عملية توازن الردع الثانية.. جرس إنذار أمْ ضربة معلم؟
منير إسماعيل الشامي
في عملية هي الثانية من نوعها نفذت فجر أمس الأول وحدة الطيران المسير العملية الثانية من عمليات توازن الردع الهجومية مستهدفة اكبر مصفاتي نفط لشركة أرامكو السعودية تتبعان الحقل النفطي العملاق بالبقيق وخريص الموقع المجاور له ويصل إنتاجه اليومي إلى سبعة ملايين برميل ويبلغ احتياطي النفط فيه 22 ملياراً.
يعتبر هذا الحقل من الناحية الاقتصادية العمود الفقري لشركة أرامكو وأهم حقل نفطي استراتيجي في المملكة ويقع إلى جهة الشرق من المملكة بمنطقة البقيق التي تبعد أكثر من 1300 كيلومتر عن اليمن.
إستراتيجية الحقل والمنشآت النفطية والصناعية فيه تؤكد أن هذه المنطقة يفترض أن تكون مؤمنة وفق أعلى مستويات الحماية وبكل وسائل وأسلحة الصد والدفاع ضد أي هجوم محتمل عليها.
عملية ردع التوازن الثانية التي نفذتها وحدة الطيران المسير على هذه الأهداف بعشر طائرات مسيرة قطعت أكثر من 130 كم في الأجواء السعودية ووصلت إلى أهدافها وحامت فوقها لدقائق ثم سقطت واحدة تلو أخرى على أهدافها بدقة تصويب بلغت 100 % وبتحكم وسيطرة متناهية الدقة.
العميد سريع في بيانه الصحفي عن العملية أكد على أن هذه العملية هي الثانية من عمليات توازن الردع وأنها تأتي في إطار الرد المشروع على استمرار العدوان مؤكدا بأن هذه العمليات ستتسع أكثر فأكثر وستكون أكثر إيلاما في حال استمرار العدوان.
نوعية الهدف لهذه العملية وتنفيذها كان في الوقت الذي يستعد فيه النظام السعودي ويتجهز لعرض أسهم شركة أرامكو للبيع مما يعني أن توقيت التنفيذ كان مدروساً بدقة متناهية والهدف من ذلك هو التأكيد للنظام السعودي من واقعية تحذير السيد القائد لهم وأن هذا النظام الخاسر الوحيد من استمرار العدوان فهو من يخسر أمنه واستقراره، وتلك هي الحقيقة فلم يعد لدينا ما نخسره مهما قصفوا ومهما استمروا في عدوانهم.
جاءت هذه العملية بعد شهر واحد من عملية ردع التوازن الأولى والتي تم بها استهداف حقل ومصفاة الشيبة النفطي وبالتالي فتوقيت العمليتين إنما هو على سبيل التحذير المتكرر ليفهموا الدرس ويعوه ، مما يعني أن هذه العملية تعني تنفيذ وعود السيد القائد وتحذيراته الأخيرة.
كلفة هذه العملية لا تتعدى قيمة عشر طائرات مسّيرة مصنوعة محلياً ربما لا تتجاوز عشرة آلاف دولار لكن الخسائر المباشرة المترتبة على هذه العملية تفوق عشرات المليارات، ناهيك عن الخسائر غير المباشرة التي ستترتب على هذه العملية من حيث ارتفاع أسعار النفط وانخفاض أسعار أسهم شركة أرامكو إلى أدنى حد ، إضافة إلى توقيف ما نسبته 80 % من النفط المصدّر يومياً لأجَل غير مسمّى مما يؤكد أن هذه العملية رسالة للعالم يجب أن يستوعبها الجميع وأن يتحركوا نحو مصلحتهم.
كل ما سبق يؤكد أن أقل ما يمكن أن توصف به هذه العملية هي أنها ضربة مُعَلِّم فهي في حد ذاتها قلب لموازين المواجهات وخلط لكل أوراق اللعب في المنطقة وأقسى درس للنظام السعودي ينبغي أن يفهمه جيداً ويعيد حساباته وأن يأخذ تحذيرات السيد القائد على محمل الجد ليعي أن القادم سيكون أشد إيلاماً وأكثر توسعاً وأنه يرتكب أكبر حماقة في تاريخه.
ويبقى التساؤل: هل سيعي النظام السعودي رسالة هذه العملية كجرس إنذار أخير أم لا !!