ملامح من قصة الفساد والإرهاب في اليمن!
عبد العزيز البغدادي
منذ صدور القانون رقم (39) لسنة 2006م بشأن مكافحة الفساد وتشكيل أول هيئة وإلى يوم الناس هذا والجدل مستمر بشأن ضرورة وأهمية وجود وعدم وجود الهيئة والقانون لمكافحة جادة وحقيقية لهذا الوباء الذي استشرى في كثير من بلدان العالم وبخاصة البلدان التي جرى ويجري اختيار حكامها من خارج حدودها منذ عقود وتقع اليمن في طليعتها حيث تأسس نظام الفساد والإرهاب والمحافظة عليه وأفسدت الحياة السياسية لتصبح مؤسسة الفساد هي المؤسسة الوحيدة المصرح ببقائها وصارت عملية الانتخابات تسير وفق آلية للتزوير مصحوبة بتضليل إعلامي واسع والتباهي بأن لدينا ديمقراطية لا مثيل لها في الوطن العربي ليكون ذلك بابا من أبواب ابتزاز دول الخليج من قبل أمريكا مهندس الإرهاب والفساد ومستثمر كل أساليب الابتزاز في العالم.
ولذلك كان هدف هذا العدوان الشرس المستمر منذ أربع سنوات ونصف تقريباً بإشراف نفس المنظومة التي تدير وتوزع السيناريوهات وتستخدم آلية مكافحة الفساد وسيلة للحفاظ عليه وعلى الإرهاب الذي يدار بالإرهاب من قبل من صنعه ودعمه وهو كذلك من يدعي محاربته ، ومن يراجع الدور الأمريكي في خلق تنظيم طالبان ثم القاعدة فداعش وجبهة النصرة والتلاعب بالأسماء كأسلوب لمحاولة إخفاء الحقائق الدالة على الأيادي التي تصنع الإرهاب وترعاه وتوجيه بعض دول الخليج وفي مقدمتها السعودية بتمويله ، وحين قامت حركات المقاومة بدور جاد وحقيقي في محاربته تدخلت هذه المنظومة في أماكن عديدة لإمداد الإرهابيين بالسلاح والمال العربي الذي يقال عنه عربي وفي المراحل الأخيرة التي حققت فيها المقاومة الإسلامية في اليمن ولبنان والعراق ( حزب الله وأنصار الله والحشد الشعبي ) انتصارات واضحة رأينا كيف تدًخل الطيران الأمريكي والصهيوني في البداية لقصف مواقع المقاومة، ثم لما فشلت محاولاته في إنقاذ الإرهابيين قام بضرب بعض مواقعهم وحين أوشك محور المقاومة على الإجهاز على آخر مواقع داعش سارع النظام السعودي بإرسال برقية للرئيس الأمريكي ترامب يهنئه على النصر على الإرهاب يعني سرقة للنصر عيني عينك وبأسلوب غاية في الانحطاط !! ،
نعود للفساد صنو الإرهاب، لنؤكد أن مقولة كون إنشاء هيئة مكافحة الفساد مطلباً دولياً يضع أمام أي باحث جاد عن الحقيقة عدة أسئلة ولمحاولة الإجابة عليها يمكن الوصول إلى مدى صدق المبرر وحقيقة وجود نية لهذه المكافحة من عدمها، ومن هذه الأسئلة:
1 – من المتضرر من الفساد ومن هي الدول التي دفعت وتدفع نحو تشكيل هذه الهيئات؟!
2 – هل الفساد عمل مُجرَم شرعاً وقانوناً أم أن هذا التجريم جاء نتيجة لصدور قانون مكافحة الفساد وتشكيل أول هيئة لتطبيقه؟؟
3-إذا كان البنك الدولي ضمن الداعين لتشكيل هذه الهيئة فهل من المعقول أن يكون من هو أبرز داعمي الفساد داعية للإصلاح؟!
4 – التقييم الذي قدمه أحد أعضاء هيئة مكافحة الفساد السابقة واللاحقة لأداء الهيئة كانت نتيجته سلبية جداً وقد عرضه في عدة ندوات فلماذا الإصرار على استمرار الهيئة، وما فائدة الدراسات والتقييم إن لم يعمل بها؟؟!!
5 – تحدث مقدم التقييم ويتحدث الناس عن نفقات تشغيل للهيئة باهظة بالمليارات وعن دعم دولي للهيئة فهل هذه النفقات التي يسميها الكثير من الناس فساد هيئة مكافحة الفساد، فإذا كان وجود الهيئة في ذاته ضرباً من ضروب الفساد ويزيد من تعقيد إجراءات تحريك قضاياه أمام القضاء خزينة الدولة فلماذا تبقى؟؟
6 – صلاحيات التحقيق التي أعطاها القانون رقم (39) لسنة 2006م للهيئة لا تلغي حق النيابة العامة الأصيل في التحقيق والتصرف طبقاً لمقتضيات قانون الإجراءات الجنائية رقم (13) لسنة 1994م فما الجدوى من وجود النصوص التي توحي بأن الهيئة هي المختصة بإجراء التحقيق في قضايا الفساد طالما والهيئة لا تمتلك ولا يمكن أن تمتلك حق التصرف لمساس ذلك بمبدأ استقلال القضاء باعتبار ذلك الحق من صميم اختصاص النيابة العامة الدستوري والقانوني في جميع القضايا الجنائية؟!
7 – الطريق الصادق والحاسم لمكافحة حقيقية وفاعلة للفساد يكمن في إصلاح قضائي حقيقي بل ثورة شاملة هدفها بناء مؤسسات قضائية قوية لا يقوم ترتيب الوظائف فيها على الولاء الشخصي وإنما على الولاء للمبادئ والقيم التي هي ذخيرة القضاء العادل فهل يمكن اختصار الطريق والبدء بهذه الخطوة؟!
8 – ومع كل ما كتب وما قيل عن شروط البنك الدولي لمنح القروض التي غالباً ما تؤدي إلى إغراق البلدان المتعاملة معه في بحر الديون المتلاحقة قد نجيز لأنفسنا افتراض حسن النية لهذا البنك خلافاً لما يطرح عنه فإننا نتساءل عن الدول الداعمة وما خلفياتها وما منجزات التعامل معها ومع هذا البنك في اليمن وعن علاقات الحكومات اليمنية المتلاحقة مع هذه الشبكة وأنها لا تشكل قضية فساد كبرى أو قضايا فساد ، وهل تستحق هذه القضية أو القضايا أن تدرس من قبل هيئة مكافحة الفساد ، وإعطائنا إجابات مقنعه عن حجم الديون التي منحت لليمن وأين ذهبت ولماذا كانت الدول المتعاملة مع البنك الدولي تغرق تدريجياً ومن بداية هذا التعامل في بحر الديون والفساد ، التي كلما حاول بعض الشرفاء التفكير في إخراج اليمن منها كلما كانوا ضحايا هذه المحاولات وصار الفاسدون يتقدمون صفوف دعاة الإصلاح .
(وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون) صدق الله العظيم
والأسئلة كثيرة التي يتولد عنها مزيد من الأسئلة وسيتبين من محاولة الإجابة أننا لا نزال نعيش دولة الفساد العميق الذي يحتاج إلى جهاد لا يقل شجاعة عن شجاعة من يقاتلون العدوان المباشر في جبهات ويصدون كل هذه المحاولات الهمجية لتركيع اليمنيين باستخدام أبشع الوسائل لمحاولة شرعنته والتغطية على كل جرائمه!
تنويه:
لا علاقة لما سبق بمدى كفاءة أو نزاهة الإخوة رئيس وأعضاء الهيئة الجديدة فجلهم من الكفاءات النزيهة القضية تتعلق بمبدأ وجود الهيئة وما يُثيره من إشكاليات وتعقيد في الإجراءات التي تقع مسؤوليتها على القضاء دون حاجة لحدبة جديدة (كإدارة عموم الزير)!.
لن يغلق الصواب أبوابه طويلاً في وجهك
سيفتح قلبه نزولاً عند إصرارك
الحقيقة عنوان البقاء.