الجيش في فكر ثورة 21 سبتمبر.. حامٍ للوطن وذائد عن سيادته
عبدالرحمن العابد
بعد ثلاثين عاماً من الجمود، كان الجيش خلالها فاقداً للمهام الوطنية، متعدد الولاءات لأشخاص وأحزاب، منهكاً بالاقتتال الداخلي، يخوض حروباً لإرضاء السعودية؛ جاءت ثورة 21 سبتمبر لتؤسس قوات مسلحة متحررة من قيود الوصاية، تحمي اليمن وتذود عن ترابه وسيادته.
ظل الجيش لعقود مكشوفاً، وما كان يتم التفاخر به عن تدريبه من عدة دول يثبت الوصاية عليه، وإملاء ما يجب أن يملكه وما لا يملكه، بل بلغ الأمر أن يتم سحب ما بحوزته من تجهيزات، بدعوى أنها تشكل تهديداً لنشاطات دول أخرى، تنتهك سيادة البلاد.
ولعل فشل الجيش آنذاك في الدفاع عن جزر حنيش إزاء احتلالها من إريتريا عام 1995م، مثال حي على تعدد ولاءاته وفقدانه القوة الرادعة، التي تقطع يد كل من يتطاول على أراضي البلاد، في حين وجهت قوته داخلياً بعيداً عن مهامه الحقيقية.
ورغم ما تعرضت له البنية التحتية العسكرية من تدمير ممنهج، نفذته السعودية وطال مختلف القطاعات الجوية والبحرية والبرية، سبقه إقدام أذرعها المحلية على تصفية الكوادر وتحييد التجهيزات، بدأت الثورة الوليدة بناء المقاتل؛ المعادلة الأهم في الجيش ومصدر قوته، والعنصر الأغلى من كافة التجهيزات، من خلال تأهيل الجندي على عقيدة قتالية وطنية.
تجلت ثمار إعداد المقاتل اليمني، المتشرب بالعقيدة القتالية الوطنية، وتخريج دفع وكتائب مدربة، بوضوح في ميدان المعركة، حيث مثل بحنكته وتكتيكه المحترف، كابوساً قض مضاجع القوات الغازية، ملحقاً بها، رغم تسليحه البسيط، أفدح الخسائر في جنودها وآلياتها الضخمة، وهو ما أثار ذهول العالم.
وبالتوازي، مع خطط إعداد المقاتل كان الاهتمام بجانب التصنيع العسكري متنامياً، مستفيداً من كوادر الجيش التي ظلت لأعوام طوال محرومة أو ممنوعة من إخراج قدراتها الإبداعية، ومقيدة باستخدام ما يتم استيراده وحسب.
طوال ستة أعوام مضى التصنيع العسكري بخطوات ثابتة، وفي مختلف القطاعات، بدءاً بالأسلحة الخفيفة كالقناصات مختلفة العيارات، ومروراً بتصنيع الصواريخ مختلفة المديات والقذائف، وانتهاءَ بالصواريخ البالستية والطائرات المُسيّرة، التي ظل تصنيعها حكراً على الدول المتقدمة.
حقق الجيش من خلال التصنيع العسكري الاكتفاء الذاتي في تغطية احتياج المقاتل في المعركة، متجاوزاً فارق التسليح مع نظرائه من القوات الغازية، بل إنه تمكن، من خلال احترافه استخدام الأسلحة المصنعة بأيادٍ يمنية خالصة، من السيطرة على تواجده داخلياً وردع أي محاولات لاحتلال أراضيه.
لم تقتصر إنجازات الجندي اليمني على حماية أرضه، بل أسقط عمق العدو في جيزان ونجران وعسير، ملحقاً بقواته خسائر يعجز عن إنكارها، ووجد نفسه إزاءها مضطراً للاعتراف بجزء يسير منها، رغم توثيق بطولات الجيش الفتي بالصوت والصورة عبر وحدة الإعلام الحربي، التي تمثل إنجازاً آخر لا يختلف عما يحققه المقاتل في المعركة.
تواصل تنامي قدرات التصنيع العسكري ليشمل تصنيع الصواريخ متعددة المهام، بدءاً بالباليستية والبحرية والجوية، ترفد كافة القطاعات باحتياجها في معركة الدفاع عن الوطن، ليبلغ مستوى إنتاج طائرات غير مأهولة، قادرة على إصابة أهدافها بدقة على بعد أكثر من 1500 كيلو متر، وهو إنجاز لم تشهده دول لها باع طويل في التصنيع، علاوة على البدء في حماية أجواء البلاد وإسقاط من يخترق سيادة الوطن.