محمد حسن بن حسن الحسني
أصل كلمة تقنين كلمة غير عربية وهي تعني: صياغة الأحكام في شكل مواد قانونية مرتبة مرقمة على غرار القوانين الحديثة: من مدينة وجنائية وتجارية وعقوبات أو هي: صياغة أحكام المعاملات وغيرها من عقود ونظريات في صورة مواد قانونية يسهل الرجوع إليها.
والقصد منها هو التسهيل على القضاة في أخذ الأحكام من هذه المواد خصوصاً عندما حصل ضعف في مستوى القضاة بشكل عام وإلا فالاصل في القاضي أن يكون مجتهداً ينظر في الأحكام دون الرجوع إلى أقوال الغير لكن حينما نزلت هذه المرتبة وأصبح القاضي مقلداً بأن يأخذ الأحكام من الكتب الفقهية، ثم نزلت هذه المرتبة فأصبح من العسير على كثير من القضاة قراءة الكتب الفقهية قراءة صحيحة فاقتضى الأمر أن يكون هناك تقنين للشريعة على الوجه المعمول به على المستوى العالمي وهو صياغة مسائل الفقة سوى مسائل العبادات على شكل مواد يسهل للقاضي الرجوع إليها والحكم بما فيها.
واشتهر بين الباحثين في علم تقنين الشريعة أن أولى الكتابات فيه هي “المجلة العدلية” التي صدرت في عهد الدولة العثمانية عام 1293هـ الموافق 1876م مستمدة في كتاباتها من الفقه الحنفي وهي مكونة من ستة عشر كتابا في 1851 مادة ثم تعددت الدراسات حول تقنين الشريعة، لكن شابها بعض القصور إذ دخلت فيها القوانين الوضعية التي لا تستند إلى الشريعة الإسلامية.
وفي اليمن صدر في دستورها عام 1970م المنشور في الجريدة الرسمية العدد 7 الصادر في نفس العام والتي نصت المادة 3 منه على أن الشريعة الإسلامية مصدر القوانين جميعاً.
كما نصت المادة منه على أنه يجب تقنين أحكام الشريعة الإسلامية المتعلقة بالمعاملات بما لا يخالف نصاً ولا اجماعاً، ويعين القانون هيئة شرعية فنية تتولى ذلك.
والسؤال هنا لماذا تأخر تقنين الشريعة في اليمن مع أنها من أكثر الدول في العمل بأحكام الشريعة الإسلامية؟
وعود على بدئ في من كان لهم السبق في الكتابة حول تقنين الشريعة إذ كان لليمن السبق في هذا الموضوع على “المجلة العدلية” التي قيل إنها أول من تخصص في هذا الموضوع وكتب فيه والحقيقة أن التقنين بهذا المفهوم كان في اليمن سابق على “المجلة العدلية” فقد صدر قانون في عهد الدولة القاسمية عام 1161 هـ ثم بنيت عليه إضافات في عام 1234هـ ومهما يكن هذا القانون أو إضافاته المتأخرة كلاهما سابق لـ”المجلة العدلية” وما أتى بعدها إذ كان صدور العدلية عام 1293هـ وذلك سابق واختص وتميز هذا القانون في تقنين الأمور المستحدثة ولم في تقنين المسائل الموجودة في بطون الكتب فقط لكنه قنن الأحداث المعاصرة باجتهادات معاصرة وفقاً للشريعة الإسلامية وقنن الأمور المستحدثة في السوق اليمني بما يتوافق مع أحكام الشريعة وهذا مما يزيد هذا القانون قوة وتنوعاً وتميزاً عن التقنين الحاصل في “المجلة العدلية” أو غيرها لكن قانون صنعاء هو ابتكار واتيان بشيء جديد وتعامل مع أمور عينية وهو القانون الذي استمر عليه السوق اليمني إلى يومنا هذا فلا يزال ذلك القانون يعمل به من خلال المسميات والتنظيم الفني للأسواق.