انسحاب القوات الإماراتية من اليمن
بين إعادة الانتشار والانضمام للتحالف الدولي للسيطرة على الممرات البحرية
محمد صالح حاتم
تضاربت الأنباء والأخبار وتعددت الروايات عن مصداقية الامارات في سحب قواتها من أراضي الجمهورية اليمنية وعودتها إلى أبوظبي، فمصدر هذه التسريبات غير موثوق فيه ، لأن الإعلان لم يأت من مصدر مسؤول في الامارات يؤكد صحة ومصداقية انباء الانسحاب ،باستثناء تصريح لمسؤول اماراتي لم يذكر اسمه للوكالة الفرنسية (أن انسحاب القوات الإمارتية من الساحل الغربي وبعض المناطق اليمنية لأسباب استراتيجية وتكتيكية ضمن خطة إعادة الانتشار والانتقال من استراتيجية القوة العسكرية اولا إلى استراتيجية السلام أولا )،وكذا ما ذكرته بعض وسائل الاعلام بأن الامارات سلمت قيادة قوات تحالف العدوان في المخا لقوات العدو السعودي، و سحبت بعض آلياتها ومنظومة الباتريوت وقواتها التي كانت متمركزة في مارب، فهذه الاخبار -إن صحت- ليست إلا لذر الرماد على العيون، وكما هو معلوم أن أطماع الامارات تتركز في المحافظات الجنوبية خاصة عدن ومينائها والسيطرة على باب المندب ،وجزيرتي ميون وسقطرى، وكذا منابع النفط في شبوة فالإمارات تسعى لبسط نفوذها في هذه المناطق ،وذلك بعد فشل قوات تحالف العدوان في حربها على اليمن وهي على عامها الخامس وكذا فشلها في احتلال الحديدة والساحل الغربي.. إعادة انتشار القوات الاماراتية يأتي كذلك لامتصاص غضب الشارع الجنوبي الذي زاد ضد القوات الإماراتية وخروجه في عدة مظاهرات ومسيرات في سقطرى وشبوة والمكلا وغيرها مطالباً بخروج قوات الاحتلال الاماراتي بدعم من حزب الاصلاح الموالي للسعودية ،وكذا اشتباكات بين قوات النخبة الشبوانية المدعومة إماراتيا وبعض القبائل في محافظة شبوة ،وما شهدته محافظة عدن من اشتباكات بين مليشيات الحزام الامني الاماراتي ومليشيات هادي ..وكلها تسببت في حالة غضب شعبي ،فهذا الانسحاب التكتيكي يأتي لامتصاص ذلك الغضب وكذا لتحسين صورة الامارات بعد ما كثرت التقارير عن حالات الانتهاك اللاإنسانية التي ترتكبها قوات الامارات بحق أبناء المحافظات الجنوبية والسجون السرية التابعة لها..
وكذا لا ننسى أن التطورات الاخيرة التي شهدتها المعركة العسكرية كانت لصالح الجيش واللجان الشعبية بعد الضربات التي وجهتها القوة الصاروخية اليمنية والطيران المسيَّر ضد اهداف داخل العمق السعودي بضرب مضخات شركة ارامكو النفطية وكذا قصف وضرب مطارات نجران وجيزان وأبها بصورة مستمرة حتى أخرجتها عن الخدمة ،إضافة إلى دخول نوعية جديدة من الصواريخ اليمنية والطيران المسيَّر الخدمة وهي التي تم ازاحة الستار عنها مؤخرا والتي تمتلك القدرة على الوصول إلى مطارات وموانئ الامارات وقصفها ،ذلك هو ما جعل الامارات تراجع حساباتها وتقوم بسحب أجزاء من قواتها كعملية تمويه وخداع اماراتي ليس الإ ،أما الحقيقة التي لا يجب أن تغيب عنا فهي أن الامارات لا توجد لها قوة عسكرية كبيرة في اليمن وإنما قيادات فقط تتواجد داخل مقرات وغرف العمليات العسكرية تعمل على التحكم وتوجيه الاوامر لمرتزقتها وميلشياتها الذين قامت بتجنيدهم داخل المحافظات التي تحتلها تحت مسمى قوات (الحزام الأمني في عدن وأبين ولحج والضالع ،وقوات النخب الشبوانية والحضرمية والسقطرية)،فالإمارات تقوم بلعبة خطيرة جدا ًوتمارس أعمالاً قبيحة ستبقى آثارها لسنوات فيما يخص زعزعة الامن والاستقرار، وذلك من خلال تفكيك النسيج الاجتماعي اليمني في المحافظات التي تحتلها عبر دعمها لما يسمى “المجلس الانتقالي” الذي يطالب بالانفصال ،وكذا تجنيدها آلافاً من المرتزقة والارهابيين وعناصر من القاعدة وداعش العائدين من سوريا وافغانستان، واستقدامها آلافاً من الافارقة من جنسيات مختلفة للقتال في صفها ضد قوات الجيش اليمني، والهدف من تجنيد هذه التشكيلات الإرهابية هو العمل على إدخال اليمن في دوامة الصراعات والقتال و الفوضى وأن تكون اليمن بيئة وحاضنة للتنظيمات الإرهابية والإجرامية المدعومة امريكيا واسرائيليا ،والتي ستقوم بأعمال ارهابية تستهدف أمن الملاحة البحرية الدولية في البحرين العربي والأحمر ومضيقي هرمز وباب المندب ،وستكون هذه الهجمات الارهابية المدعومة امريكيا ذريعة وحُجة للتدخل الدولي لحماية الملاحة الدولية ،وهو ما كشف عنه الجنرال جوزيف دانفورد رئيس هيئة الاركان المشتركة الامريكية بعد اجتماعات مع وزير الدفاع الامريكي بالإنابة “باتريك شاناهان” ووزير الخارجية “بومبيو” عن إنشاء فريق عمل وقوة عسكرية لحماية حرية الملاحة الدولية وتعزيز الأمن في مضيقي باب المندب وهرمز، وأن إعلان تشكيل تحالف دولي يندرج ضمن مخطط احتلال السواحل والجزر اليمنية والتحكم في مضيق باب المندب وتدويل حركة التجارة العالمية في الممرات اليمنية ووضعها تحت الوصاية الدولية ،فعلينا الحذر والتنبه لخطورة المخطط وما يسعى العدو إلى تحقيقه من خلال حربه وعدوانه على اليمن، ومنها مزاعم الانسحاب الإماراتي من اليمن، وعلاقته بإنشاء تحالف دولي لحماية الممرات المائية في البحر الأحمر وخليج عدن والبحر العربي ..
وعاش اليمن حراً أبياً ، والخزي والعار للخونة والعملاء.