بالمختصر المفيد.. التخطيط العشوائي.. محلك سر
عبدالفتاح علي البنوس
عندما تعتمد الأنظمة على العشوائية في تسيير شؤونها وفي إدارة سياستها الداخلية من الطبيعي أن تكون المحصلة والنتيجة هي الفشل الذريع ، وهذا هو حال النظام السابق في اليمن الذي أغرق في العشوائية وجعل منها نظاما يسير وفقه وعلى منهجه.. سنقف اليوم أمام صورة من صور العشوائية التي اعتمد عليها هذا النظام والتي كانت السبب في إطالة أمد حكمه ، وهي المتعلقة بسياسة بناء وإقامة السدود والكرفانات والحواجز المائية والتي كانت تتم بصورة عشوائية ومن النادر أن تجد حاجزا أو سدا مائيا أقيم في الموقع السليم ويسهم في خدمة المواطنين وتغذية المياه الجوفية باعتبارها من الأهداف الرئيسية لإنشاء وإقامة السدود والحواجز المائية.
مدينة معبر مركز مديرية جهران بمحافظة ذمار واحدة من أكثر المدن اليمنية تعرضا للغرق جراء تدفق سيول الأمطار من أعالي الجبال المحيطة بها حيث تسببت في خراب ودمار العديد من المنازل وجرفت العديد من الأراضي الزراعية وتسببت في وقوع انكسارات وشقوق أرضية تهدد بسقوط المنازل ، وعقب هذه الحوادث كانت السلطة تتحدث عن عزمها اتخاذ حلول ومعالجات من شأنها الحد من أضرار هذه السيول الجارفة التي تشهدها المدينة خلال موسم الأمطار ، ومن بينها الحديث عن إقامة سدود وكرفانات على طريق السيول المتدفقة من الجبال للاستفادة منها في تغذية المياه الجوفية وسقاية الأراضي الزراعية ، وكذا الحديث عن تنفيذ مشروع المجاري والصرف الصحي وهي وعود ومشاريع ظلت وما تزال وهمية وغير ملموسة حتى اليوم.
واليوم تتعرض مدينة معبر لتدفق سيول الأمطار مهددة منازل المواطنين بالغرق ولا حلول تنقذ الأهالي ، لا سدود ولا كرفانات ولا مجارٍ في الوقت الذي نشاهد فيه العديد من السدود التي تم تنفيذها في مناطق لا تصل إليها سيول الأمطار ولا تحتجز فيها أي كميات من الأمطار والسيول المتدفقة نحوها كما هو حال الحاجز المائي القريب من إدارة أمن بلاد الروس بمحافظة صنعاء ، وغيرها من السدود والحواجز التي تم تنفيذها بطريقة عشوائية إرضاء لهذا المسؤول ، أو نزولا عند رغبة هذا الشيخ ، أو خدمة لهذا المقاول أو ذاك ، المهم ضمان الحصول على (الكميشن) ، ومن يشاهد بحيرة الماء التي تتوسط حارة آل البنوس الواقعة جنوب مدينة معبر يدرك تماما نتائج العشوائية وغياب المسؤولية التي تطغى على أداء النظام السابق طيلة السنوات الماضية.
واليوم باتت السلطة المحلية بمحافظة ذمار بقيادة الشيخ محمد حسين المقدشي مطالبة بالتحرك الجاد من أجل تنفيذ حلم أبناء مدينة معبر المتمثل بمشروع المجاري وتصريف سيول الأمطار والذي طال انتظاره ، وقد لمست شخصيا في اجتماع حضره أمين عام المجلس المحلي بالمحافظة مجاهد شايف العنسي حرصه على تنفيذ المشروع الذي يحظى بمتابعة شخصية منه بتنسيق مع المهندس النشيط طه الهندي مدير عام المؤسسة المحلية للمياه والصرف الصحي بالمحافظة ، وأنا على ثقة مطلقة بأن حيوية ووطنية ونشاط وحماس المحافظ الشاب الشيخ محمد حسين المقدشي ومتابعة المهندس طه الهندي ستتوج بإنجاز هذا المشروع العملاق الذي سينقذ المنطقة من كوارث عدة بعد أن تحولت طرقاتها وشوارعها إلى بيارات هي أشبه بالقنابل الموقوتة القابلة للانفجار والسقوط في أي لحظة.
بالمختصر المفيد، يكفينا عشوائية وتخطيط فاشل ما مر من السنين ، يجب أن تكون مشاريعنا مخطط لها ومدروسة بعناية ، وأن تتسم قراراتنا وتوجهاتنا بالإيجابية والشعور بالمسؤولية ، يكفي محاباة ، ومجاملة ، ونفاق ، ومصالح ضيقة ، يكفي وساطات ومحسوبيات عند إقرار وتنفيذ المشاريع والتي جعلتنا نراوح مكاننا محلك سر ، ولم نتقدم قيد أنملة.
هذا وعاشق النبي يصلي عليه وآله.