تشكيلة الشوارع المفتوحة وثقافة الهزيمة

 

حسن الوريث

قبل مباراة اليمن واوزبكستان بأسبوع كان ابني وصديقي الصغير عبدالله يستعد لهذه المباراة وكأنه أحد لاعبي المنتخب ويعد الأيام والساعات والدقائق حتى موعد المباراة حيث استعد لمشاهدتها مع أحد زملائه وقد هيأنا له في المنزل كافة الأجواء ومنذ اللحظات الأولى لانطلاق المباراة كان يمني نفسه بفوز كي يتقدم منتخبنا في المجموعة للتأهل إلى الأدوار المتقدمة وحتى بعد أن سجل المنتخب الأوزبكي هدفه الأول لم يتراجع حماسه وظل يشجع بنفس القوة والحماس لكن حين بدأت الأهداف تتوالى على منتخبنا تراجع حماسه وقال لي بكل أسى: خسرنا المباراة وغادر المنزل مع زميله وهو في حالة نفسية سيئة فتبعته للتخفيف عنه لأن حالته أزعجتني وآلمتني كثيراً حيث دار بيننا حوار سأسجله لكم كي نستفيد جميعاً.
قال لي صديقي الصغير: للأسف فقد لعب مدرب منتخبنا بتشكيلة الشوارع المفتوحة التي أدت إلى هذه النتيجة القاسية .. أجبته بالتأكيد يا صديقي العزيز فالموضوع متشعب كثيراً فما يجري لمنتخبنا الوطني الأول لكرة القدم ليس وليد اللحظة أو الصدفة بل هو نتيجة قصور متواصل يتعلق بأمور كثيرة ليست تشكيلة الشوارع المفتوحة أولها وليس المدرب ثانيها فالأمر يبدأ من طريقة إدارة الاتحاد والتخبط والعشوائية التي تحكم عمل أعضاء الاتحاد ابتداءً من رئيسه مروراً بالنائب والأمين العام وصولاً إلى بقية الأعضاء وعدم وجود رؤية حقيقية للعمل الرياضي والإداري فهم كلهم مجرد مجموعة تتبع الشيخ الرئيس الذي يبيع ويشتري في الرياضة كما يحلو له وحول الاتحاد إلى مجرد شركة خاصة أو إقطاعية كل من فيها من رعاياه واستطاع أن يبعد كل الشخصيات الرياضية الكفؤة والقادرة على إدارة كرة القدم اليمنية باقتدار وجعلهم ينسحبون بكل هدوء ويفضلون أن يعيشوا حياتهم بعيداً عن الأجواء المسمومة بتلك الأموال التي خربت الرياضة بشكل عام وكرة القدم بشكل خاص أكثر مما أفادتها لأنها كانت تذهب إلى جيوب المنتفعين وشراء الأصوات الانتخابية وبعض من ينتسبون زوراً وبهتاناً للإعلام الرياضي وما خفي كان أعظم.
قاطعني صديقي الصغير قائلاً هل يعقل أن يكون الاتحاد بهذا الشكل؟ فقلت له: نعم يا صديقي العزيز وهذه النتائج السيئة للمنتخب ليست من الآن ولكن في كل مشاركاته الخارجية ومبارياته الودية والرسمية التي تعكس ضعف الإدارة.. فقال لي: اعتقد أن انعدام المسابقات المحلية من أسباب الهزيمة فنحن نعرف أن اللاعبين لم يشاركوا في أي بطولات محلية حقيقية لكنها مجرد مسابقات للحارات والأحياء وربما أن هذا ما جعل المدرب يلعب بتشكيلة الشوارع المفتوحة انسجاماً مع اللاعبين الذين تعودوا على التنافس في الأحياء الشعبية.
كان كلامه نقطة مهمة فانعدام المسابقات بالتأكيد سبب رئيسي من أسباب ظهور اللاعبين بهذه المستويات السيئة رغم أن الكثير من اللاعبين احترفوا في بعض الدول لكن عقلية وثقافة الهزيمة لدى اللاعب اليمني لم ولن تتغير من تلقاء نفسها فهي بحاجة إلى عمل كبير ودؤوب ورؤية حقيقية واستراتيجية وخطط لتطوير اللعبة كبقية الاتحادات في دول العالم التي تعمل وفق برامج وأجندات وخطط منظمة لكننا فعلاً لن نتغير طالما ومسؤولونا في واد والرياضة في واد آخر وهذا ما يجعلنا دوماً نخسر ونخسر ولا نتعلم أو نستفيد من الدروس وربما أن هذا الأمر لا يهم مسؤولي اتحاد كرة القدم بقدر ما يهمهم كم سيكسبون من المال أو الجاه فلم نسمع في يوم من الأيام أنه تم تشكيل لجنة لدراسة أوضاع المنتخبات وأسباب الهزائم ولماذا اكتسب اللاعب اليمني ثقافة الخسارة والهزيمة وكيف يمكن التغلب على ذلك؟.
عموماً خرجت من الحوار مع صديقي الصغير بأنني في حياتي لم أتألم على أي نتيجة من نتائج مباريات كرة القدم سوى مع أهلي صنعاء الذي أشجعه وأحبه كثيراً أو مع منتخب البرازيل الذي اعشقه حد الجنون والسبب ليس خسارة المنتخب ولكن ذلك الألم الذي شاهدته في ابني وصديقي الصغير العزيز بعد هزيمة المنتخب اليمني من اوزبكستان فقد تألمت عليه وعلى ذلك الانكسار الذي حدث له بعد تلك المباراة وهنا سأقول لا سامح الله أولئك الذين يسهمون في زرع الألم في نفوس الناس بعدم قيامهم بمسؤولياتهم كما ينبغي كما يفعل العيسي وشركاؤه، فبدلاً من زرع البسمة في نفوسنا يزرعون الألم بإهمالهم وسأقول لصديقي الصغير لا تحزن ولا تتألم فدموعك التي شاهدتها بعد المباراة أغلى من العيسي ومن كل أعضاء الاتحاد الذين يهملون واجباتهم ومسؤولياتهم.

قد يعجبك ايضا