صفحة سنطويها..

عبدالملك سام

لا تحلم.. النموذج موجود بالفعل في الجنوب وأماكن أخرى، فلا تحاول أن تقنعني أن وضعنا سيختلف عما هو موجود إن لم يكن أسوأ، بل أننا سنكون في الجيب كما يقال وليسوا مضطرين لأن يجاملونا لكي لا نقاوم احتلالهم..
تعال لنتحدث قليلا ونُحَكِّمْ العقل الذي خلقه الله لي ولك لنفكر.. انفخ الغبار المتراكم فوق خلايا عقلك الرمادية، ها أنتذا تشاهد الحقيقة الآن، هاأنتذا تستطيع أن ترى تلك الطوابير التي تتلوى كالأفاعي أمام المنظمات التي توزع المساعدات الدولية، وهاأنتذا تقف أمام حواجز التفتيش عشرات المرات عندما تضطر للخروج من سجن بيتك، وكل حاجز يحمل شعارا مختلفا، حاجز لحكومة عاجزة، وآخر للقاعدة، وآخر للأقلية الفلانية، وآخر للانفصاليين، وهكذا تقضي يومك من حاجز لآخر يتم فيه تفتيشك وطلب بطاقتك وطرح المئات من الأسئلة عليك وأنت تدعو الله ألا يجدوا فيك ما يغريهم بأن يأخذوك إلى معتقل من عشرات المعتقلات التي تم انشاؤها خصيصا لفصيل ما مدعوم من جهة ما للتنكيل بك واغتصابك وإهانة آدميتك.. طبعا ناهيك عن حوادث الاغتصاب من قبل مليشيات تنتشر في مدينة تم تقسيمها إلى مربعات، وتسابق محموم للسيطرة على المساجد والمنشآت العامة، ولا تجارة سوى لأولئك الذين يدفعون الاتاوات لمن يقوم بترويعهم، وانتشار لتجارة الممنوعات والرقيق في كل حي وشارع.. طبعا سينزح الكثيرون لدول لم نسمع عنها من قبل، والناس تقف في طوابير أمام مكاتب الهجرة التي ستصطاد الجميلات من بين تلك الحشود ليعملن “خادمات” في دول لا تقبل نزوح غير النساء والفتيات.
لقد جن جنون الموت في كل مكان بالمدينة، ما بين عمليات الاغتيال والانفجارات التي تتوزع في كل مكان حتى المساجد والأسواق والاشتباكات المستمرة بين الفصائل المختلفة باختلاف الأيدي التي تدعمها، وعندما تفتح الاذاعة ستسمع أخبار الشجب والقلق المعتادة: “اليمنيون يقتلون بعضهم، ودول التحالف تحاول جاهدة الحفاظ على أرواح المدنيين” .
طبعا المحظوظون هم أولئك الذين سيعملون في المناطق النفطية البعيدة عن الصراع، هؤلاء المئات سيحظون بمعاشات تجعلهم يسكتون عما يشاهدوه، كل موظف يعمل أضطر لأن يقبل أقدام شخص قريب من المحتلين لكي يتوسط ويقبلوا بتوظيفه.. الشركات الأجنبية تتنافس على نقل النفط والغاز من الآبار إلى الموانئ التي تمت السيطرة عليها تماما وتحرسها شركات أجنبية كبلاك ووتر وغيرها.. وبالطبع لا توجد رقابة او حسابات أو حتى بيانات معلنة لما يتم استخراجه وبيعه، فكل شيء بيد دول “التحالف” فقط.
مستقبلنا سيكون مرهوناً بكمية الثروات المستخرجة والتي سيتم استنزافها بشكل مريع، وستتكرر الفوضى وعملية تفريخ الفصائل والمؤتمرات والدعوات والأزمات وحتى بيانات الإدانة، وسيبدو كل شيء إلى ما لا نهاية ولا حلول يمكن أن توصلك إلى حل.. أرجوك لا تخبرني أن هذه شطحات خيال شخص يحاول أن يثير خوفك من المستقبل في ظل الاحتلال، فهذا كله حصل ومازال يحصل في عدة دول وإن اختلفت المسميات والأدوات..
كابوس مرعب لكنه حقيقة في أماكن أخرى، وما أحاول قوله هو أني أحمد الله لوجود ثلة مؤمنة تقف في وجه هذه الهجمة الشيطانية العالمية على بلدنا، هجمة تستهدفنا لنكون سوريا او عراق او ليبيا أخرى.. هجمة لا تستثني احدا حتى أولئك الذين يعتقدون أنهم غير مستهدفين، كل ما هو يمني مستهدف، كل شيء دون استثناء.. نحن نعاني ولكن لا تحاول ان تقنعني أن البديل هو أفضل من الحقيقة الماثلة أمامنا في عدة بلدان كان القتل فيها أسرع من الموت نفسه، والحمد لله أمامنا نموذج رائع عما يمكن أن نفعله بمن أراد لنا الشر، نحن نعيش العزة والكرامة والحرية بمعنى الكلمة، نحن نذل وندوس أنف من أراد إذلالنا، نحن نكبد العدوان خسائر بشرية ومادية كبيرة، في كل يوم نستنزفه فيه اكثر ولا مناص من يوم يسقط فيه وقد اثخن بالجراح.. اليوم الذي يفرون منه لا بد أن يأتي، يوم ينقلب السحر على الساحر ويصبحون رهن إرادتنا، ومع الأيام تتجلى هذه الحقيقة أكثر فأكثر.. لا تبخل أيها اليمني بمالك وجهدك وقوة تحملك لترد الصاع صاعين لمن أراد إذلالك ونهب ارضك وتاريخك واستحياء نساءك.. وتذكر أنه سيأتي يوم يتم فيه تدريس فصول هذه الملحمة العظيمة كأهم حدث مفصلي في المنطقة سيطوي تاريخ الظلم والقهر من منطقتنا وإلى الأبد بإذن الله.. نحن النصر القادم رغم أنف تحالف الشر..

قد يعجبك ايضا