الأمم المتحدة وملف الحديدة

عبدالفتاح علي البنوس
في الثالث عشر من ديسمبر من العام الماضي تم التوقيع هناك في العاصمة السويدية ستوكهولم على ما عرف باتفاق الحديدة بين الوفد الوطني ووفد الرياض والمرتزقة ، والذي نص على وقف إطلاق النار وانسحاب المسلحين وإعادة الانتشار ، وتم بموجبه تشكيل لجنة تنسيق أممية للمراقبة والإشراف على وقف إطلاق النار والانسحاب وإعادة الانتشار برئاسة الجنرال باتريك كاميرت والذي لم يقم بأي تحركات تصب في جانب تنفيذ الاتفاق ، ليخلفه الجنرال لوليسغارد والذي جاء بعد أن اتخذ مجلس الأمن قرارا بتشكيل بعثة دائمة للأمم المتحدة في الحديدة ، وكنا نظن وبعض الظن إثما ، بأن هذه الخطوة ستسهم في تحريك المياه الراكدة في ملف الحديدة وستتيح للأمم المتحدة والمجتمع الدولي الاطلاع عن قرب على حقيقة ما يجري في الحديدة ومدى التزام الأطراف الموقعة على اتفاق السويد بشأن الحديدة بمضامين ما تم التوقيع عليه ، وستمكنهم من تسمية الطرف الذي يقف حجر عثرة أمام ذلك بحيادية وشفافية دونما مراوغة أو مداهنة .
ولكن المشكلة أن الواقع لم يتغير ، في ظل رفض قوى العدوان ومرتزقته تنفيذ خطوات الاتفاق المنصوص عليها ، وتعمدهم الواضح تأزيم الأوضاع ، ورفع درجة التوتر ، من خلال استمرار عمليات الحشد العسكري والذي يشير إلى استعداداتهم لخوض معركة ، لا الذهاب نحو التهدئة وتطبيع الأوضاع ونزع فتيل التوتر ، وخفض مستوى التصعيد ، تحشيد يتزامن مع خروقات وانتهاكات بالجملة يرتكبونها يوميا على مرأى ومسمع لجنة التنسيق والمراقبة والبعثة الأممية ، رغم الخطوات الأحادية الجانب التي اتخذها الطرف الوطني على طريق تنفيذ الاتفاق المتمثلة في الانسحاب من موانئ الحديدة الثلاثة لقوات خفر اليمنية تحت إشراف الأمم المتحدة ، والانسحاب من المواقع التي نص عليها الاتفاق ، ومن ثم المبادرة التي أعلن عنها قائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي التي نصت على فتح حساب خاص بالمرتبات تورد إليه كافة إيرادات موانئ الحديدة لإنهاء معاناة الموظفين المنقطعة مرتباتهم ، كإثبات لحسن النوايا ، على أمل أن تلعب الأمم المتحدة دورا مؤثرا ، وتمارس المزيد من الضغوطات على قوى العدوان ومرتزقته لتنفيذ خطوات مماثلة من جانبهم وإنهاء حالة المماطلة واللامبالاة التي يبدونها تجاه الاتفاق الذي شارف على انقضاء عامه الأول دون أن يرى النور على حيز التنفيذ بسبب تلكؤ ومماطلة وتهرب قوى العدوان ومرتزقته ، وعدم جدية وحزم الأمم المتحدة في إلزامهم بالتنفيذ .
ولا أعلم ما الذي تحتاجه الأمم المتحدة ومجلس الأمن حتى يتخذان قرارات ملزمة لقوى العدوان ومرتزقته بالشروع في التنفيذ ، ووقف كافة الخروقات وإنهاء كافة مظاهر التصعيد والتأزيم التي تقوم بها ، والتي بات السكوت وغض الطرف عنها من قبلهما يجعل منهما شريكين لقوى العدوان والمرتزقة في كل ذلك ، وما قد يترتب عليها من تداعيات كارثية ، قد تتسبب في نسف الاتفاق برمته والعودة إلى ما قبل اتفاق السويد .
بالمختصر المفيد، لا نريد اجتماعات ومفاوضات لإلتقاط الصور ، وتضييع الوقت ، وتمديد عمل اللجنة البعثة الأممية ، لا نريد جعجعة بلا طحين ، ما فائدة تشكيل فرق مراقبة لوقف إطلاق النار لا أثر لوجودها ودورها على الأرض ، أهالي الدريهمي يعانون جراء الحصار الغاشم المفروض عليهم منذ قرابة العام ، فهل يحتاج هذا الحصار لفريق مراقبة ، أم يحتاج إلى قرار برفعه وإنهاء معاناة المواطنين هناك ؟!! زحوفات وخروقات المرتزقة لم تتوقف ، فلماذا لا تتخذ الأمم المتحدة إجراءات عقابية رادعة ضدهم ؟! ما هو المانع الذي يحول دون ذلك ؟! الأمر لا يحتاج سوى المصداقية والحيادية الأممية التي تضع النقاط على الحروف ، وتلزم قوى العدوان وأدواتها الرخيصة من المرتزقة بالتنفيذ العملي لمضامين الاتفاق ، ووضع نهاية للمسخرة القائمة ، التي تسيء للأمم المتحدة ومجلس الأمن قبل قوى العدوان ومرتزقته.
هذا وعاشق النبي يصلي عليه وآله .

قد يعجبك ايضا