نحن وهم في ميزان الأحداث
محمد دريب الشريف
من ” هدي القرآن ” انطلقنا، ومن عمق ما أتى به رسول ربِّ العالمين ؛ وبمشروعٍ توعويٌ تربويٌ إسلاميٌ إيمانيٌ أخويٌ ، يختزل كل معاني الفضيلة وأهداف الدين الحنيف ، لننهض بمجتمعنا وأمتّنا ونُخلّص شعبنا من ثقافات التبعيةِ والخنوع، ونعود به إلى مناهل الدين المرضي المُبَارَك ببركة المولى العظيم المُبَارِك..
فواجهونا بالدبابةِ والمدفع والقتل والسّحل والحَرْق وكل وسائل الفناء والموت والخراب والدمار.. فقاتلونا حينئذٍ ظالمين.. ودفعنا عدوانهم مظلومين.. فكانت يدُنا مع الله هي العليا.. ويدهم هي السفلى وحقّ لها السفال والوبال.
دعوناهم إلى كلمةٍ سواء وخضعنا بالقول والفعل عسى أنْ يتّقوا فينا تُّقاة الأُخوة والصلة والقربى وروابط الوطنية والدين والملة..
فأعادوا الكرَّة علينا بحشد الجيش والعسكر والحديد والنار مرتين ، وثلاثاً ، وأربعاً ، وخمساً ، وستاً ، ليقتلونا ويسفكوا دماءنا ويشردونا من قرانا ومساكننا ومُدننا، وقطّعوا أرحامنا وهدموا بيوتنا وأهلكوا زروعنا وأسكنونا الأودية والجبال والصحارى والكهوف، ولاحقونا تحت كل حجرٍ ومدر،ٍ وسجنوا علماءنا وخطباءنا وعذبوهم وغيبوهم وكهربوهم وقتلوهم أينما حلّو وأينما ثُقفوا وأينما وافتهم العيون والجواسيس وفرق الموت والكواتم والاغتيالات، ونبزونا بكل مستنكر وكل ناب وكل غريب وكل فاحش ودعونا مجوساً وروافض وخوارج وكفاراً وزنادقة ومتمردين وبغاة وأبناء متعة وعصاة ومتعصبين ومتحجرين وقرامطة وبرامكة ومبتدعة وقبورية.. وإلى ما شاء الشيطان لهم من إفك القول وفاحش الكلام والزور والبهتان..
فصبرنا وفي العين قذىٰ وفي الحلق شجىٰ حتى منَّ اللهُ بنصره وأنعمَ بتمكينه لمن استُضعِفوا وجاهدوا دون أعراضهم وحقهم ودينهم وعقيدتهم ومشروعهم القرآني الحق..
وكان نصيبهم الذل والصغار والخزي والهزائم أينما حلَّ جيشهم واستقر مُعسكرهم، فلم يردعهم ما فعل الله بهم ولمْ يرعو قادتهم عن الغي والبغي والإثم والعدوان، حين خرجنا مطالبين بحقنا في العيش الكريم والمساواة والعدالة مثلنا مثل بقية أبناء شعبنا..
جلبوا لنا من أقطار الأرض شذَّاذها ومنافقيها وطغاتها أملاً في سحقنا وقطع شأفتنا واستئصالنا، فكانوا ومازالوا يدقون الدفوف ويَقرعون طبول الحرب ويُردّدون أهازيج الموت وهتاف الفناء لشعبهم وأبناء جلدتهم عوناً ومساندةً لمن لا يرى فيهم أكثر من عملاء، مرتزقة باعوا الكثير بالقليل ، والخير بالشر ، والوطن بالتصعلك ، والعز بالذل ، والشرف بالمهانة ، والأخوة بالمال ، والعِرْض بالضعة ، والمعروف بالمنكر ، والدين بالدنيا ، والكرامة بالثمن التافه والعَرَض الزهيد .
فاختار الله لهم التشرد والصعلكة والتشتت والتناحر والتحاسد والتنابز والذل والهوان والإقامات الجبرية والسجون السرية والبعد والغربة والقيادات الفاسدة والهينة والممسوخة وباؤوا بغضب الشعب وسخط الجماهير ولعنة الأوطان..
واختار الله لنا بعد العسر يسراً وبعد الشتات اجتماعاً وبعد التشرد وطناً يحبنا ونحبه ويجمعنا ونحميه وندافع عنه بدمائنا وأرواحنا ونفتديه بكل غال وبكل ما نملك..
واختار لنا القيادة الزكية النجيبة المقتدرة الراضية المرضية النزيهة الشريفة المحبة لوطنها والمخلصة لخدمة أبناء شعبها والوفية لدماء شهدائها والباذلة في سبيل عزة وكرامة أمتها..
فأولئك هم، وواقعهم لا يحتاج لبيان وتبيان ، مسخرة الزمن وسُبة الدهر..
ونحن هؤلاء أعزة كراماً، يتغنى العالم ببطولاتنا، وينجذب إلى عنفوان شبابنا، ويغبط فينا قوَّتنا وصلابتنا، ويتمنى الانخراط في صفوفنا، ويعمل جاهدا ليقتدي بنا ويقتفي آثارنا..
فنحن وهم وهذه إرادتهم ومشيئتهم ومن خلفهم أسيادهم من أمراء ممالك العبيد وأنظمة الكفيل..
نعم ؛ نحن وهم وإلى أنْ يُحقق الله نصراً يُعزُّ به من يستحق ويخزي به مَن حقَ عليه القول وغلبته شِقوته وباعدته عن وطنه الذنوب وإدمان الحروب وحبه العداوة والخصام وقطع المودة والأرحام..
فكيدوا إنّا كائدون، واعملوا إنّا عاملون، وامكروا فالله خير الماكرين..
إنَّ معنا الله سيَهدينا هو نعم المولى ونعم الحسيب، عليه نتوكل وبه نستعين، هو مولانا ولا مولى لكم ..
{حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ نَاصِرًا وَأَقَلُّ عَدَدًا}