إحاطات غريفيت المتسعودة
عبدالفتاح علي البنوس
إحاطة مارتن غريفيت أمام مجلس الأمن بالأمس لم يختلف مضمونها كثيرا عن مضامين الإحاطات السابقة ، مناقشة سبل التوصل إلى سلام دائم في اليمن ، ولا نعلم ما هي السبل التي ما تزال غائبة عن المبعوث الأممي والأمم المتحدة للوصول إلى تحقيق السلام وعلى وجه الخصوص في الحديدة ؟!! هناك اتفاق تم التوقيع عليه في السويد وهو ملزم للجميع ، ومهمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن والمبعوث الأممي ولجنة التنسيق والمراقبة الأممية هي إلزام كل الأطراف بالتنفيذ والإشراف على عملية التنفيذ ، أما الاعتماد على اللغة الدبلوماسية والمرونة والمراوغة وعدم تحديد الطرف المعرقل والمعيق لتنفيذ الاتفاق ، فإن ذلك سيدفع بالأوضاع نحو الانفجار في الحديدة وهو ما سيفاقم المعاناة وسيزيد من الألم للسواد الأعظم من اليمنيين .
غريفيت في إحاطته أبدى قلقه وأسفه لاستمرار الهجمات الحوثية على المنشآت المدنية السعودية ، ولكنه لم يشر إلى القصف الجوي اليومي لطائرات التحالف الذي تقوده السعودية والذي يستهدف الأبرياء من النساء والأطفال ، ولا نعلم ما الذي يريده غريفيت من شعب يتعرض للإبادة والتنكيل يوميا بطائرات سعودية إماراتية أمريكية إسرائيلية ! نقصف مطارات السعودية التي تستخدم قواعد عسكرية وتنطلق منها الطائرات التي تعتدي على بلادنا وذلك ردا على قصف مطار صنعاء المتواصل ، وفرض الحظر على حركة الملاحة الجوية عبره ، حيث تحول إلى مطار خاص بطائرات الأمم المتحدة والمنظمات والهيئات التابعة لها ، فهل هناك قانون يشرعن للسعودية قصف مطاراتنا ، ويجرم علينا الرد بقصف مطارات السعودية ؟!! وما يثير الاستغراب أن العاصمة صنعاء تتعرض للقصف الجوي في الوقت الذي يتواجد فيه غريفيت فيها ، ولكنه لم يعر هذا القصف أي اهتمام ، وكأن السعودية تمتلك كامل الحرية لقصفنا وقتلنا وتدمير وطننا وإغلاق وقصف مطاراتنا ، أما نحن فلا حق لنا في الرد ولا في الدفاع عن أنفسنا ! وهذا هو يخالف منطق العقل ، ولا يمكن القبول به على الإطلاق مهما بلغت التداعيات والخطوب .
غريفيت أيضا أبدى قلقه من أحكام الإعدام التي صدرت في حق عدد من المتورطين في جرائم الخيانة العظمى والتورط في أعمال جنائية ، ورأى بأن ذلك يتعارض مع اتفاق السويد بشأن تبادل الأسرى والمعتقلين ، ولكنه لم يفصح عن الطرف الذي يحول دون تنفيذ اتفاق تبادل الأسرى والمعتقلين ، والغريب أنه لم يتطرق إلى قضية الأسرى لدى المرتزقة وقوى العدوان والذين يتعرضون للتصفية الجسدية والتعذيب الوحشي من قبل مرتزقة العدوان والموثقة بالصوت والصورة ، في انحياز فاضح وقذر يكشف حقيقة الأمم المتحدة ويظهر للعالم بأن الأمم المتحدة لا تقل قبحا وإجراما من قوى العدوان ومرتزقتهم .
غريفيت تعمد الإشارة إلى اللقاء الذي جمعه بالدنبوع هادي الذي وصفه بالرئيس هادي ، ولكنه عندما أشار إلى زيارته للعاصمة صنعاء لم يشر إلى قائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي ولا الرئيس مهدي المشاط وذلك نزولا عند الرغبة السعودية الأمريكية وكأنه هو من يضفي عليها المشروعية ، وهذا في حد ذاته يعد مؤشرا على حجم الضغوطات الأمريكية واليهودية والسعودية التي تمارس عليه ، والتي ما تزال تتعامى عن الاعتراف بهزلية الحديث عن شرعية هادي وحكومته وإغفال الشرعية الشعبية اليمنية الحقيقية التي تمثل الإرادة الشعبية المعبرة عن السواد الأعظم من اليمنيين .
بالمختصر المفيد ،مارتن غريفيت يبحث عن كل ما يمدد مهمته في اليمن ، ولذلك يتعمد المراوغة والمرونة في إحاطاته ، وهو الذي يدرك جيدا بأن التوتر في الحديدة ، ناتج عن غياب دور اللجنة الأممية في الحديدة فيما يتعلق بمراقبة وقف إطلاق النار ، والذي سيتيح لها تحديد الطرف المنتهك والمخالف لذلك ، وهذا ما يعني إطالة أمد عمل اللجنة الأممية والحصول على المزيد من المكاسب المادية التي تحصل عليها الأمم المتحدة وفريقها العامل في اليمن عامة ، والحديدة على وجه الخصوص ، وهذا هو بيت القصيد فيما يتعلق بعرقلة تنفيذ اتفاق السويد ذات الصلة.
جمعتكم مباركة وعاشق النبي يصلي عليه وآله .