في مدرسة المقاومة.. الاغتيال بداية

عبدالملك سام
الجو مشحون بالتوتر والترقب.. ما فعلته أمريكا لم يكن أحد يتوقعه، ولذلك فعلته! كان هناك الكثير من الغباء وسوء التقدير فيما حصل لعدة أسباب..
أولاً: سليماني المطلوب رقم واحد لدى أمريكا وإسرائيل ربما أكثر من السيد الخامئني وحسن نصر الله! وقبل فترة تم الكشف عن مخطط لاغتياله في بلده.. الخطأ الثاني أنه سافر لبلد نستطيع أن نقول أنه يعتبر بيئة غير آمنة تماما في ظل امتلاك أمريكا الكثير من الأدوات فيه.. أما الخطأ الثالث فهو استخدام سليماني لمطار رسمي فيه العديد من الموظفين والمسافرين والشركات ….إلخ. والخطأ الرابع فهو أن يجتمع شخصيا مع شخصيات مستهدفة أيضا في حين أنه كان بالإمكان الاكتفاء باتصال مرئي أو أن يتم اللقاء في مكان حصين!
كل هذا يخبرنا أن أمريكا ليست بذلك الدهاء الذي نعتقده بقدر أن الطرف الآخر هو الذي أقترف مجموعة من الأخطاء الفادحة غير المبررة، وإذا ما أرادت إيران أن ترد فهذا هو الوقت المناسب لذلك، وهي تمتلك المبرر والقدرة لفعل ذلك.. أرادوها حربا عالمية، فليكن، وأمريكا كما أثبتت التجربة اليمنية أوهن من بيت العنكبوت، والتنصل عن الرد السريع سيكون له آثاره السيئة على إيران..
الخبر كان صادما بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، لقد ذكرنا بعملية اغتيال إسرائيل لعماد مغنية في سوريا ولكن عملية اغتيال سليماني كانت مؤثرة أكثر والسبب أنها المرة الثانية وليست الأولى، بمعنى أنك كان يجب أن تكون حذرا أكثر.. قد يكون الرابط المشترك بين العمليتين أنهما حدثتا في بيئة ليست آمنة تماما ولكن هذا ليس مبررا للخطأ، فأنت من موقعك الحساس لا يجب أن تضع نفسك في هكذا وضع تكون خاضعا فيه ولو جزئيا لتقدير أجهزة أمنية أخرى لا تسيطر عليها بشكل كافٍ ولا تعلم بشكل جازم مقدار الاختراق فيها..
حياة المجاهدين محفوفة بالمخاطر، كما أنها متجددة في ظل عقيدة الجهاد المحمدي الأصيل، والمجاهدون يتوقعون أي شيء قد يحدث حتى الاستشهاد الذي يعتبر لديهم غاية ربما أهم من النصر ذاته، ولكن ما يجب أن يكون أولوية أيضا هو أهمية القادة الكبار والذين يكون تأثيرهم كبير وهام على حركة الجهاد ونتائج هذا العمل.. ولعل ما يهون علينا مرارة ما حدث أننا تعودنا من خلال مدرسة الشهادة هذه أن عمل هؤلاء القادة يظل مؤثرا حتى بعد رحيلهم، ومن تجربة العقود الأخيرة تعودنا أنه مع كل حادث أو مأساة نزداد قوة وصلابة، مثلا بعد اغتيال عباس الموسوي جاء السيد حسن نصر الله واذاق إسرائيل المرارة أكثر حتى أنها اعترفت مرات عدة بأنها لو كانت تعلم ما سيحدث ما كانت اغتالت الموسوي..
لقد تعلمنا من خلال مدرسة المقاومة الإسلامية بأنها لن تتوقف بل ستظل تنتج قادة عظام طالما والنهج الذي تمشي عليه منبثق من ثورة الحسين عليه السلام، وسيظهر بعد سليماني قادة يواصلون الدرب بدماء متجددة حتى اجتثاث أمريكا وإسرائيل وعملائهم من المنطقة برمتها.
في الختام، لا نجد سوى أن نقول بأننا على درب الشهداء ماضون، وكل من يقف ضد أعداء أمتنا فنحن معه في نفس الخندق، لنا ذات الهدف وذات التوجه، ولن نكل ولن نمل، ومن كل مأساة أو حادث نكتسب المزيد من الخبرة والعزيمة لمواصلة الدرب الذي أخترناه لأنفسنا، درب العزة والكرامة والحرية مهما كان الطريق صعبا، فنحن قوم لا نقبل الضيم ولا نستطيع العيش في ظل الظلم والجور والاستعباد، يأبى لنا الله ذلك.. سلام على الشهداء الأبرار، سلام على المجاهدين الأحرار، ولا نامت عيون الجبناء.. هيهات منا الذلة.

قد يعجبك ايضا