
,اختار الإمام أماكن محصنة تؤمن له بقاء السجناء فيها أكبر مدة ممكنة
, سجن الأطفال كرهائن..لإجبار القبائل على السمع والطاعة
,لا يغسل السجين ثوبه الوحيد إلا بإذن من الإمام.. والكدم وجبتهم الدائمة
,يوضع الثوار والعلماء مع القتلة واللصوص والمجانين في سجن واحد
الرادع – الزاجر – القاهرة – نافع أسماء لسجون عجزت عن إخماد التوهج الثوري
إعداد / نجلاء علي الشيباني
.. عندما تْستباح أرواح البشر وتْلجم أفواههم وتنهب أموالهم دون أدنى رحمة ..بعد أن تحرم من أبسط حقوق الآدمية حينها تتحول الحياة إلى لا شيء ..أنا لا أصف حكاية من نسج الخيال وإنما حقيقة سطرتها الأحزان عن أولئك الأبرياء من أبناء جلدتنا ممن كانوا يتعايشون مع حكم إمامي مقيت أبدع وتفنن في تدمير حياتهم وحولها إلى جحيم إلى قهر وإذلال ليعيش هو مستريح البال وكل ذنبهم أنهم ولدوا أحراراٍ.
الاعتقالات التعسفية والعمياء مثلت أهم أسس ومرتكزات النظام الإمامي المتوكلي لغرس مفاهيمه الاستبدادية وليكف عن نفسه الأذى مستقبلاٍ من هذا المنطلق الجاهل والجبان بدأ الحكم الإمامي حملة الدفاع عن عرشه من خلال حملة اعتقالات واسعة لكل شخص قادر على التفكير وأمتلك الجرأة لقول الحقيقة ليجد نفسه دون سابق إنذار مكبلاٍ بالسلاسل ومرمي في غرفة لا يفارقها الظلام في الليل والنهار توزعت في سجون الإمام المنتشرة في أماكن متفرقة آنذاك وكان أبرزها في حجة وصنعاء وتعز ليزج بداخلها كل من سولت له نفسه قول الحق وليس هؤلاء الأحرار فقط فالأطفال أيضاٍ لاقوا نفس المصير من السجن والتهميش في سجون الإمام لإجبار قبائلهم على السمع والطاعة بالإضافة إلى فرض النظام وتأمين وصول التزامات الفلاحين من الأطراف إلى خزينة السلطة المركزية. ووصف هاندز هوليفريدز في مؤلفه الذي ترجم إلى العربية بعنوان (اليمن الباب الخلفي) أن نظام الرهائن وسيلة من وسائل العنف حيث أصبح على كل شيخ قبيلة صغيراٍ كان أو كبيراٍ أن يسلم أحد أولاده أو إخوانه إلى الإمام كرهينة ودليلاٍ على الطمأنينة والثقة للحاكم ولهذه الأسباب امتلأت السجون بالأحرار والعلماء والأطفال وكذلك بأسرى الحروب والرهائن التي كانت تؤخذ قسراٍ لا سيما رهينة ( العطف ) والذي كان النظام الإمامي يسجنهم لكي لا تعاود القبيلة تمردها وهذا ما حدث بالفعل مع قبائل صنعاء وعمران وصعدة وتعز وإب وغيرها من المحافظات الشمالية آنذاك .
سجن القاهرة
حرص النظام الإمامي الكهنوتي على سجن كل العلماء والثوار والمثقفين وإذلالهم لمجرد أنهم قالوا الحقيقة واعترضوا على الطريقة التي كان آل حميد الدين يسيرون بها شؤون البلاد واهتموا أيضاٍ ببناء السجون بطريقة يضمن فيها حصول كل من يقف في طريقهم أشد أنواع العذاب كما أنهم ركزوا في اختيارهم لموقع تلك السجون على الأماكن المحصنة التي تؤمن لها إبقاء السجناء أكبر مدة ممكنة .
سجن حجة كان يقع في منطقة جبلية ومحصنة يصعب السيطرة عليها والذي يسمى بسجن القاهرة وهو عبارة عن قلعة حصينة تعلو مدينة حجة وتحيط بها أسوار وحراس ويوجد بداخلها مخازن للأسلحة والذخائر والحبوب كما يوجد بداخلها دار شامخة وأبنية صغيرة تابعة لها عبارة عن زنازن كان يسجن بداخلها كبار القادة ورجال الدين والمفكرين والأعيان الذين كانوا يحملون بين جوانبهم أمل التحرير والتخلص من حكم الأئمة الجائر كما يوجد في هذه القلعة مبانُ للحراس وعدة برك لحفظ وحجز مياه الأمطار ومسجد صغير ويعتبر هذا السجن من أهم السجون في عهد الحكم الإمامي أما ساحته فقد كان يعدم فيها كل الثوار والمعتقلون الذين كان ينظر إليهم هذا النظام بأنهم أعداء له وقد سجن في هذا السجن العديد من الثوار كالمشير عبدالله السلال والسيد حسين الكبسي وعدد كبير من الثوار أْعدم بعضهم بداخله في ساحة الإعدام واقتيد بعضهم إلى ميدان حورة ليتم إعدامهم هناك .
سجن نافع
يعتبر هذا السجن المظلم من أرهب السجون الإمامية في حجة الذي يتم بداخله إذلال وتعذيب الثوار ويعدمون بساحته ويتكون هذا السجن من طابقين إلى ثلاثة طوابق وفي أحد أطرافه تقع نوبة حراسة تسيطر على البنائين وفيها أماكن وممرات مظلمة وفي أعلى النوبة مكان للحارس به نافذة يرى من خلالها المساجين ويتكون السجن الأعلى من طابقين الطابق الأسفل جدرانه إلى الجبل وأبواب أماكنه مفتوحة تسبح فيها القاذورات وعليه مظلة من البعوض وأنواع الحشرات وفيه حمام مفتوح الباب وتصدر عنه روائح كريهة وأماكن هذا الطابق مليئة بالسجناء وعلى شمال من يدخله يوجد مكان يسمى العشة وفيه يقابل السجناء من يؤذون له بمقابلتهم من أهلهم وأصدقائهم ويوجد في ساحته (مدقة) وهي مكان يقيد عليها من يرد إلى السجن من السجناء أو يفكونها في حال يطلق سراحه أو في حالة الموت والإعدام لكي يستطيع السير إلى الساحة التي يتم إعدامه فيها في ميدان (حورة).
سجن نافع لا نوافذ لديه وبابه عبارة عن دهليز مظلم وإذا ما دخلت إلى السجن فإنك تجد على اليمين درجات صغيرة ترفع إلى مكان الحرس ومنها إلى مكان مدير السجن وعلى اليسار يوجد باب آخر يخرج منه الرهائن والمساجين يؤدي إلى ساحة مستطيلة وعادة ما يكون السجن مليئاٍ بالسجناء حيث كان يسجن فيه القتلة واللصوص وأصحاب الجرائم الكبيرة والمجانين وكان الإمام يأمر بحبس الثوار والعلماء مع هؤلاء السجناء الخطيرين إذلالاٍ لهم ومعاقبتهم على ما فكروا به وقاموا بعمله من أجل الحرية والكرامة والإنسانية .
سجن الرادع
يقع هذا السجن شرقي دار السعادة آنذاك وأمام المتحف الوطني في صنعاء حاليا وسمي (رادع) لأنه يردع كل من يسجن فيه عن ارتكاب الخطأ بعد حبسه فهو لا يختلف في تكوينه الداخلي عن السجون العادية ويسجن فيه أصحاب القضايا المدنية كالسرقة والمفتعلين للشجار والقضايا البسيطة وكان سجن رداع يتخذ كالترانزيت لبقاء الثوار والمناضلين والرافضين للحكم الإمامي لحين ترحيلهم إلى السجون المخصصة لهم كسجن القاهرة ونافع وهم مقيدون بسلاسل وبصحبتهم سجانون مسؤولون عن إيصالهم إلى السجون المقصودة ونذكر من هؤلاء السجناء المشير عبدالله السلال والشهيد محمد محمود الزبيري وزيد الموشكي وغيرهم .
سجن الزاجر
وهو عبارة عن سجن حصين في مدينة إب وكان يمثل خرابة أيام الأتراك أعاد الإمام بناءه وتحويله لسجن سمته طابع الرعب ثم تحول مؤخراٍ إلى مبنى دار الجيش لرعاية الأيتام وكان عبارة عن سجن ذي نوافذ ضيقة وأبواب خشبية مطعمة بالحديد السميك وهذا السجن يدخل الرعب لمجرد سماع اسمه في قلوب المواطنين وكان يسجن فيه كبار المناضلين والثوار والمعارضين للحكم الإمامي ويتميز السجانون فيه بقسوة منقطعة النظير
الوضع الصحي
ولا يختلف الوضع الصحي كثيراٍ سواء بين المساجين أو الرهائن داخل السجون عن غيرهم خارجه بسبب الأوضاع الصحية العامة في اليمن حينها .. حيث كانت تستخدم طرقاٍ تقليدية في العلاج وهو ما يعرف (بالكي) كان يستخدم هذا النوع من العلاج مع المعتقلين داخل السجون بقصد التداوي بالإضافة إلى بعض الأعشاب وهناك العديد من المعتقلين توفوا داخل السجن بسبب سوء أوضاعهم الصحية وذلك عائد إلى أن جميع من في السجن يبقون إلى ما شاء الله في الحبس بزنة أو ثوب واحد ولا يعرف الصابون وإذا تمزق رقعه حتى يتكون منه جراثيم فتاكة تفتك به فتكاٍ ذريعاٍ ويكون لبسها ووجودها خطراٍ وإذا ما تم غسل الثياب فسيبقى أكثر المعتقلين عراة مدة الغسل لأن كل معتقل لا يملك غير الثوب الذي يغطي جسده إذ يلزم غسلها كلها دفعة واحدة وإلا عاد الأمر كما كان ولا تغسل الأثواب إلا بأمر خاص من الإمام وأيضاٍ يلزم ألا ترجع إليه «الزنة» حتى يستحم صاحبها لكي لا تتسخ بسرعة من أثر ما علق في أجسامهم بعد جلوسهم عراة وهذه الأسباب تؤدي إلى انتشار العديد من الأمراض بين المعتقلين جراء غياب نظافة المكان الذي يجلسون فيه وعدم توفير الغذاء المناسب لهم أو حتى ما يسد جوعهم ومنعهم من غسل ثوبهم الوحيد إلا بأمر من الإمام كل هذه الأسباب مجتمعة فاقمت الوضع الصحي داخل السجون وساعدت على ارتفاع نسبة المصابين بالأمراض والوفيات .
مخصصات المعتقلين
في ظل نظام استهوى تعذيب المعتقلين بجميع الطرق الجسدية والنفسية من الصعب القول إن هذا النظام يقوم بتوفير الغذاء أو أي شيء آخر مما يحتاجه المعتقلون خلف قضبان تلك السجون التي اقتادهم إليها فقد كانوا يأكلون الكدم ولا يستطيعون أن ينظفوا ملابسهم ولا أن يحلقوا شعورهم إلا إذا سمح حرس السجون لأهاليهم بزيارتهم وتوفير ما أمكن أما الرهائن الذين أتت بهم أسرهم أو اعتبرتهم كعربون للوفاء والخضوع التام يأمر به النظام الإمامي بحسب ما يذكر بعض المؤرخين أن الدولة آنذاك كانت تصرف للرهائن مخصصات شهرية تقدر بأربعة ريالات وحوالي قدح من الذرة تصرف من بيت المال ويقال أيضاٍ أن مخصصات الرهينة لم تكن من بيت المال إذ كانت القبائل التي سلمت رهينتها تتولى الإنفاق عليها وما تحتاجه من طعام وملبس مثلها مثل أي سجين آخر وكان النظام الإمامي لا يعطيهم إلا الكدم وبهذه الطريقة كان يعيش المعتقلون المعارضون لحكم الإمام والرهائن التي أبدت خضوعها لما يريده الإمام وتجرعت الجوع والمعاناة حتى يأتي أهلهم بالفرج ويعطوهم ما تيسر لديهم من غذاء وملابس نظيفة مالم فإنهم سيبقون في السجون على أكل الكدم وبملابسهم المتسخة دون القدرة على تبديلها .
حمران العيون
استغلالاٍ منه لجهل الشعب أطلق النظام الإمامي المستبد اسم حمران العيون على السجانين الذي كان يخدعهم بهذا المسمى ويوهمهم أنهم سيرتفعون منزلة عند الله وأنهم اتبعوا كلامه ويزدادوا رفعة كلما طبقوه وزادوا فيه لذا كانوا يجرعون المساجين في تلك السجون أنواع العذاب الجسدي والنفسي وكانوا يبالغون في إذاقته للثوار ولا يتم اختيارهم عشوائياٍ بل كان النظام الإمامي يختارهم بعناية تامة من بين أفراد الجيش والعكفة فلا يختار إلا الأشخاص الجهلة الذين لا يعرفون ولا يدركون أي شيء عن الواقع الرهيب الذي يعيشون فيه فهم لا يعلمون إلا كلمة واحدة (نصر الله مولانا الإمام) وما دون ذلك فهو حرام وعلى هذا الأساس ينفذون الأوامر التي تصلهم بكل دقة بل يتفننون أكثر في تنفيذها وبقسوة أشد ظناٍ منهم أن ذلك العمل سوف يرفعهم لدى الإمام ويجعله راضياٍ عنهم وبحثاٍ عن المكافآت والعطايا الزهيدة التي كان الإمام يعطيهم إياها .
السجناء ليسوا سواء
تختلف طرق المعاملة داخل سجون الحكم الإمامي من شخص إلى آخر فإلى جانب كبار المجرمين والمجانين وفي أماكن قذرة لا تليق للعيش حتى للحيوانات كان جند الإمام المختصين بتعذيب المعتقلين أو كما أطلق عليهم الحكم الملكي في وقتها حمران العيون يرمون العلماء والعقلاء وكل من عارض سياسة الحكم الإمامي المستبد في تلك السجون وكان حمران العيون يبدعون في أذيتهم وإذلالهم أما الرهائن من أبناء كبار المشايخ فالتعامل معهم أرقى من غيرهم حيث كان يحث بعض القائمين على شؤونهم بالاعتناء بهم ووضعهم في محل خاص وتكليف مدرس ليعلمهم أمور الدين كما كان يؤكد على ضرورة تخصيص مرافق عسكري لهم يصاحبهم كل يوم إلى باب المدرسة ويبقى هناك حتى تتم إعادتهم ثانية إلى مسكنهم بعد انتهاء الدراسة ويتحمل المرافق المسؤولية في حال هروبه أو اختطافه حتى يتم استبداله برهينة أخرى من أقربائه وهذا يعكس مدى اهتمام الحكم الإمامي برهائن كبار المشايخ ولا تتغير المعاملة هذه إلا في حالة تأخر أسرة أو قبيلة هذا الطفل القاصر المحتجز عند الإمام كرهينة من سداد الأموال التي تدفعها لخزينة الحكم الملكي أو في حالة عدم الاستجابة لكل قرارات الإمام دون تراجع أو نقاش .
تدريب الرهائن واستغلالهم
بعد أن كان النظام الإمامي يجبر كبار المشايخ وصغارهم على إحضار أولادهم إلى السجون كعربون للوفاء وكرادع لأي منهم وفي حالة محاولة أي منهم عصيانه والتأخير في سداد أموال الزكاة وغيرها من المطالب كان يقوم بسجنهم في معتقلات معدة لهم وكان الوضع الطبيعي للرهائن هو المكوث في السجون والمعتقلات مما أدى إلى إصابتهم بنوع من الجمود والخمول الدائمين لذا عملت الإمامة على استغلال الرهائن وتدريبهم فيما يخدم بعض سياستها وتوجهاتها لكي تتبدد حالة الغربة التي تنتاب الرهائن وهم في السجون ولكي تقتل الفراغ الذي يشعرون به بشكل أو بآخر بعدم الرضا نحو المؤسسة الحاكمة فقد عملت على تعليمهم وإخضاعهم لجملة من التدريبات منها بعض التدريبات العسكرية وأيضاٍ يجعلهم يشتركون في الاستعراضات العسكرية ويسيرون في صفوف الجيش دون سلاح لعدم ثقته بهم ولإشعارهم بالخزي كون الشاب اليمني آنذاك يخجل من الظهور أمام الجمهور بدون أن يحمل على الأقل خنجراٍ في خصره وهو يسير بين الجنود المسلحين وقد كانت الإمامة تستغل الرهائن في العديد من الأعمال إلى جانب تلك الاستعراضات والتدريبات سواء داخل السجون أو في قصور الإمام وقصور بعض نوابه كخدم بالإضافة إلى أنه كان يختار كبيرهم ليعمل في الحراسة الخاصة وحرس السجون من الداخل وأيضاٍ في تنظيم بعض الحفلات مستغلاٍ بذلك صغر سنهم حيث إن الرهائن غالبا ما يكونون من صغار السن ولا تزيد أعمارهم عن السابعة أو الثامنة عشرة وذلك من أجل التأثير بصورة أكبر على أسرهم وقبائلهم .
ظلم وسجن بالقوة.
رمزية الإرياني -رئيسة اتحاد نساء اليمن وعضو بمؤتمر الحوار الوطني الشامل- تروي ما في ذاكرتها عن سجون الإمام بالقول: كان للإمام سجنان أحدهما بإب والآخر في حجة ويعتبران من أكبر السجون وأظلمها إذ كان مكاناٍ للشرفاء المطالبين بالحرية والثورة على زمن الظلم والكهنوت ولم يكن رجال أسرتي بمعزل عنها بل كانوا أشهر من وطأها وذاق تعذيبها لمواقفهم المناهضة للإمام آنذاك فابن عمي الشاعر محمد الإرياني – 22 عاما آنذاك تم سحبه بالقوة من زبيد إلى سجن حجة بسبب قصيدة ثورية وطنية ألفها ضد حكم الإمامة البائد الحكم الذي لفظ المثقفين والسياسيين وأصحاب التنوير والكفاءات والخبرة.
وتابعت بالقول: في السجن كانوا يقيدون أيديهم وأرجلهم ويعرضونهم على مختلف أنواع التعذيب النفسي والجسدي ثم بعد ذلك يزجون بأخطرهم على سياسة حكم الإمام في سجن انفرادي كما هو حال الشاعر محمد الإرياني الذي قتله الإمام بالسم في سجنه عام 1948 م وفارق حياته مظلوما يحلم ويسعى من أجل تحقيق الحرية.
ولم يكن خالي عبدالرحمن الإرياني -رئيس الجمهورية الأسبق – بعيدا عن تلك الانتهاكات التعسفية في سجن الإمام حيث كانوا يستخدمون معه التعذيب النفسي بشكل مباشر فيأخذونه كل يوم إلى ساحة الإعدام ويقتلون رفاقه المناضلين أمامه ثم يعيدونه إلى سجنه الانفرادي ويقولون له: غدا ستعدم في الساحة العامة حتى يكاد أن يموت من الانتظار وفي اليوم التالي يمارسون نفس التعذيب النفسي ويؤجلون حكم الاعدام إلى اليوم والأسبوع الذي يليه وهكذا.
وتواصل الارياني حديثها قائلة: وفي الحقيقة الكثير من عظماء اليمن لقوا حتفهم في سجن الإمامة بالسم أو السيف والبقية كتب لنضالهم البقاء مثل الدكتور عبد العزيز المقالح وعلي السلال وغيرهم..
الدكتور محمد العامري -رئيس حزب الرشاد العربي وعضو بمؤتمر الحوار الوطني الشامل – يقول : تميزت سجون الإمامة بالظلم والتمييز الطبقي بصورة صارخة ونحن من حيث الجملة نقدر آل بيت رسول الله ونحترمهم ولكن هذا التقدير استغله بعض الناس استغلالا سيئا وحولوه إلى نظرة عنصرية وسلالية وإقصاء لعامة الشعب في التعليم والسياسة بسبب هذه النعرات المشهودة وسلب حرية كل من يطالب في سبيلها فكانت السجون لا تتفق مع المقاييس الشرعية الإسلامية ولا مقاييس الحقوق العالمية للإنسان لأنها تزهق فيها الأنفس بغير حق.
اعتقالات تعسفية
الدكتور والسياسي أحمد سعيد الأصبحي – عضو مؤتمر الحوار الوطني عن فريق الحقوق والحريات – يقول : كانت سجون الأئمة تحتضن أناساٍ أبرياء لا قوانين ولا كوادر مؤهلة .معاملة قاسية مزرية لثوار الشمال المناهضين للسلالة الحاكمة الطاغية فلا شروط صحية وتعليمية من حيث التشريعات ولا من حيث المبادئ الإنسانية .
الدكتور أحمد الأديمي – قانوني ومحلل سياسي جامعة صنعاء – يقول :كثير من المؤلفات عن السجون في عهد الإمام لم تر النور فلا نجد مصدراٍ يؤرخ لهذه السجون توثيقاٍ تاريخياٍ واجتماعياٍ ولأنظمته الداخلية ..حيث كان سجن رادع من أشهر السجون أو بالأصح المعتقلات لمعارضي الإمام يحيى وأحمد والذين كانوا في سجن القاهرة والرادع.
وتابع حديثه قائلا : وسجون الزاجر والنافع والرادع كان العاملون فيها يطلق عليهم لقب حمران العيون وكانوا يتلذذون بوأد كرامة المعارضين وأصحاب الفكر النير ويقيدونهم بسلاسل تغلق بقفل “غثيمي” توضع في أقدامهم يجرها المسجون في صحوته وتلازمه في نومه”.
وأضاف بالقول: لم يسلم حتى الطلاب من هذا السجن في عهد الإمام حيث قاموا بتنظيم أول مظاهرة في صنعاء استنكارا لما يلاقيه سجناء الرادع من تعذيب وحال قيام ثورة سبتمبر أطلق سراح جميع السجناء فيه بأمر من مجلس قيادة الثورة.. وذكر الأديمي أسماء عدد من نزلاء سجن الرادع بصنعاء ومنهم المشير عبدالله السلال والشهيد جمال جميل ومحمد محمود الزبيري والنعمان وزيد الموشكي وعلي عبدالمغني والشاعر الكبير عبدالله البردوني وأحمد سالم أحمد عبدالله العواضي الذي كان رهينة لضمان ولاء قبيلته للإمام والشاعر اليمني عبدالله عبدالوهاب نعمان في العهد الجمهوري.