صمود حكومة الإنقاذ الوطني في مواجهة التحديات الكبرى

عبدالرحمن سلطان
من المعروف، إن الشرارة الأولى لعاصفة العدوان (السعودي – الإماراتي – الأمريكي) على بلادنا اليمن، انطلقت في يوم 26 مارس 2015م، بصورة مفاجئة وغادرة وغير متوقعة على الإطلاق، وجاء هذا العدوان الوحشي الظالم، على شعبنا اليمني الآمن والمسالم، ليمثل– في حد ذاته – انتهاكاً سافراً لكافة المبادئ والقيم العربية والإسلامية والإنسانية، وكافة القوانين والشرائع الدولية والإنسانية المعمول بها في العالم أجمع، كما جاء ذلك العدوان البغيض، ليمثل أيضاً جريمة الجرائم الوحشية العظمى، في تاريخ الإنسانية كلها، والتي لا مثيل لها إلا في شرائع الغاب، وقوانينه الهمجية الباغية، وأحكامه الدموية القاتلة.
ولقد تسبب هذا العدوان الإجرامي الظالم على بلادنا اليمن، في إلحاقها بأفدح الخسائر البشرية والمادية والمعنوية الواسعة النطاق، وبحيث أصبحت تعيش اليوم في أسوأ الأوضاع والأحوال المزرية، وصارت تمثل الآن أتعس وأفقر دولة على النطاق العالمي، بإقرار منظمة الأمم المتحدة، وهيئاتها المتخصصة وغيرها.
وفي ظل تصاعد الحروب والأزمات المتفجرة في عموم بلادنا اليمن، تم في الثاني من أكتوبر 2016م، تكليف دولة الأستاذ الدكتور عبدالعزيز بن حبتور، بتشكيل حكومة الإنقاذ الوطني، والتي تم الإعلان رسمياً عن أسماء أعضائها في 28 نوفمبر من العام ذاته، وتم في اليوم التالي قيامهم بتأدية اليمين الدستورية أمام رئيس وأعضاء المجلس السياسي الأعلى، وفي الأول من ديسمبر من العام نفسه، قام مجلس النواب بمنح حكومة الإنقاذ الوطني، الثقة الكاملة، حيث أخذت بعد ذلك في مباشرة أعمالها الحكومية والرسمية، بصورة فعلية وحقيقية.
ومن المعلوم حق العلم، إن قيام حكومة الإنقاذ الوطني، جاء متزامناً ومتواكباً مع تصاعد براكين الحروب والصراعات والأزمات المتفجرة في عموم بلادنا، والتي يمكن اختزالها بمسلسل الأحداث والتطورات التالية:-
1 – استمرار عمليات العدوان (السعودي – الإماراتي – الأمريكي) الغاشم تجاه بلادنا، على مختلف المسارح الجوية والبرية والبحرية، وتزايد خسائر بلادنا البشرية والمادية والمعنوية، المترتبة عن هذا العدوان الإجرامي الآثم.
2 – استمرار تفجر الحروب الطاحنة، والاشتباكات المسلحة، على الساحة الوطنية، بين قوات الجيش واللجان الشعبية، المدافعة عن الوطن والأمة، وبين قوات العمالة والارتزاق المدافعة عن مصالحها الذاتية، ومنافعها الوقتية، ولا شيء غير ذلك.
3 – تعاظم الأزمات الطاحنة في عموم البلاد، والتي شملت كافة المجالات (الاقتصادية والاجتماعية والإعلامية والثقافية والعلمية) وغيرها، وأدت الى إصابة البلاد والعباد بالشلل الرهيب، وبصورة غير معهودة من قبل.
4 – توقف مرتبات الموظفين والعاملين في الدولة، وتوقف الأعمال الأهلية، وارتفاع أسعار المواد الأساسية بصورة جنونية، وتزايد حالات الفقر والمرض والبطالة في البلاد، وانتشار أعمال النزوح والتشرد الجماعي، في عدد من المناطق المشتعلة بالحروب والمواجهات القتالية.
5 – تدهور أوضاع العلاقات اليمنية المشتركة، مع غالبية الدول العربية والإسلامية والأجنبية، وغالبية المنظمات والهيئات الإقليمية والدولية.
وبناء على ما تقدم ذكره، يمكن القيام باستعراض جوهر الأعمال والإنجازات الوطنية المباركة، التي اضطلعت حكومة الإنقاذ الوطني، برئاسة دولة الأستاذ الدكتور عبدالعزيز صالح بن حبتور، بتنفيذها وتحقيقها بصورة فعلية وعملية، والتي أدت بدورها، الى ترسيخ صروح الأمن والأمان والسلام، وتعميق قواعد البناء والوحدة والنهضة المنشودة، وتعزيز أواصر الاخوة والمودة والصفاء بين أبناء الشعب اليمني الواحد، شعب الصمود والثبات والنصر العظيم.
ولذلك من الأحرى بنا، القيام باستشراف آفاق تلك الأعمال الوطنية، والانجازات التاريخية المرموقة، على النحو التالي:-
1 – القيام ببذل أقصى الجهود الممكنة، من أجل وقف عاصفة العدوان (السعودي – الإماراتي – الأمريكي) الغادر على بلادنا اليمن، بكافة عملياته (الجوية والبرية والبحرية)، وإنهاء الحصار المفروض على بلادنا، وتحرير أرضها من الوجود الأجنبي الجاثم على صدرها وقلبها في الوقت الراهن.
2 – القيام بمواجهة الجماعات والمليشيات المسلحة، التابعة لدول التحالف (السعودي – الإماراتي – الأمريكي) المعادي، والتخلص من شتى أعمالها الإجرامية، وتصرفاتها العابثة، وذلك في إطار استراتيجية وطنية صحيحة وحكيمة، تعنى ببناء الدولة اليمنية الجديدة، دولة الوحدة والتقدم والرخاء، دولة الحق والعدل والسلام.
3 – القيام بحشد وتعبئة القوات المسلحة، وقوات الأمن وقوات اللجان الشعبية، وسائر القوات الأخرى، والقيام بتجهيزها تجهيزاً نوعياً ومتميزاً ومتفوقاً، الى اقصى الحدود الممكنة، والقيام بتزويدها بكافة متطلباتها القتالية والميدانية والمعنوية، وكذا تزويدها بترسانة الصناعات العسكرية الوطنية، كصناعة الصواريخ البالستية، وصناعة الطائرات المسيرة، حتى يكون بمقدورها القيام بتأدية مهام الدفاع عن الأرض والعرض والشرف والكرامة الوطنية المقدسة، والذود عن حرية بلادنا اليمن وعزتها واستقلالها الوطني، بكفاءة عالية، واقتدار عظيم.
4 – القيام بتطوير مجالات العمل السياسي اليمني الجديد، وتحديد اتجاهاته واهتماماته وخياراته السياسية الكبرى، وتحقيق أهدافه وغاياته وطموحاته الوطنية القصوى، وترسيخ دوره المجيد، في شتى الحقول والميادين المتعلقة ببناء الدولة اليمنية الجديدة، وتحقيق وحدتها ونهضتها الشاملة، وتعزيز مكانتها الإقليمية والدولية المرموقة.
5 – القيام بتطوير آفاق العمل الوطني الخلاق، في شتى الحقول والميادين المتعلقة بالشؤون التنفيذية والتشريعية والقضائية، والعمل على إحياء مؤسسات الدولة وأجهزتها المختلفة، والنهوض بها الى مصاف الآمال والتطلعات الوطنية المنشودة والمرجوة.
6 – القيام بحشد وتعبئة القوى الوطنية الحية، والجماهير الشعبية الواسعة، وتوحيد جهودها وقدراتها الجماعية، وتوجيهها لتحقيق الحوار الوطني المشترك، وتحقيق المصالحة الوطنية التاريخية الكبرى، وصولاً لتحقيق السلام العادل والكامل والشامل، في عموم بلادنا اليمن.
7 – القيام بإدارة الأزمات الاقتصادية المتفجرة في بلادنا اليمن، والعمل على مواجهتها، والتحكم بها والسيطرة عليها، قدر الإمكان، وذلك عبر القيام بما يلي:-
أ‌- تطوير وتجديد المصادر الاقتصادية الوطنية، وإيجاد الظروف المواتية لتطوير النظام المالي والمصرفي الجديد، والعمل على إعادة مقر البنك المركزي اليمني الى العاصمة صنعاء، حتى يتسنى له العمل بصورة مستقلة ومحايدة، والقيام ببذل أقصى الجهود والطاقات الممكنة، من أجل صرف مرتبات موظفي الدولة في أوقاتها الشهرية المحددة.
ب‌- تطوير نظام إدارة المال العام في الدولة، وترشيد الإنفاق العام، وزيادة الإيرادات العامة، وتطوير الأجهزة الإدارية المتخصصة في الشؤون المالية والجمركية والنقدية والتمويلية في بلادنا.
8 – القيام بإنعاش المؤسسات الإعلامية والثقافية والعلمية في بلادنا، وتطوير مجالات أعمالها وأنشطتها المختلفة، على الرغم من تردي أوضاعها المالية السيئة، نتيجة لاستمرار الأعمال العدوانية المتواصلة تجاه بلادنا، منذ عام 2015م وحتى الوقت الراهن.
9 – القيام بتكثيف الجهود الحكومية، وتركيزها في مجال جذب الهيئات والمنظمات الإقليمية والدولية، واستقبالها في صنعاء، حيث ساهمت في تقديم شتى صنوف الدعم والمساعدة من أجل مواجهة مخاطر الفقر والمرض والبطالة المنتشرة في عموم البلاد، على الرغم من أن القوى الإجرامية المعادية لبلادنا، وفي مقدمتها السعودية والإمارات والولايات المتحدة، كانت تحول دون وصول تلك الهيئات والمنظمات الى صنعاء، وإعاقة أعمالها الإنسانية النبيلة في البلاد.
10 – القيام بتعبئة مراكز صنع القرارات العليا، في جميع الدول العربية والإسلامية والأجنبية، وكذا تعبئة الرأي العام العالمي، وتطويعه لدعم القضية اليمنية ومساندتها وتأييدها، بكل حزم وشدة وإصرار، على الرغم من قيام الدول المعادية لبلادنا، بصرف مئات الملايين من الدولارات، بهدف إجهاض القضية اليمنية، وطمرها تحت التراب، وعدم الاكتراث بها على الإطلاق.
وختاماً يمكن القول، إن عملية استتباب الأمن والأمان والسلام في عموم محافظات الجمهورية، الواقعة تحت سلطة المجلس السياسي الأعلى بقيادة فخامة الرئيس مهدي محمد المشاط، وحكومة الإنقاذ الوطني برئاسة دولة الأستاذ الدكتور عبدالعزيز صالح بن حبتور، – أي أن تلك العملية المباركة – لم تأت من فراغ، أو من قبيل الصدفة العابرة، وإنما أتت نتيجة لقيام المجلس السياسي الأعلى وحكومة الإنقاذ الوطني، ببذل أقصى الجهود والطاقات والخبرات العالية، من أجل مواجهة قضايا الحرب والسلام والبناء الوطني الشامل، والارتفاع الى مصاف تحدياتها الآنية والمستقبلية، والتعامل معها برؤى استراتيجية واضحة وحكيمة، والتعاطي معها بروح العصر اليمني الجديد، وآفاقه الواسعة والشاملة.
وليس أدل على ذلك، من أن جميع المحافظات الشمالية، تنعم بالخير والهدوء والسكينة والاستقرار في الوقت الراهن، بينما المحافظات الجنوبية، تشهد منذ وقوعها تحت سلطة الاحتلال السعودي – الإماراتي – الأمريكي الغاشم، في يوليو 2015م وحتى اليوم، أقوى الاشتباكات المسلحة، وأشد الأعمال الإجرامية، وأعنف الفوضى الشاملة.
وما حدث في عدن وأبين وشبوة وغيرها، منذ بداية أغسطس الماضي، من قبل ما يسمى بالمجلس الانتقالي الجنوبي، وكذا من قبل القوات الجوية والبحرية والبرية الإماراتية من أعمال القتل والدمار والنهب والسلب والتشريد الجماعي تجاه أبناء المحافظات الشمالية، بل وتجاه أبناء بعض المحافظات الجنوبية، – أي أن ذلك كله – يؤكد تمام التأكيد، على أن المحافظات الجنوبية، سقطت اليوم في محارق الدمار والخراب والفوضى الساحقة، وأخذت اليوم تسير في اتجاه الحاضر المظلم، والمستقبل المجهول، والمصير المشؤوم، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
• كاتب ومفكر في الشؤون الإسلامية والدولية – رئيس مؤسسة المستقبل الدولي (IFF).
Sultan.it3@gmail.com

قد يعجبك ايضا