مالم يُقَل عن تعز

نزار الخالد
إن اثارة ( المناطقية والطائفية ) في محافظة تعز لم يكن وليد اللحظة أو من خصائص أبناء هذه المحافظة التي كانت ولازالت حاضنة لكل أبناء اليمن الكبير تاريخيا وهي ( الوحدة الوطنية ) لكل أبناء الوطن من حرض حتى المهرة، والمحطات التاريخية شاهدة على ذلك وهي ( الملاذ الآمن ) لكل مكروب أو منكوب.
تعز تم اختيارها من أجل تنفيذ مخطط (اثارة المناطقية والطائفية والمذهبية ) من دول اقليمية وعربية ودولية ولعدة اسباب سياسية وأمنية واقتصادية بما يحقق مصالح تلك الدول نظرا لخصائصها الجغرافية والسكانية، وتم اعداده منذ سنوات طويلة وتنفيذه (على مراحل متعددة ).
يعلم المتتبع للتطورات السياسية بمحافظة تعز انه تم تجنيد بعض الإعلاميين والسياسيين ورجال الدين و(ناشطين وناشطات) من أجل زرع بذور هذه الفتنة منذ عام 1991م وتغذيتها تدريجيا، حتى برزت للسطح عام 1994م مع حرب الوحدة والانفصال، ومع انتصار طرف صنعاء عادت تلك العناصر لتعمل من تحت الطاولة في الجامعات و(البيوت الدينية) وبعض (المعاهد التعليمية) والمراكز الدينية حتى عام 2006م، ومع حمى الصراع السياسي والانتخابات الرئاسية عادت للنشاط فوق الطاولة.
ظلت تلك العناصر تنشط في أوساط الشباب بهدوء تام ودراية بأن هناك وقتاً مناسباً قادماً حتى جاءت فوضى 2011م لترتفع اصواتها في ( الساحات ) وتجند الشباب والشابات الطامحين للعب دور سياسي في المستقبل، ووثقت كثير من الفعاليات والتصريحات الإعلامية (الطائفية والمناطقية والمذهبية ) وتم إثارة احداث سياسية قديمة في الستينيات والسبعينيات لاستعطاف الشباب والشابات ولكن لم تحقق تلك العناصر النجاح المطلوب منها.
تطورت بذور الفتنة لتنمو في ظل غياب تام لعقلاء وحكماء تعز بل إن البعض استثمرها لمصالحه الشخصية حتى عام 2014م، ومع حرب دماج صدحت كثير من المنابر والاصوات والاقلام الإعلامية بكل خبث – طائفيا ومذهبيا – لتثير الشباب وتعمق الفتنة، ومع مطلع عام 2015م خرجت المظاهرات تجوب شوارع مدينة تعز وترفع شعار (لا وحدة مع الزيود) وترفع اعلام ( جمهورية تعز الاتحادية ) حينها حذرنا المعنيين في السلطة المحلية من قذارة المخطط ولكن الأمر كان قد خرج عن سيطرتهم وقدراتهم كانت ضعيفة في إدارة الأزمات لاعتمادهم على كوادر غير مؤهلة وليسوا أصحاب خبرة، ووصل الأمر إلى ارتفاع المطالب وفق المخطط القذر بالمطالبة بمغادرة أبناء المحافظات الشمالية ومضايقتهم بشكل مباشر وغير مباشر ومن أطلقوا عليهم في كتاباتهم وخطاباتهم لبث الكراهية (المحتلين اصحاب الهضبة ) أو (مطلع ) وإن كان الغالبية من أبناء تعز رافضين هذه النعرات الطائفية والمناطقية والمذهبية لكنهم ظلوا فئة صامتة، ودشن ذلك الشيخ/ حمود سعيد المخلافي على قناتي العربية والجزيرة بأنه سوف يطرد ( بني مزيد ) وظلت الشريحة الاكاديمية والمثقفة صامتة بل إن بعضهم استغل ذلك التصريح وافرغ كل ما في بطنه من عفن الطائفية والمناطقية في وسائل التواصل الاجتماعي.
إن المخطط الحقيقي له ابعاد كبيرة وخطيرة واستهداف ما يسمونهم (أبناء الهضبة) أو ( بني مزيد ) من قبل عناصر مخطط الفتنة دون علم منهم بمراحل المخطط الذي يهدف ( لتحييد ابناء النقائل وسلطة صنعاء) عن اهداف المراحل المقبلة التي تستهدف بشكل اساسي (النسيج الاجتماعي لمحافظة تعز) وتقسيم تعز (ثلاثة اشطار) وهو ما نراه اليوم ونلمسه من خلال التباينات والمماحكات والصراعات ونشر- في وسائل التواصل الاجتماعي- بيانات سياسية مناطقية وتلميحات طائفية ومطالبات بإعلان قضاء الحجرية محافظة وتعيين محافظ وحشر اللواء 35 في هذه المنطقة الجغرافية.
المؤشرات كلها تقول إن ( دولة قطر ) ضالعة في هذا المخطط للاستيلاء على مدينة تعز وبعدها التآمر الوسخ على الحجرية من خلال الترويج بأنها حاضن للعناصر الارهابية من تنظيم القاعدة وداعش وجلب المجتمع الدولي لمحاربة الإرهاب والعناصر الإرهابية، وفي الحقيقية أنها تعتقد انها بهذا المخطط والحرب الدولية وما يجرى الاعداد له لنفس الهدف سوف توجه ضربة قاضية (لدولة الإمارات) وتخرجها من الساحل الغربي وميناء المخا وباب المندب الذي اصبح محتلاً من الامارات وتصبح السيطرة النارية على مدينة عدن وحزيرة ميون بيد (عملاء قطر).
إن حقيقية ما يجري في تعز الهدف منه هو الساحل الغربي من الحديدة وحتى مدينة عدن وللأسف بعض أبناء تعز ينفذون المخطط الاماراتي الذي يريد المدينة لتأمين الساحل الغربي وبذلك تحمي الاستثمارات في ميناء دبي وتؤمن عدم المساس بنشاطه وإن كان على حساب اليمن والقطريين الذين يريدون تعز وسواحلها لتنمية ثقلهم الدولي، وكلاهما يريدانها لاستغلالها (سياسيا واقتصاديا وعسكريا) وتقديم الخدمات ( للمصالح الامريكية والإسرائيلية) وهما صاحبي المخطط الحقيقي في المنطقة بما يحقق شرق اوسط جديد أو ما يسمى (صفقة القرن) على حساب تعز واليمن التي يراد لها ان تظل في صراعات طائفية ومذهبية ومناطقية وفقر لعشرات السنيين بينما أنظمة الخليج المنفذة للمخطط الاسرائيلي _ الامريكي تنعم بخيرات اليمن من الجوف وحتى سقطرى وإلى آخر منطقة في المهرة .. فهل تفقهون يا أهلي في تعز واليمن؟.

قد يعجبك ايضا