بيان حمود المخلافي.. بين إدمان الدعشنة لمحافظة تعز والعطش المبطَّن للمشاركة في مشروع التقسيم
فهمي اليوسفي
من خلال اطلاعي على البيان الذي أصدره حمود المخلافي والذي يدعو فيه مرتزقة حزبه ومن معهم من المحسوبين على هذه المحافظة ممن يقاتلون مع دول العدوان للعودة إلي هذه المحافظة بذريعة تحريرها من مخططات الإمارات وحصار الحوثي – حسب ما ورد في البيان .
البعض يعتبر أن هدف القوى التي اصدرت البيان هو نقل المعركة من المدينة إلى أعماق الريف لمواجهة أجندات الإمارات، لكن في اعتقادي أنَّ هذا تشخيص جزئي بينما الهدف الأعمق هو نقل بعض هؤلاء المرتزقة إلى الحدود الشطرية القديمة ما قبل 90م وتوزيع البعض الآخر على الحدود الجديدة، وربما تأتي معلبة جاهزة من مطابخ الغرب بحيث تكون دواعش هذا المربع مرشحة لقيادة الدولة التي ستأتي من رحم الجسد اليمني.
يتجلى وضوح المخطط من خلال الدور الذي تلعبه رباعية الشر والعدوان ( الرياض وأبو ظبي +واشنطن ولندن ) في الجنوب.. ولنأخذ نموذجاً نستدل به لتصويب مشروع التقسيم، حيث سنجد العديد من المؤشرات منها:
عندما سيطر مرتزقة الانتقالي على عدن واتجه إلى شبوة سرعان ما شجب حزب الإصلاح شريكه الانتقالي في العدوان ودفع بأعضائه المحسوبين على مارب والجوف لخوض معركتهم في شبوة ضد النخبة الشبوانية المدعومة إماراتيا ومن ثم أبين حتى محيط محافظة عدن بعد أن توعد دواعش حزب الإصلاح بإبادة الانتقالي، الأمر الذي جعل الرباعية ربما تعطي الضوء الأخضر للانتقالي بسحب قواته من أبناء الجنوب المتواجدة في الساحل الغربي وتوزيع جزء منها إلى عدن والبعض الآخر على الحدود الشطرية، وهذا مؤشر على أن مشروع التقسيم وارد من المطبخ الانجلوأمريكي وسيكون الجنوب + مارب والجوف دولة وليدة.. هذا ما جعلني اقول إن المساعدة التي قدمها زايد بن سلطان خلال السبعينات لإعادة بناء سد مارب ليست من فراغ بل دليل على مطامع الرباعية في اليمن ومنها الإمارات وإن مخطط التقسيم معد منذ عقود من الزمن ..
على نفس السياق وجَّه الانتقالي تحذيرات ربما القصد منها قوات طارق عفاش على أساس مغادرة الجنوب ليكون نقلها فيما بعد إلى الحدود الشطرية السابقة..
هنا تتضح الصورة، أن الأجندات المساندة للعدوان برمتها متفقة وباصمة بالعشر على مشاريع التقسيم، وأن الضجة الإعلامية بين فصائل المرتزقة ليست سوى زفة للعروس، أي بتعبير أدق هي مسرحيات وهمية والمسلَّمات تؤكد أن أجندات العدوان لا تتخذ مثل هذه القرارات بل تأتي إليها معلبة جاهزة وما عليها سوى التنفيذ.
خلال هذه الأيام بدأت العديد من وسائل الإعلام الدولية تُسرِّب معلومات عن مشاريع واعدة لتقسيم اليمن، وتبرز ملامح هذا المشروع من خلال عدة زوايا منها الصحافة الغربية بما في ذلك تلميحات “غريفيث” من خلال تصريحاته لبعض وسائل الإعلام الدولية ..
كما أن الدبلوماسية الروسية خلال هذه الأيام بدأت تحذِّر من تقسيم اليمن، وتحذير دولة عظمى كروسيا ليس من فراغ بل دليل على غزارة المعطيات لديها المتعلقة بهذا الشأن وامتلاكها أقوى جهاز استخباراتي على مستوى العالم ..
لم يقتصر الأمر على ما تم الإشارة إليه سلفا، حيث سنجد بيانات قوى الارتزاق تبزغ بإدانتها أعمال الانتقالي، والغرض إخراج وإخفاء بصماتها و مشاركتها في الجريمة لتظهر أمام نظر العامة بأنها اعترضت مثل هذه المشاريع ولا تمانع من أخذ نصيبها من كعكة التقسيم ..
كما أن بيانات الشجب والاستنكار التضليلية لمطابخ حزب الإصلاح الداعشي عن الانتقالي والتقسيم، وكأن هناك استعداداً مبطناً لاستقبال مشروع التقسيم من قبل فصائل التكفير والتفجير واستلام نصيب الدواعش من الذبيحة الذي من المحتمل أنه سوف يأتي إليهم ..
إذاً ربما مخطط التقسيم سيكون عليه ديكور وزخرفة جديدة، والذي أتوقع تسويقه عبر النافذة الأممية، بحيث يعود الجنوب دولة يضاف لها مارب والجوف، وبحيث تكون تعز وإب والبيضاء وريمة والحديدة وأجزء من حجة دولة مستحدثة يقودها الدواعش. ثم تكون الثالثة هي ذمار وصنعاء وعمران والمحويت وصعدة دولة مستحدثة يتم الاستمرار في حصارها، وهذا ما سربته بعض الصحف الغربية ..
هنا يصبح من السهل تصويب الدور الخفي لغريفيث في الاستعداد لوضع طلاسم نقل مشروع التقسيم إلى حيز الوجود عبر النافذة الأممية ..
على نفس السياق .. من يعود لأرشيف التاريخ سيجد معطيات كثيرة تصب نحو تقسيم الجسد اليمني منذ صيف 94م إلى حروب صعدة، إلى ترسيم الحدود، إلى مبادرة الخليج ومخرجات الحوار الوطني ومسودة لدستور جديد يمهِّد للتقسيم، وصولا لمرحلة العدوان المستمر على بلدنا منذ 5 سنوات وحتى اليوم ..
على هذا الأساس كيف نفهم مثل هذه المشاريع ونسمي الأمور بمسمياتها بعيدا عن الترجمات السطحية والمشوهة بما يكفل الوصول لمعرفة شفرات اللغز وإجهاض هذه المشاريع وإفشال هذه المخططات البالغة الخطورة على حاضر ومستقبل اليمن ..
وعلى قاعدة “لقوم يعقلون. . يتأملون. يفكرون. يتذكرون. لقوم يؤمنون. وووو إلخ” ..