عفاف محمد
في هذا الفاصل الزمني المحتدم بالتقلبات السياسية والتي انتجت حرباً شرسة ضد يمن الإيمان والتي تجلت في صورة عدوان ظالم غشوم أجهز عدته وعتاده على اليمن حضارة وإنساناً .
جاء شعر هذه المرحلة كاستجابة لدواع آنية ،وكان الشعراء قد اتقنوا زرع بصمتهم الشعرية في التاريخ المعاصر..
وأضحى شعرهم مطبوعاً بطوابع الروح الدينية حيث استظهروا من خلالها صوراً إسلامية مصبوغة بالمثالية ،عرف عنه شعر حسن ومسبوك اهتموا بتهذيبه وتنقيحه كما الفنا في تاريخ الأدب العربي كما كان زهير بن سلمى ومن بعده النابغة وبعدهم الخطيئة والفرزدق وسواهم وصولاً للعصر الحديث مع أحمد شوقي.
والشعر كما قال عنه الأديب والشاعر “عبدالله البردوني” هو تعبير فني باللغة عن أي موضوع وعن انعكاسه على حساسية الشاعر.
وقال بعض النقاد عن الشعر إنه هو المفيد والممتع .
وشعراء اليوم اثبتوا انهم ممن يتركون أثراً في النفس والذهن ويصلنا شعرهم بالحياة وصروفها.
والقصيدة لا تأتي بمجرد تراص الكلمات جنباً إلى جنب بل إن المعارف والآفاق الفكرية والثقافة اللغوية والبديهة كلها تشكل قصيدة متكاملة وتعكس جودة القصيدة وحسنها .
وكما هو معلوم اتسم شعر المرحلة بصحوة فكرية وتحرر فكري طارئ جرف معه القديم المترسب والذي لم يكن يختلف عن ديدن شعراء مر علينا شعرهم في فترات متعاقبة اتسم بالهشاشة والركاكة رغم تعدد أغراضه كالمدح، والهجاء، والغزل وغيرها، من الأغراض التي وصلت بعضها لحد الاسفاف في المعاني المبتذلة .
عبر الشعراء المجاهدون المعاصرون بشعر نقي وصاف ومهذب متأثرين فيه ايمّا تأثر بالمسيرة القرآنية وثقافتها ومفاهيمها الجهادية العميقة .
فجالت خواطرهم في المجال الجهادي وتواردت كلماتهم معبرة بدقة وإحساس منساب وتوظيف رفيع للموسيقى حيث امتازت ابياتهم بإيقاع موسقي متفرد ونغم جميل عبروا عن حالة يعيشها المجتمع ككل فغدى الشاعر ملكاً لقارئه حيث جعله يحس بنبض الحياة في قصيدته..
وكما عودناكم نقتطف من بستان الشعر الجهادي زهرة، وزهرة هذا اليوم يفوح عبقها من ربوع الحالمة حيث الثقافة التي تمترس أصحابها خلفها في تاريخ زاخر بالأدب والفن..
شاعرنا لليوم هو الشاعر ابن الحالمة تعز
محمود الجنيد
..محمود محمد علي سيف الجنيد
..تأريخ الميلاد (1991)تعز صبر الموادم (ذلبرح)
..متزوج وله اثنان من الأولاد أحمد ورضاء.
..بدايته الشعرية منذ ضحوة صباه وهو في عمر12 سنة بدأ بالشعر الفصيح ومن بعد استعار الأحداث تيقظت موهبته مجدداً بعد التحاقه بالمسيرة القرآنية وقد تأثر بشدة بالشاعر الجهادي الشهيد عبدالمحسن النمري الذي قاد ثورة فكرية جهادية عارمة.
التحق شاعرنا بجامعه مأرب قسم آداب انقلش لمدة سنتين ولم يحالفه الحظ بإكمال دراسته بسبب الأحداث المتواترة .
وقد سخر شاعرنا قصائده في سبيل الله مواجها بها اعداء الله من اليهود والنصارى وللإيقاظ والتحريض ضد الظلم والتمرد على الطغاة وكسر القيود.
وله قصائد نارية وثورية عديدة منها ما أنشد بأصوات مختلفة من منشدينا اصحاب الحناجر المزلزلة، ومنها مالم ينشد ومن قصائده التي انشدت كزوامل ..
1..بعت الكرامة ..للمنشد هاشم زبيدة وكان اول زامل له ..
وكانت قصيدته هذه ردا على المرتزق الذي قال إنه سيقدم خواته الخمس للغزاة معبراً بها عن حميته وغيرته وشهامته اليعربية الأصيلة المتعارف عليها في مجتمعنا عند الأحرار الشرفاء.
2..اغزي مع الله ..للمنشد سالم المسعودي
بعد مس الشرف يالعن ابو من تخلف واختبى وارتجف واصبح
ولا قرش يسوى…
وهذه الكلمات الثائرة جاءت لإيقاض الضمائر فكيف بها السكوت بعد ما يحدث من امور مشينة تمس الشرف والذي يعتبر عيباً أسود في الأعراف اليمنية مبيناً في الأبيات ان من يسكت عن هكذا تمادي لا يساوي شيئاً فقدره محنطاً وسافلاً .
3..ياسلاحي تفجر ..للمنشد عبد الخالق النبهان
ياسلاحي تفجر واخلط الدمع بالدم
بيد جييش التحالف ياسلاحي إبادة..
وهنا تتفجر كلماته عنفواناً
4..لله محيايا ولله مماتي..للمنشد ذي الفقار السراجي..
كم هي عظيمة هذه الأبيات التي حينما نسمعها تشدنا الى الله والتحرك في سبيله وان الإنسان الواعي والمؤمن قد وهب حياته ومماته لله. …
5..ساحل تهامة ..للمنشد هاشم زبيدة…
وهنا دوّن شاعرنا قصيدة حاكياً أمجاد بطولات الشهيد الرئيس الصماد واستشهاده في ساحل تهامة.
6..كاشفات الهموم..للمنشدين وضاح السراجي ومحمد المحفدي
ترجم في أبياتها تسبيح البنادق في جبهات القتال وكيفية التنكيل بالمنافقين وأسيادهم.
7..الله اكبر كبروا فوق التحالف..للمنشد حسين الطير..
وهي عبارة عن مرثية بصوت المنشد الشجي عن أحد الأبطال المجاهدين الشهداء من بني بحر محافظة صعدة .
8..سفينة نوح ..للمنشد احمد الحضرمي وهاشم الددا..وهذه القصيدة الحيدرية
تحكي تسليم الشعب اليمني للسيد العلم عبد الملك بدر الدين الحوثي..وقد ربط فيها واقع اليوم بأنبياء ورسل
وأعلام هدى ..
9..احتفي بالولاية ..للمنشد سالم المسعودي
وهي القصيدة التي تتزامن اليوم مع عيد الغدير الأغر الذي يحمل حقائق جسام عمد المغرضون لتشويهها وطمس معالمها
انشدت هذه القصيدة قبل ايام في ذكرى ولاية الإمام علي عليه السلام..ومطلعها
رددي ياهذه الدنيا ولائي
واحتفي يالكون في عيد الولاية
جددي للمصطفى الهادي وفائي
لا وربي مارضينا بالوصاية
حيدري بأسي شموخي كبريائي
نخوتي ضربت يميني والرماية
صولتي في الحرب إيماني إبائي
مهجتي نفحة شعوري وانتمايه
حيدري والدم الأحمر كربلائي
ما خشيت الموت دام الموت غايه..
وهنا يجدد الشاعر الولاية في عصرنا هذا وكله إدراك وفهم للواقع وللحقائق بشموخه وكبريائه .
نلاحظ ان قصائد الشاعر محمود الجنيد مشحونة بالصدق العاطفي الذي يتجلى مبيناً جهاده وتحركه في ميدان العمل الجهادي واخلاصه والذي يصل لدرجة الاتقاد، وسرعان ما توحي بالانسجام لصدقها وديموميتها عند المتلقي.
ولشاعر الحالمة تعز ..ملاحم شعريه لم يتسع المجال لذكرها.
وتاريخ محمود الجنيد الشعري حافل بالعديد من المشاركات واللقاءت في القنوات التلفزيونية والإذاعات اليمنية المناهضة للعدوان الصهيوني السعودي الامريكي لقوتها ووجاهتها.
كذالك له مشاركات عديدة في المسيرات والوقفات منذ التحاقه بالمسيرة عام 2010.
كانت الأحداث المستعرة والفوضى الضاربة في تعز الحالمة قد انعكست على نفس الشاعر محمود الجنيد حيث وأنه من اسرة ترصدها المغرضون بالويل والثبور وتعمدوا خنق حركتهم الفكرية والعقائدية التي كانت منزوعة من الثقافة القرآنية والتي لاقت استهجان وحمق كل من يعارض هذا الفكر النير .
حيث وآل الجنيد قد استباح الحاقدون حماهم، وتعرضوا لأبشع صور الحصار والقتل والظلم وكذلك لطرق التعذيب غير الإنسانية وغير الشرعية التي ابتدعها التكفيريون مثل حز الرؤوس والسحل ونبش القبور.
وكان شاعرنا محمود الجنيد أحد المجاهدين الأفذاذ الذين تحاصروا وخاضوا معركة الصراري المعروفة واحد الناجين من براثينها .. وكان خروجه من قرية الصراري بعد اقتحامها قد فجر ثورة إبداعه المكنون ..
وآل الجنيد لهم صولة وجولة في عالم العلم والأدب والفن وقد كثر فيها المثقفون الذين ضخوا اطروحاتهم الوعظية والأدبية والفنية حيث ولهم اتجاهات فكرية وعقائدية متصوفة امتازت بعذوبة وحلاوة اللفظ والمعنى وسلاسة الأسلوب .
ولم يكن شاعرنا بعيدا عن مآثر اجداده، وكذلك معاصريه مثل الشاعر الأسطورة معاذ الجنيد والمفكر والعلامة محمد الجنيد والعلامة عندنان الجنيد والكثير من افراد هذه الأسرة التي برزت في اتجاهاتها الفكرية والعقائدية. ناهيكم عن أن معظم ابناء الحالمة يحملون ميزات إبداعية متنوعة على سبيل المثال الشاعر والأديب المبدع الصحفي صلاح الدكاك .
ونستعرض وإياكم احدى ابداعاته الشعرية في قصيدة له بعنوان ..
ثأر الصراري
يبن التحالف ياغريم الصراري
ابشر ..بيوم اشبه بيوم القيامة
فيها زلازل دكدكة سم ناري
الموت فيها للدواعش سلااااامة
ياديرتي مابا يطول…. انتظاري
جيتك بكتفي جرملي وانتقامه
اقسم برب العرش لاخذ بثاري
واكسر نخاع الخصم واحرق عظامه
رد ..اعتباري من خشوم الجتاري
والبادي اظلم ياعرب لا ملامه
ان مت باقي صورتي في جداري
لبني ولبن ابني عليكم علامه
اشتي سبب واحد يبرهن حصاري؟
ما هو..سبب قتلي قلولي. علااااامه؟
ما هو…سبب ذبحي وتفجير داري؟
ايش السبب ياشعس نعل اليمامه
هل كان قتلي في صحيح البخاااري؟
واجب يطبق في الصراري نضامه
ايش السبب ياصاحبي قبل جاااري؟
وحنا هل المعروف واهل الشهامه
لو قلت شكرآ ..لبتسملي حماري
لكن حماري مفتهملي كلامه
ضد السعودي والله اكبر شعاري
بقتل وبتقطع وبحرق امامه
عيش الكرامه مبدأي واختياري
لاعاش من باع الشرف والكرامه
بعنا الجماجم دام والله شااااري
العز نصره. والشهادة وسااامه
هبو ..عليهم ياالأسود الضواري
دومو .ابتهم باالمعارك دواااامه
دقو ..جماجم من تجاهل حذاري
لابد يعرف كل واحد (مقامه)
بااااهد داره مثلما هد ..داااري
وانزع من الدنيا عليه الإقااامه
رغم الحسد والحقد باقي اثاري
مرفوع من فوق السماء الف قااااامه
بأخذ بثأري عهد لأخذ بثااااري
اليوووم ولا…قبل يوووم القياااااامه
وفيها تستعر كلماته الثائرة على الجور الذي لاقوه في الصراري ويكشف فيها سوءة الظالين الذين على اعينهم غشاوة حجبتهم عن ادراك الحقائق وجعلتهم مجرد ادوات رخيصة تخدم المحتل والغازي وتلحق الضرر بدياره واهله من شرذمة يفوح منها نتن العنصرية والحقد والخبث .. وقد وصل هذا الشاعر لحجم هذا الوعي من خلال تجربته المأساوية التي تسببت بإخراجه من مرتع صباه وذكرياته الحميمة الأليفة مع اهله وصحبه ودياره الحميمة.
كما في هذه القصيدة الأخرى التي يخاطب فيها دياره التي يفتقد كل تفاصيلها ويقول:
ياديرتي لاتسألي وين محمود
ولا تقولي ليش طول غيابه
موجود انا في ساحة العز موجود
بين الأسود الكاسرة والذيابه
باعود حامل
مل راية النصر باعود
والمعتدي لابد يقرأ كتابه
موعود من رب السموات موعود
بالنصر ما عليا سوى الاستجابة
ومن منطلق ثقته با الله يخاطب دياره انه سيعود حامل راية النصر وان الله لا يخلف وعده.
ووصف هذا الشاعر بشدة بأسه ومعاداته للمعتدين الذي صفاتهم لا يغفل عنها لبيب.
وعند التطلع لقصائد الشاعر محمود نجد انها ممزوجة بألوان شتى من الوظائف والدلالات الفنية والصور الجمالية نجدها متحركة في الإطار الفني السائد ضمن تقاليد الفن ومستلزماته.
وقد اتقن شاعرنا اللون الشعبي كونه يحاكي الواقع المعاش ويصف الملاحم القتالية التي تصف شجاعة وانفة ومروءة وبراعة المقاتل اليمني والتي تتعمق في سرد الانتصارات الساحقة والتفاخر بالأهداف الصاروخية الدقيقة والتطورات الإبداعية في التصنيع الحربي وهكذا هو ديدن شعرائنا المجاهدين الأفذاذ الذين ينتشون بالإنتصارات العظيمة التي تشرئب لها الأعناق.