على طريق الاحتفال بالمولد النبوي”4 “

عبدالفتاح علي البنوس
قال تعالى ( وإنك لعلى خلق عظيم) في هذه الآية شهادة ربانية لرسول الإنسانية الصادق الأمين، الرحمة المهداة للعالمين شاهدا و مبشرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا، شهادة لا تحتاج إلى تزكية من ( زعطان أو فلتان) أو تعميد من قنصلية أو سفارة، أو مصادقة من خارجية فقد زكاها وعمدها وصادق عليها الخالق جل في علاه، فكان صلوات ربي عليه وعلى آله أكمل الناس خلقا، وأحسنهم خلقا، شهد له بذلك الأعداء قبل الأصدقاء.
كان منطقه الصواب، وكلامه معبرا عن فصل الخطاب، وهديه المرشد لذوي الألباب، وكان عليه الصلاة والسلام أكثر الناس حرصا على الدعوة للتخلق بالأخلاق الحسنة، والخصال الحميدة، والصفات النبيلة، التي تكبح جماح الميول نحو الانحراف والضياع والتخبط والإغراق في التيه والسقوط القيمي والأخلاقي، فحث على حسن الخلق، وورد في الأثر عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال : (أقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحسنكم أخلاقا)، وورد في الأثر الكثير من الأحاديث التي تحث على حسن الخلق وتبين الأهمية التي تمثلها هذه الفضيلة السامية، التي ما تحلى بها جنس بشر إلا حاز على أعلى مراتب التقدير والاحترام، وحاز على مكانة مرموقة في أوساط المجتمع.
واليوم ونحن نمضي نحو الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، والذي يتنافس الجميع على رسم ملامح الفرح والابتهاج والسعادة والسرور، بغية إظهار المحبة وتجديد الولاء لرسول الله في هذه المناسبة الغالية على قلوب كل المسلمين في أرجاء المعمورة، حري بنا جميعا أن نكون على خلق كريم، وأن نحرص كل الحرص على أن نتأدب بالآداب التي أدبنا بها الرسول الأعظم سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وأن تكون تعاملاتنا وسلوكياتنا مشبعة بالأخلاق الدمثة والصفات الحسنة والفضائل والقيم المثلى، التي تمنحنا العزة والكرامة والتقدير والاحترام بين الناس.
فأنت كفرد مسلم عندما تريد أن تحتفل وتبتهج بمولد النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، عليك أن تتحلى بذات الأخلاق التي كان عليها، وتعمل على تربية وتنشئة أولادك عليها، على اعتبار أن ذلك مسؤولية دينية يحاسب الإنسان عليها مصداقا للأمر الإلهي الصريح : ( قوا أنفسكم وأهليكم نارا ) وقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ( كفى بالمرء إثما أن يضيع من يعول)، المسألة ليست مظاهر ديكورية خارجية، فحب النبي والفرح بمولده الشريف، يتطلب أن نكون أكثر التزاما بأخلاقه التي تفرد بها، ووجه أهل بيته وأصحابه وأتباعه بالتحلي بها، باعتبارها من المسلمات التي لا يتحقق إيمان الواحد منا إلا بها، ففي الحديث الشريف القائل : ((لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحبه لنفسه))، وقوله صلوات ربي وسلامه عليه : والله لا يؤمن من بات شبعانا وجاره جائعا، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم :((والله لا يؤمن من لا يأمن جاره بوائقه))، دليل واضح على أن الإيمان مرتبط بحسن الأخلاق والتعامل، فمن كان محبا للرسول لا يفرط في أخلاقه ولا يتاجر بها، ويجعل منها أشبه بالديكور وأدوات الزينة، فالإيمان والأخلاق في تلازم دائم، فلا إيمان لمن لا حياء له، ولا دين لمن لا عهد له، هذه هي الإرشادات والتوجيهات المحمدية التي يجب علينا التحلي بها.
بالمختصر المفيد علينا أن ندشن محطة جديدة في حياتنا، بالتزامن مع تدشيننا احتفالاتنا بالمولد النبوي الشريف، محطة نكون فيها الأكثر تمسكا بالقيم والأخلاق الحسنة التي أمرنا الله ورسوله بالتحلي والالتزام بها، وسنشعر بالراحة والسعادة والطمأنينة، والفلاح والرشاد، فالرسول صلى الله عليه وآله وسلم يريدنا بأن نكون على خلق كريم، يقودنا ويهدينا نحو الصراط المستقيم، لنضبط أخلاقنا بضوابط الدين، ولنجعل من ذكرى المولد النبوي مناسبة نجسد من خلالها الأخلاق المحمدية، فهذا هو الهدف والغاية من وراء إحياء هذه المناسبة.
جمعتكم مباركة وعاشق النبي يصلي عليه وآله وسلم.

قد يعجبك ايضا