إمارة مارب ومنظومة الفساد
عبدالفتاح علي البنوس
تعمل السعودية والإمارات بوتيرة عالية على تغذية الخلافات، وإذكاء المناكفات والصراعات والتباينات بين مرتزقتهما في المحافظات الجنوبية وفي المناطق التي تخضع لسيطرتهم في تعز والحديدة ومارب والجوف، حتى غدت هذه المناطق دويلات وإقطاعيات خاصة بهذا الحزب أو هذا التنظيم أو هذه الجماعة وهذا التيار والمكون، فعلى سبيل المثال تحولت مارب إلى إمارة ودويلة إخوانجية تابعة لحزب الإصلاح الذي يُحكِّم السيطرة على سلطة القرار فيها، ويتحكم في ثرواتها كافة، ويستولي على مواردها التي لا تخضع لما يسمى بـ”الشرعية الدنبوعية المزعومة”، حيث يمثل المرتزق سلطان العرادة الحاكم لإمارة مارب، وهو من يصدر قرارات التعيين، وهو من يهيمن على الثروة الهائلة التي يكدسها في فلل وشقق تابعة له بمدينة مارب، بعد أن رفض إدخالها إلى البنك المركزي في المدينة تحت ذريعة تفادي تعرضها للتلف في حال تم استهداف البنك من قبل الحوثيين، حسب زعمه.
العرادة يواصل مع قيادات حزب الإصلاح بمارب العبث بثروات ومقدرات الشعب اليمني، في الوقت الذي ما يزال فيه ملايين الموظفين مدنيين وعسكريين بانتظار صرف مرتباتهم المتأخرة التي لم تصرف لهم منذ أكثر من عامين ونيف، في حين يعبث بها العرادة وشلته ويوظفونها لتعزيز نفوذهم وأرصدتهم، وتوسيع نطاق استثماراتهم الداخلية والخارجية، وتمويل بعض المشاريع الاستثمارية الحزبية، حيث يرون في هذه المرحلة فرصة قد لا تعوض للقيام بذلك في ظل صمت الشرعية المزعومة التي لم تنبس ببنت شفة حيال هذه الممارسات القذرة واللامسؤولة التي يقوم بها العرادة وشلته في مارب؛ لأنها تدرك أن العرادة وشلته يعملون بضوء أخضر من الجنرال المرتزق علي محسن الأحمر الذي يقود الجناح العسكري لحزب الإصلاح والذي يدير إمارة مارب بمعزل عن الدنبوع هادي الذي فضَّل الديولة من جمهورية الرياض الفندقية سبعة نجوم، بعد أن أدرك أن لا طاقة ولا سلطة له على علي محسن والعرادة وإمارة الإصلاح في مارب.
المرتزق العميل حافظ فاخر معياد المُعَيَّن من قبل الفار هادي محافظا للبنك المركزي تجاوز الخطوط الحمراء وذهب لمطالبة العرادة وراجح باكريت بربط فرع البنك المركزي بمأرب وفرع البنك المركزي بالمهرة بالبنك المركزي بعدن، وذلك ليتسنى للبنك المركزي ضبط الإيرادات وصرف المرتبات حسب زعمه؛ كون بنك عدن غير مطلع على سير المعاملات المالية في الفرعين المذكورين وعدم معرفته بمصير الإيرادات التي تدخل إليهما، حيث هدد بتقديم استقالته من منصبه في حال لم يتم الالتزام بذلك، العرادة ظهر في تصريح له معلِّقاً على بيان معياد بقوله: إن مارب لن تورد إلى عدن إلا في حال سمح للشرعية والحكومة والبرلمان –على حد تعبيره- بالعودة إلى عدن وممارسة مهامها من هناك، وهو ما خلق حالة من التوتر في صفوف المرتزقة الإصلاح والمرتزقة العفافيش مصحوبة بحملات إعلامية وتراشقات واتهامات متبادلة بالفساد ونهب المال العام بين الجانبين وسط محاولات لتقريب وجهات النظر يقودها رئيس حكومة الفنادق معين عبدالملك وسفير الدنبوع في واشنطن أحمد عوض بن مبارك.
فساد العرادة وشلته في إمارة مارب، يندرج في إطار منظومة الفساد الشاملة التي تطغى على ممارسات وسلوكيات وتعاملات قوى الارتزاق والخيانة والعمالة، وكل طرف ينهب ويفسد ويستغل المال العام والثروات العامة لخدمة مصالحه وتعزيز نفوذه، العرادة في مارب، وهاشم الأحمر في الوديعة، وراجح باكريت في المهرة، والزبيدي في عدن، ومليشيات السعودية والإمارات في حضرموت وشبوة وأبين ولحج والضالع، هم منظومة متكاملة للفساد، ولهم شواهد وسوابق في هذا الجانب يعرفها الجميع، والتعويل على هؤلاء ومن على شاكلتهم أشبه بمن يعوِّل على السراب للحصول على الماء، وكما يقول المثل اليمني: (ما بش من صياط لبن) فلا خير في مرتزق خائن عميل وإن صلى وصام وحج واعتمر..