تناولت وسائل الإعلام المختلفة بالصوت والصورة قضية جوهرية تمثلت في تسليط الضوء على انهيار شبكة الصرف الصحي بمحافظة الحديدة¡ وغياب النظافة كظاهرة ملفتة للنظر أصابت كل نواحي الحياة¡ وأرقت أبناء مدينة الحديدة وزوارها¡ وكان لتفاعل وسائل الإعلام الأثر الكبير في طرح وإبراز ومعالجة إحدى قضايا الساعة التي تعتبر من أولويات العمل الإعلامي¡ واستطاع الإعلام من خلال تسليط الضوء على هذا الحدث أن يستعيد ثقة المشاهد والقارئ وأن يسجل حضورا◌ٍ مشرفا◌ٍ ويحدث صدى لرسالته الإنسانية إلى أعلى هرم السلطة بعد أن غاب في دهاليز المماحكات السياسية. ومثلت تلك الصورة البشعة صدمة شديدة لرؤية مدينة الفل والياسمين عروس البحر الأحمر قد جردها كابوس الفساد والإهمال والنظرة القاصرة لمشاريع المستقبل الناتجة عن عدم الشعور بالمسؤولية من جمالها الآسر للألباب والأبصار¡ فهذه المدينة العريقة ما زالت تئن حتى كتابة هذه السطور تحت ظلمة الليل الحالك ونار شمس الأصيل من انقطاع التيار الكهربائي¡ وضعف شبكة المياه وانتهاء صلاحية الصرف الصحي وفقر أبنائها المدقع ولهذه الأسباب صارت في حكم المدينة المنكوبة بعد أن أظهرت لنا وسائل الإعلام باستطلاعاتها وتحقيقاتها الاستقصائية واللقاءات بالمواطنين وكبار رجال السلطة مدى خطورة الوضع لعروس البحر الأحمر وتحول هذه المدينة الساحلية الجميلة إلى مدينة موبوءة صارت معظم أحيائها وشوارعها أشبه بالمستنقعات والأوحال الفتاكة بالإنسان¡ والملوثة للهواء والعابثة بالبيئة نتيجة لغياب التخطيط الاستراتيجي العقلاني ولانعدام وجود الرقابة وغياب الضمير الإنساني وإجراء الصيانة الشكلية رغم أن الدولة ترصد المبالغ الضخمة لتنفيذ مشاريع البنى التحتية الجيدة وفقا◌ٍ لتصاميم إنشائية محترمة التي تحقق الأهداف والغايات¡ ولكن للأسف الشديد يتم التحايل والتلاعب وغض الطرف عن الكثير من المشاريع خصوصا◌ٍ عند التنفيذ والإشراف على إنجازها وما هي إلا سنين معدودة وتظهر سلبيات وتنهار تلك المشاريع مما يضع الدولة في قمة الإحراج والمواطنين في قلب المعاناة¡ والمتسببون بعيدا◌ٍ عن الأنظار والمساءلة والإعلام خير شاهد صوتا◌ٍ وصورة على كل الأحداث وعندما ينقل الحقائق للرأي العام ليس لغرض التشويه والانتقام وتصفية الحسابات وإنما يتناولها كضرورة أخلاقية لكشف الأخطاء ومعالجتها وإعانة الدولة في الحد من تجاوزات ضعفاء النفوس للوصول إلى تحقيق الأهداف والغايات.