العلامة/سهل إبراهيم بن عقيل
أعلن الرئيس الأمريكي وهو منتفخ الأوداج بفرحة عظيمة أن طائرات أمريكية قتلت زعيم المخربين “داعش” الذي كان يؤسس الدولة الإسلامية حسب زعمه.
وهنا سؤال: من صنع “أبو بكر البغدادي ” مؤسس داعش ومن موّله وسلّحه وجعله زعيم الدولة الإسلامية المزعومة والتي هي دعوى تضليل لمزيد من الإجرام الأمريكي بتمويل من المملكة السعودية والإمارات وقوات التحالف لتخريب وزعزعة الاستقرار في الوطن العربي والإسلامي.
إذا نظرنا إلى داعش وبقية المنظمات لعرفنا بنظرة تجريدية أنها جيوش متقدمة من قبل أمريكا وحلفائها وعملائها الاراذل لاحتلال الوطن العربي والإسلامي وزعزعة الاستقرار .. وهذا بدوره يحكي التاريخ من قبل وبعد حرب 1979م بين العراق وإيران، إذ دخلت هذه المنظمات بمسميات مختلفة وإيديولوجيات أيضا مختلفة، ولكنها تصب في مجال واحد لكبح أي حركة تحررية أو انتفاضة في هذه الدول ضد الأزلام المكشوفة أمام شعوبها بالعمالة وبيع التراب والمقدرات للدول الاستعمارية وضرب حركات المقاومة في فلسطين، وجعل اليهود وأعوانهم يحكمون الوطن العربي والإسلامي، وهذا ما ظهر جلياً في إغلاق المسجد الأقصى أولى القبلتين، وإخراج المسلمين منه بغية إقامة الهيكل الثالث لإسرائيل.
إجهاض الثورة اليمنية
إن موقع اليمن على فوهة المصالح العظيمة للدول الاستعمارية في كل المناطق من العالم يحكي بوضوح أنه يجب إخماد أي ثورة أو انتفاضة للشعب اليمني لأنهم يعرفون ذلك بالتجربة والمعايشة عبر تاريخ طويل.
إن تأسيس المملكة السعودية ودويلات الخليج على جغرافية الجزيرة العربية يعطي بوضوح الخوف من اليمن- بكل معنى الخوف -على المصالح في هذه المنطقة، ونحن نرى ذلك أمام أعيننا منذ عقود، لأن الحركة الاقتصادية العالمية في جميع مخرجاتها وتنوعها قائمة على ما يُنهب من الثروات العظيمة في هذه المنطقة، حتى أصبحت دول من الاستعمار في أوج تقدمها صناعياً واقتصادياً بفضل هذه الجزيرة، وتنصيب حكامٍ لعقود مضت، وعقود مستقبلية للحفاظ على هذا الزخم الذي يصب بكل مقدراته لتقوية وتقدم الدول الاستعمارية.
التجهيل المستدام
هو السلاح الأعظم الذي يعتمد عليه كل حكام المنطقة في كل الوطن العربي والإسلامي، وخاصة في الجزيرة العربية التي تضخ ما لا تستطيع الحواسب أن تحصره من الثروات المتنوعة، علاوة على سوق استهلاكية كبيرة، وجعل المواطنين في هذه المنطقة أجهل الناس في جميع مناحي الحياة، ثقافة واقتصاداً وجهلاً بحقيقة العقيدة الإسلامية وجعلها اشكالاً وطقوساً وتسلية في تفصيل أحكامها ومراميها، وإدخال فتن مذهبية وعقائدية، وتعصب أعمى دون انفتاح على الآخر أو على الذات نفسها.
إن هذه الصورة القاتمة تُظهر تجسيداً في كثير ممن يدَّعون الدين والحفاظ عليه.. وهذا في حد ذاته إجرام في حق جميع الرسالات السماوية، وخاصة الإسلام الذي يدعو إلى العلم والمعرفة في كل مناحي الحياة، وليس طقوساً وكلمات وتمتمات فارغة قد تؤدي بالإنسان إلى الانغلاق الفكري والحياتي على ذاته وعلى غيره.
وقد ظللنا في هذا المنوال عقوداً وعصوراً ونحن نردد كلمات واختلافات ينسبونها إلى أهل الرأي والحصافة وهذا تجديفٌ متعمدٌ لبقاء الفساد السياسي والفكري، وقيادة الشعوب في مصلحة الاستعمار وأحذيته المتربعين على كراسي حكمه.
ونعود إلى قتل “أبو بكر البغدادي” الذي هو عضو في هذه الأداة المتعمدة لغزو وتحطيم أماني الامة الإسلامية والعربية برايات وإيديولوجيات مختلفة تحملها هذه المنظمات بمسميات مختلفة، صناعة صهيونية ماسونية أمريكية بإحكام.
ولقد ظللنا لعقود مضت في هذه المجرات، شاهدٌ على ذلك تاريخ الحكام، وما يصنعونه في شعوبهم خدمة لأسيادهم.
إن هذا البحث يحتاج إلى رجال متسعي الفكر، غير “متمذهبين”، يرون الإيجابيات عبر تاريخ الإنسانية، سواءً من الأعداء أو من الأحبة، لتكون هي البناء الصحيح للمجتمعات، لأن الحكمة هي ضالة العاقل.. وقد جاء في هذا حديث شريف، يقول : “الحكمة ضالة المؤمن يلتقطها حيث وجدها”، والحكمة هنا معناها ما يسعد الإنسان في حياته المادية والمعنوية والدينية أيضا، لأن الله يريد لعباده السعادة والخير وأن يجتنبوا الشر، وجعل لهم عقولاً تفند ما يضر المجتمع والفرد في ذاته ومع غيره، وهذا واضح بالبديهة، وأن يجتنبوا السلبيات من أي ناحية كانت، فالسير على طريق السلبيات هلاك للإنسان في مقدراته المادية وعقيدته وسلوكه .. وهذا شيء مفروغ منه وواضح بالبديهة.
بناءُ القوانين والدولة
إن القوانين الموضوعة والسماوية في حد ذاتها تعطي الإنسان الحركة في ما يجب فعله وما ينتهي عنه من سلبيات، وهنا يقول الفقهاء العارفون إن ديننا الإسلامي مبنيٌّ على ركنين أساسيين في تشييد العقائد، وهما: المنطق في المعاملات بين الفرد وغيره في الأخذ والعطاء والعقاب والجزاء .
والوجدان هو الركن الثاني، وهو ان نسلم دون جدال في العبادات “أن نعبد الله كما يحب وكما أمر وليس على حسب ظننا” وهنا يقف العقل حاجزاً بين الوجدان والمنطق، فالمنطق إذا دخل في كثير من العبادات جعل الإنسان يلحد، وكذا الوجدان إذا دخل في عمق المنطق أفسده في حركته المادية، وهذا واضح في العبادات والمعاملات .. ولا يحتاج إلا إلى فهم صحيح وواضح، أن نعبد الله كما يحب وكما أمر، وأن نتعامل في حياتنا المادية وما يجب أن نعمله في الحاضر والمستقبل بالمنطق المادي الصرف، وبهذا تتم سعادة الإنسان، وتقويم المجتمعات على أسس حضارية، فالمنطق هو الأسُّ الذي تُبنى عليه الحضارة، والوجدانُ هو تجميع الأمة على عقيدة صحيحة، ولكلٍ لأيه في فهمها دونما تعصب.
* مفتي محافظة تعز
Prev Post