من أرض الصمود ..برز أسد الأسود
عفاف محمد
في ذكرى استشهاده تتهادى العبارات.. ويتأهب الكثير لبعض انصاف في حقه .. وقلما تجود الكلمات أو تترجمه الروايات لأنه باختصار رجل تعدى حدود المسافات
رجل خلَّف لنا من بعد استشهاده حياة!! ..
رجل احيا امة، لكم ذلك عظيم …
برع عن جدارة في ان يعكس فكره الصافي في النفوس .. حتما سأخفق إن تحدثت عن علو انسانيته وملتقى اخلاقه
عندما اشحذ همتي للحديث عنه تتزاحم المواقف في رأسي وأحار في أيها أخوض في الحديث .. هل عن رؤياه السليمة وانعكاسها؟ .. ام عن مواجهته للطواغيت كيف كانت؟ ام عن مشروعه المقدس الذي لا غبار عليه؟ ..هناك الكثير والكثير من العناوين والمواضيع سيطرق لها الكثير والكثير ممن سيحيون ذكراه. ويعدون مناقبه..
هو ذاك الشهيد القائد من قال ان الصرخة ستتردد في اماكن أخرى ..ولم يخطئ القول..
عندما نتحدث عن الشهيد القائد فإننا نلمس عظمة الإمام في شجاعته، في كرمه في تضحياته في ترفعه عن صغائر الأمور ، في عطائه وسخائه وبهائه وهيبته وخشوعه وتواضعه وسيرته مع محبيه ومع اعدائه.
إن الحديث عن السيد حسين يعني الحديث عن الحسين السبط في مباينته للظالمين، في تضحياته، بالنفس والأهل والأصحاب.
الحديث عن مأساة الشهيد القائد بمران تعني الحديث عن كربلاء الحسين بما للكلمة من معنى وما أشبه الليلة بالبارحة في كل شيء.
ومن أراد الحقيقة كماهي فعليه أن يطلع على سيرة السبط وهو يرفض بيعة يزيد في المدينة المنورة وحينما خرج متنكرا من المدينة إلى مكة حتى لا يرغمه والي المدينة على البيعة، وبعد ذلك خروجه من مكة يوم التروية أي قبل يوم عرفة بيوم، لم يتمكن من أداء مناسك الحج لكثرة الجواسيس خلفه، فاتجه إلى العراق تلبية لدعوة العلماء والمشائخ ليبايعونه ،ومن ثم ما دار هناك من مؤامرات وخذلان وما ظهر هناك من مواقف للحسين وإظهار للحجة وما أظهره الحسين وأصحابه وأسرته من صمود واستبسال رجالا ونساء وأطفالا وشيوخا وسادة وشيعة وقبائل وحتى الموالي ومن يسمونهم عبيداً كان لبعضهم خضور مشرف.. كذلك ما حل في كربلاء من مآس وآلام ومواجع ثم بالمقارنة مع مواقف حسين العصر يتجلى كل شيء بوضوح.
باتت حياة الشهيد القائد الاجتماعية والسياسية والفكرية مرآة تعكس عظمة تاريخه المجيد وجهاده الذي على إثره اهتدى الكثير من الجهلة والضالين..
كان هذا النور الذي سطع بعد كل ما فعلوه به قد نجح مشروعه وذهبت كل اساليبهم المتوحشة والشرسة هباء .
ولعلي اقف عند سؤال من ضمن الكثير .. ماذا بعد جرف سلمان؟
ما المراحل التي تدرجت من بعد جرف مران ..وما صدى كل تلك الحروب التي شنَّت في قلعة الأسود ..؟
اين كانوا …واين اصبحنا سوية ..؟
نشأ وترعرع في رحاب القرآن وعلومه وعلوم اهل البيت، والهدي الذي جاء به رسول الخلق اجمعين عليه افضل الصلاة والسلام وعلى آله ..أخذ عن أبيه علمه وزهده وفراسته لم تتنازع في إنسانيته الأهواء، كان لين الطبع في غير ضعف رفيقاً بالناس مهتماً بشؤونهم ،سليم الجوهر ومجالسه بالذكر والخير مأهولة ..
قد أجد نفسي وانا اتحدث عنه، اتحدث عن الإمام زيد بن علي وهو يدعو الناس إلى القرآن ويتنقل من بلد إلى آخر ليرشدهم إلى إقامة العدل والمساواة وانصاف المظلومين وإخراج حقوقهم من الظالمين حتى سموه حليف القرآن لاستنباط كل شيء في مسيرته من القرآن وسموه أيضا بفاتح باب الجهاد الذي أوصده الظالمون في وجوه المستضعفين فترة من الزمن .
قالوا عن ملازمه انها تسحر العقول وهي فعلا كذلك لأنه يصنع الكلام في القلوب صنيع الغيث في التربة الكريمة .. أحسن الخطابة وتفوق في المحاورة والمناظرة .. فتق معاني الخطابة الدينية واتقن ببراعة ايصال المعلومة المراد ايضاحها .. كان آية جعلت الناس يلتفتون لها وينقادون بسهولة لأفكاره التي لم تخرج عن طور ما شرع الله وما نصه في محكم آياته …
كان الشهيد العظيم برجاحة عقله قد احتوى مواقف عظيمة وتعرض لأخرى جسام …تجلى في سيرته العطرة نقاء الحياة التي عاشها وعظيم الاستبسال الذي واجه به الأعداء …ترك من بعده أثراً طيباً بل نشر عبقه في كل الأرجاء .. صار اليوم بعد مظلوميته تلك وبعد الحروب الشرسة التي ترصدته هامة فكرية صداها انتشر ..لأنه اعاد مفاهيم كانت قد غابت بفعل الوهابية الخبيثة وغيرها ومن يتعمدون محاربة الدين وغرس ما هو شاذ في المعتقدات الدينية السليمة ..تطلعوا لنوره ستجدونه في كل بقعة وفي وجوه المؤمنين، رسم لنا ملامح نورانية، ملامح أرض عادلة ..
كان هو الأسد الذي تحدى كل الصعاب وحطم كل السياج، إنه رفع الشعار وصرخ في زمن الصمت، انه أسد مران ابن صعدة الشموخ على روحه ألف سلام .