بمحاسبة القتلة والقائمين على هذه الجريمة بالإضافة إلى تفشي الامراض والاوبئة والفقر جراء جرائم الحرب في اليمن، دفع الاوروبيين لتهدئة الاوضاع في الوقت الحالي، إلا أن السبب الأكثر أهمية بالنسبة لهم هو “الخشية من حدوث صدام مباشر بين إيران والسعودية”، وبالتالي ستكون النتائج كارثية على الاقتصاد العالمي، حيث خزان العالم النفطي عن التصدير.
أما: لماذا تريد السعودية رفع الحظر، لا نعتقد بأن المملكة بحاجة لمزيد من التسلح، فهي تمتلك كميات ضخمة من الأسلحة الأميركية ومنظومات الدفاع الجوية، فضلا عن وجود القوات الأميركية في السعودية والمنطقة لحمايتها، ورغم امتلاكها لكل هذه الاسلحة لم تستطع حماية نفسها عندما شن عليها “أنصار الله” عدة هجمات متفرقة، وحتى واشنطن لم تتحرك خطوة لصد هذه الهجمات، على اعتبار أن الأخيرة تبحث على الحصول على المزيد من الأموال عبر صفقات الأسلحة، ولكن السعودية تريد من هذه الجعجعة الإعلامية إعادة الاعتبار لنفسها بعد أن خسرت سمعتها ومكانتها في المحافل الدولية.
الغرب الذي لا يشبع
على الرغم من أن السعودية استخدمت الأطفال في الحرب اليمينة وجندتهم لحسابها بما يخالف جميع المواثيق الدولية، وعلى الرغم من أن القانون الدولي يحظر التعليم والتدريب العسكري الدولي، والتمويل العسكري الأجنبي، كما يحظر إصدار تراخيص للمبيعات التجارية المباشرة للمعدات العسكرية لمثل هذه الأنظمة، إلا أن الولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا استثنت المملكة العربية السعودية من الكثير من القوانين الدولية والمحلية التي تحظر تصدير السلاح إلى مناطق يتم فيها ارتكاب الكوارث الإنسانية.
وفي يونيو 2019م، أعلنت الحكومة البريطانية، حظر بيع الأسلحة إلى السعودية ودول التحالف الذي تقوده في اليمن، بعد أسبوع من قرار محكمة الاستئناف بعدم مشروعية صفقات بيع السلاح إلى المملكة.
وقالت الحكومة في بيان إنها “تعارض قرار محكمة الاستئناف، وستقدم طعناً ضده، إلا أنها لن تسمح خلال هذه الفترة ببيع أسلحة جديدة إلى السعودية ودول التحالف”. وأضافت أن “الحظر لا يشمل صفقات السلاح الحالية، إلا أن الحكومة ستعيد النظر بتراخيص تلك الصفقات في إطار قرار محكمة الاستئناف الأخير”.
في المقابل، قضت المحكمة العليا البريطانية، في يوليو الماضي، بأن بيع أسلحة بريطانية للسعودية تستخدمها في حربها في اليمن لا ينتهك قوانين حقوق الإنسان. وحسب تقارير إعلامية، بلغت قيمة الأسلحة التي باعتها لندن للرياض نحو 6 مليارات دولار أمريكي، منذ بدء تدخل التحالف العربي في اليمن عام 2015م.
ويعود السبب في هذه المرواغة البريطانية إلى أن مشتريات السعودية مثلت 43% من إجمالي مبيعات السلاح البريطانية خلال العقد المنصرم، وحصلت بي.إيه.إي سيستمز، أكبر شركة سلاح في بريطانيا، من السعودية على نحو 3.3 مليار دولار، وهو ما يمثل 14% من إجمالي مبيعات المجموعة من السلاح.
وبينما تقول الحكومة البريطانية أنها لن تسمح بتصدير الأسلحة عندما يكون هناك احتمال لاستخدامها في انتهاكات خطيرة للقانون الإنساني الدولي، فإنها وفرت غطاء دبلوماسيًا لانتهاكات التحالف الذي تقوده السعودية.

قد يعجبك ايضا