القضاء معقم الدولة !؟
أحمد يحيى الديلمي
باتفاق الفقهاء وعلماء التشريع فإن لكل شيء معقماً ، لذلك يقول في المثل “نصف الطريق معقم الباب” أي عتبة الباب ، والمعنى أن الإنسان إذا هم بالشيء وتجاوز عتبة الباب فإن ذلك يعني إصراره على السير في ما عزم عليه ، وأن معقم الدولة ومحور ارتكازها القضاء ، فإذا صلح القضاء صلح كل شيء من أمور الدولة ، وضمنت البقاء والاستمرار والفاعلية في صيانة الحقوق وإشاعة العدل ، أما إذا كان المعقم غير موجود فإن الأمور تسير نحو الفوضى والعبث ونهب الحقوق والممتلكات فكيف سيكون الحال إذا كان هذا المعقم هو الذي يشرعن هذه الأعمال غير السوية ، أما نتيجة غباء القاضي وجهله بالإجراءات القضائية أو اهتمامه بالشكليات وترك الجوهر ، أو لأنه فاسد ويُقدم على هذه الأشياء عن عمد وسبق إصرار وترصد من أجل الحصول على المال ، وكلها مؤشرات خطيرة تضعف الدولة وتقلل من أهمية وجودها .
لا أقول هذا الكلام جزافاً ولكن من خلال مشاهدات ومعلومات استقيتها من أشخاص مظلومين وقعوا فريسة في يد قضاة لا يخشون الله ، ويحاولون العبث بحقوق وممتلكات الناس من أجل مكاسب شخصية دنيئة ، فأحدهم قال عندي قضية في شعبة من الشعب الاستئنافية القاضي بجلالة قدره يجعل بين الجلسة والجلسة الأخرى خمسة أشهر وإذا حضر موعد الجلسة غاب أحد الأعضاء ولم تعقد الجلسة وبالتالي تمضي السنة تلو الأخرى ولم نلحظ أي جدية ولا أي اهتمام وكأنه أصبح غريماً أو وكيلاً للطرف الآخر .
ومظلوم آخر قال أنا لدي أحكام ناجزة ومؤيدة من كل درجات التقاضي بما في ذلك المحكمة العليا لكني لم أجد الإنصاف والدعم للتنفيذ لأن الخصوم لديهم مال يستطيعون به شراء ضمائر القضاة وذممهم وها هي السنة العاشرة تمضي دون أن أتمكن من الحصول على حقي ، وقضايا أخرى تشيب لها الرؤوس وتقشعر لها الأبدان ، ولم نسمع أي حركة من سلطات القضاء العليا وهناك من يقول أن الخلل الأكبر يكمن في الدوائر المساعدة أمناء السر والسكرتارية وغير ذلك من القنوات التحتية فهم يلعبون دور الوسيط بين الخصوم والقاضي المعني ، وبالتالي يتلاعبون بأزمنة الجلسات وعقول القضاة لتكون النتيجة التسويف والمماطلة وعدم الإنصاف .
يا سادة .. يا أصحاب الفضيلة في مجلس القضاء .
متى سنسمع أن هناك قاضياً أوقف عن العمل أو اُحيل إلى التحقيق نتيجة إهماله أو عدم إنصافه للخصوم ، والأدلة كثيرة لديكم فقط المطلوب تحريك العمل في هيئة التفتيش القضائي التي لم نسمع عنها ولم تحرك ساكناً إطلاقاً ولم نحس بوجودها حتى على مستوى المحاكم ، وكأنها تحولت إلى إدارة مراسم تنظم الاستقبال والوداع فقط ولا يعنيها أمر القضاء ، وهذه كارثة كبرى!! لا أعتقد أن صاحب الفضيلة العلامة أحمد بن يحيى المتوكل رئيس مجلس القضاء يقبل بها في ظل سلطته وهو معروف بالنزاهة وعليه فقط أن يفتش في ملفات هيئة التفتيش القضائي وسيجد الكثير من المظالم التي سيُسأل عنها يوم القيامة ، وبالتالي المطلوب شيء من الجدية واستشعار المسؤولية قبل المطالبة بالحقوق والإجازات غير المشروعة ، فهل يستوعب مجلس القضاء هذه الملاحظات ويعمل على تحريك المحاكم ويطالب القضاة بسرعة الإنجاز ؟.
الأمل أن يحدث ذلك حتى يصبح المعقم قوياً ومتيناً ليمثل إحدى قواعد بناء الدولة على أسس صحيحة تخدم فكرة الرؤية الوطنية لبناء الدولة المدنية الحديثة التي يتطلع إليها كل مواطن يمني ، أرجو أن يُحس الكل بالفراغ الحادث في أروقة القضاء وخطورته على بناء الدولة .. والله من وراء القصد ..