لقد مرّ نحو شهر منذ ظهور سلالة جديدة من فيروس كورونا في مقاطعة ووهان الصينية، الذي امتد إلى أكثر من عشرين دولة، وفي أعقاب ظهوره، انتشر الذعر على وسائل التواصل الاجتماعي في جميع أنحاء العالم.
وبينما يبحث الناس عبر الإنترنت عن معلومات حول تفشي فيروس كورونا -الذي اعتبرته منظمة الصحة العالمية حالة طوارئ صحية عالمية– فإنهم يواجهون مجموعة كبيرة من المعلومات المضللة، التي قد تكون خطرة.
وقال المسؤولون عن فيسبوك وتويتر ويوتيوب لموقع “ريكود” (Recode) -المتخصص في التقنية- إنهم كانوا يعملون على الترويج لمحتوى حقيقي حول المرض، لكنهم وجدوا معلومات مضللة منشورة تسيء لمنصاتهم، ولم تنجح الجهود التي تبذلها منصات التواصل هذه في إيقاف انتشار المعلومات الخاطئة ومقاطع الفيديو الخادعة التي نالت آلاف الإعجابات والمشاركات. ونعرض لكم هنا أكثرها انتشارا:
1 – الصين تصنع سلاحا بيولوجيا: ليس من الواضح أين نشأت هذه السلالة الجديدة من فيروس كورونا، ومع ذلك تروج على وسائل التواصل الاجتماعي نظريات عديدة تشير إلى أن تفشي الفيروس قد يكون مرتبطا ببحوث الأسلحة البيولوجية في معهد ووهان لعلم الفيروسات، وهو معهد أبحاث يضم مختبر ووهان الوطني للسلامة البيولوجية.
ويقول منشور على فيسبوك، تمت مشاركته أكثر من أربعة آلاف مرة؛ “يعتقد أن معهد ووهان لعلم الفيروسات هو المكان الذي نشأ فيه المرض”.
وتستند هذه الفكرة -جزئيا- إلى تعليقات ضابط إسرائيلي سابق مثير للجدل في مقالاته التي شاركها مع صحيفة “واشنطن تايمز”، وكانت مقالاته السابقة لمّحت إلى أن الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما قد يكون مسلما.
ورغم صدمة نظرية المختبرات البيولوجية، فإن الخبراء قالوا “لواشنطن بوست” إنه لا يوجد دليل يدعم هذه الادعاءات.
2 – تهريب الفيروس: تقول منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي إن فيروس كورونا الجديد الذي عثر عليه في ووهان تم تهريبه من أحد المعامل في كندا كجزء من سعي الصين السري للحصول على سلاح بيولوجي، وهي نظرية فندها موقع “بولتي فاكت” (Politifact).
وجاء في تغريدة على حساب مسؤول الحزب الجمهوري سولومون يوي -الذي لديه أكثر من مائة ألف متابع- أن “جواسيس سرقوا فيروس كورونا من كندا وأرسلوه إلى ووهان لاستعماله سلاحا لقتل أعداء أجانب”.
3 – اللقاح موجود بالفعل: هناك نظرية شائعة أخرى بشأن وجود لقاح لفيروس كورونا الجديد، بل إن البعض يشير إلى أن اللقاح سبق أن حصل على براءة اختراع، ومع أنه حتى الآن لم يتطور أي لقاح لهذا المرض، فإن منشورا حديثا على فيسبوك يزعم أن فيروس كورونا “تم إعداده” للتربح من بيع اللقاحات.
ويتضمن المنشور لقطات مصورة تدعي أنها تظهر براءة اختراع اللقاح الجديد. في هذه الحالة، ونظرا لأن مدققي الحقائق في فيسبوك قاموا بالتحقق من المنشور والتأكد من زيفه، فإن محاولة مشاركة المنشور تجعل فيسبوك تصدر تحذيرا يقول إن مدققي الحقائق المستقلين قالوا إن ذلك المنشور يحتوي على معلومات خاطئة.
4 – الفيروس سيقتل 65 مليونا: في أكتوبر 2019م، أجرى مركز أبحاث جونز هوبكنز بالولايات المتحدة “اختبارا” يهدف إلى نمذجة الاستجابة العالمية لوباء محتمل، وأساء الكثير من الأشخاص عبر الإنترنت فهم الدراسة، وربطوا توقعاتها عن طريق الخطأ مع عدد القتلى المحتمل لتفشي فيروس مماثل لما نشهده حاليا مع فيروس كورونا.
هناك العديد من التغريدات -بما في ذلك واحدة لا تزال تحظى بأكثر من 140 ألف إعجاب- تزعم أن العلماء توقعوا أن فيروس كورونا سيقتل 65 مليون شخص.
وقال مركز جونز هوبكنز للأمن الصحي -في بيان- “صممنا نموذجا لوباء فيروس كورونا الخيالي، لكننا صرّحنا بوضوح أنه لم يكن تنبؤا”، وأضاف “لا نتوقع الآن أن يقتل فيروس كورونا 65 مليون شخص”.
5 – 100 ألف حالة: بينما تم تأكيد أكثر من 17 ألف حالة إصابة بفيروس كورونا، فإن أحد خبراء الصحة العامة زعم في تصريح لصحيفة الغارديان أن “عشرات الآلاف من الأشخاص مصابون”، لكن لم يتأكد هذا الرقم.
ومع ذلك، فإن العديد من المنشورات الشائعة على منصات التواصل الاجتماعي تنقل إحصاءات غير دقيقة من شأنها أن تغذي مشاعر الخوف والهلع، وتنسب هذه المنشورات أرقاما إلى عاملين طبيين في ووهان، البؤرة الأولى للوباء.
على سبيل المثال، يظهر مقطع فيديو واحد على يوتيوب حصل على نحو ثمانين ألف مشاهدة شخصًا تم تعريفه بأنه ممرض، ويقول إن ما يصل إلى تسعين ألف شخص مصاب بالمرض في الصين وحدها، وعلى حساب تويتر أيضا، ينشر حساب -يصنف متجرا إخباريا- مقطعًا صوتيًا يدعي إصابة مئة ألف شخص بالفيروس.
تجدر الإشارة إلى أن هناك شكوكا مشروعة حول إذا كانت الحكومة الصينية تقوم بالإبلاغ بدقة عن مدى تأثير الفيروس، ولهذا لا يزال العدد الدقيق للأشخاص المصابين بفيروس كورونا مجهولا.
6 – بناء مستشفى بين عشية وضحاها: عممت وسيلتا إعلام حكوميتان -غلوبال تايمز (Global Times) وبيبولز دالي (People’s Daily)- صورة لمبنى تم بناؤه حديثًا وادعتا أنه كان مستشفى في ووهان بني في 16 ساعة فقط، لكن الصورة في الحقيقة لمبنى سكني.
كيف تستجيب منصات التقنية؟
قالت شركات التواصل الاجتماعي لموقع “ريكود” إنها تعمل على تقليل تأثير المعلومات الخاطئة حول فيروس كورونا بطريقة أو بأخرى، وبدرجات متفاوتة.
وقال تويتر -في بيان- هناك أكثر من 15 مليون تغريدة حول فيروس كورونا في الأسابيع الأربعة الماضية، وأضافت الشركة إنها لم ترصد أي “محاولات منسقة لنشر المعلومات المضللة حول هذه المسألة”.
ولكن هذا لا يعني أنه لا توجد معلومات خاطئة عن فيروس كورونا على تويتر، ويشير رد تويتر ببساطة إلى أن الشركة لم تعثر على أي دليل على وجود حملات تضليل متعمدة من قبل جهة ما، مثل دولة أو جماعة سياسية. لكن الموقف أكثر تعقيدا مع فيسبوك، حيث يشارك مراقبون من أطراف خارجية عملية تدقيق المعلومات على المنصة.
وصرح متحدث باسم فيسبوك “لريكود” بأن النظام الأساسي يعمل على تقليل توزيع المنشورات التي تم تصنيفها على أنها كاذبة، وإعداد التنبيهات على المنشورات الخاطئة.
وفي يوم الخميس الماضي، أعلن فيسبوك أنه سيتخذ إجراءات إضافية ضد المعلومات الخاطئة المتعلقة بفيروس كورونا، بما في ذلك إزالة المحتوى الخاطئ الذي تم الكشف عنه من قبل السلطات الصحية.
وتعتمد يوتيوب على نسختها الخاصة من عمليات التحقق، حيث تعرض منصة الفيديو معاينات قصيرة للمقالات الإخبارية النصية حول فيروس كورونا في نتائج البحث.
فإذا بحثت عن “فيروس كورونا” على موقع يوتيوب -على سبيل المثال- فإنه يحيلك على مادة موثقة، مثل مقال نُشر في صحيفة نيويورك تايمز حول فيروس كورونا ووهان.
وأخبر يوتيوب موقع “ريكود” أن المعلومات الكاذبة عموما لا تنتهك قواعد النظام الأساسي إلا إذا كانت تنطوي على كلام يحض على الكراهية أو المضايقة أو الخداع أو التحريض على العنف.
ورغم هذه الجهود، يبدو من المستحيل بالنسبة لهذه المنصات أن تقوم بإزالة كل منشور مضلل عن فيروس كورونا بمجرد نشره.
وكما هي الحال مع أي نوع من المعلومات الخاطئة، فإنها لعبة لا تنتهي أبدا، لكن استمرار انتشار المعلومات الخاطئة حول انتشار المرض -بعد مرور شهر واحد على ظهوره- يوضح مدى أهمية احتواء انتشار المعلومات الخاطئة، لا سيما مع ما يترتب عليها من عواقب خطيرة.