مفهوم خطاب الرئيس المشاط (وحدة يمنية نقيضة للتبعية والارتهان) ..
عبدالفتاح حيدرة..
خطاب فخامة الرئيس مهدي المشاط بمناسبة الذكرى التاسعة والعشرين للوحدة اليمنية 22 مايو العظيمة، تعاطى مع الوحدة اليمنية (كمفهوم وكمنجز) وهو تعاط يؤكد وقبل كل شيء أن العالم كله يمر هذه الأيام بأخطر مرحلة من مراحل لعبة اهتزاز التوازنات الدولية والإقليمية، وهي مرحلة لعبة الثبات أو السقوط ، فإما ثبات وصمود البقاء، أو سقوط وارتطام الموت، وهي مرحلة يتعين على كل طرف مشارك في هذه اللعبة أن يتفقد عموده الفقري جيدا..
المصداقية كانت جزءاً اصيلاً من خطاب وتوجه صاحب القرار اليمني الأول ممثلا بفخامة الرئيس مهدي المشاط ، وهذه المصداقية وضحت انه لم يعد يخفى على أحد اليوم طبيعة الخطر الذي يراد أن تساق إليه بلادنا اليمن كجغرافيا وشعب ، خلف مشروع يستهدف وحدة اليمن أرضاً وانساناً، تارة عبر عدوان عسكري خارجي يستخدم كل أنواع أسلحة القتل الجماعي، وتارة أخرى عبر مشاريع التقسيم والتمزيق الداخلية، والتي يسعى تحالف قوى العدوان إلى فرضها على اليمنيين كأمر واقع امتثالا لسياسة التبعية والارتهان الاستعماري القديم الجديد وشعار (فرق تسد)..
لخص خطاب فخامة الرئيس نقطتين جوهريتين حول مفهوم الوحدة اليمنية،
أولا : أن وحدة الشعب اليمني هي أكبر من كل السياسيين ومن كل الأحزاب ومن كل المواقف السياسية لأن صانعها الأول هو الشعب وهو وحده الحاكم فيها والمتصرف، ثانيا : ان الإساءات والانحرافات التي فتكت بكل منجزات الشعب إنما هي نتاج لتحكيم الخارج والارتهان للخارج بدلا من تحكيم الشعب والانحياز للشعب، وهذ التلخيص ينم عن توجه فوقي وسامٍ قيميا وأخلاقيا، يملك الوعي والمسؤولية والصدق ، ويتعامل مع الوحدة (كمفهوم) بقيم الإخاء والمحبة والتعاون والتكامل والانسجام، والقوة والنهضة والدور والمكانة، وحدة تقف نقيضا صارخا لكل معاني الفرقة والصدام والكراهية والمناطقية والهوان والضعف والتبعية والارتهان ..
تأكيد خطاب الرئيس المشاط أن الانحياز للشعب هو المرتكز الذي يجب أن نستحضره في هذه المناسبة تجاه كل شيء يتصل بواقعنا، وأن سبب تغييب الوحدة اليمنية والوضع المتردي الذي تعيشه ناتج عن تغييب الصانع الحقيقي للوحدة وهو الشعب وتنصيب وتحكيم الأشخاص والأحزاب بدلا عن الشعب، مع أن الوحدة (كمنجز) كما قال الرئيس، إنما تشير فقط إلى حالة من حالات الانحياز السياسي للشعب والإصغاء لإرادته..
ولأن المصداقية في هذا الخطاب والتوجه واضحان، وضوح القوي الأمين، مد يد السلام و توجه حديث الرئيس لكافة القوى اليمنية التي راهنت على الخارج إلى العودة لرشدها وصوابها، وهي القوى التي تورطت وتمحور سياسيوها حول ذواتهم ومصالحهم الحزبية والشللية والعائلية، وهيأوا الساحة اليمنية لتنفيذ مشاريع خاصة واجندة ضيقة، بسببها يشن العدوان ومن خلالهم ضد وطننا ابشع عدوان وأقبح مؤامرة دخلت عامها الخامس، مد يد السلام القوية والتي تعفو عند المقدرة عن تلك القوى التي أخطأت في حق الأهل والوطن، مطالبا إيها بالاعتذار والتوبة، ومرحبا بمصالحة وطنية يمنية شاملة وبحوار داخلي شامل يفضي إلى (استعادة إخائنا ووحدتنا وإلى بناء يمننا القوي والغني بتاريخه وشعبه وأمجاده وبموقعه وأرضه وخيراته والمتفوق بحكمته وإيمانه) ..
ثم وجه فخامة الرئيس مهدي المشاط ثلاث رسائل أخرى في ختام خطابه لدول العدوان وللمجتمع الدولي وللشعب اليمني، يؤكد فيها أن العمود الفقري الجغرافي لليمن صامد وثابت وصلد، والنخاع الشوكي لليمن هو عروبتها واصالتها وقيمها التاريخية والدينية، وصلابة فقرات ظهرها هي وحدة هويتها الجغرافية والوطنية اليمنية، وإن ما تمنحه الجغرافيا لشعب ما، لا تستطيع كل قوى مؤامرات التاريخ العسكري والسياسي والديني مهما طغت أن تلغيها إذا لم يستطع ذلك الشعب وقادته وساسته وجيشه الحفاظ عليها والثبات من أجلها والدفاع عنها ..