
يتعرض الكثير من الأطفال للممارسات الخاطئة وللعنف في أماكن متعددة ومن أشخاص مختلفين قد يكونون أحيانا أقارب.
هذا العنف يحد من إمكانية تنمية الطفل بمهارات أو بخبرات ويصبح عاجزا عن مواجهة حياته وبناء مستقبله وإن حاول أحد فيما بعد فلن يرى الأثر الإيجابي وسيحتاج إلى مدة أطول.
حتى لا يستمر الأطفال بالتقدم في العمر وهم يتعرضون للعنف النفسي أو الجسدي يعمل مركز الأسرة التابع لمؤسسة شوذب للتنمية على تنفيذ برامجه وتقييم آثارها وسط المجتمع المستهدف الذي تم اختياره وتحديده بناء على الاحتياج حيث أقيم في منطقة مكتظة بالأهالي وسط العاصمة صنعاء وفي منطقة تم تقييمها على اعتبار أنها بحاجة فعلية للتدخل فمعظم الأطفال لديهم شكاوى وينتظرون الحل ومعظم الأسر تحتاج إلى معرفة ومساندة للتخلص من طريقتها العنيفة التي تتعامل بها مع أطفالها.
مراحل
وفقا للمياء الإرياني رئيسة مؤسسة “شوذب” للتنمية فإن تنمية الأطفال المعرضين للعنف ومن عاشوا تجارب مؤلمة تمر بالعديد من المراحل ولا تقتصر على الطفل نفسه بل بالمحيط الذي يتواجد فيه وبالأسرة التي تعيش معه ولهذا يعمل المركز على هذه المحاور وينفذ برامجه بالتعاون مع منظمة رعاية الأطفال الدولية الشريك للمشروع.
حين يتعرض الطفل للعنف فإنه يفقد تدريجيا التعبير عن سخطه أو اعتراضه وقد يوصله ذلك إلى التعايش مع العنف ومواجهة الأمر يبدأ من نقطة بسيطة كما تفيد برامج المركز وهي جعل الطفل يتحدث ويكشف عن المعاناة التي يتعرض لها في ظل وجود استماع جيد يوحي إليه بأهمية ما يقول ويتولى ذلك أخصائيون نفسيون واجتماعيون يضعون برنامج مواجهة الحالة وعلاجها وتحديد المكان الذي يحدث فيه العنف أكان المنزل أم المدرسة أم الشارع ويتم الجلوس مع الطفل والسماع منه لما يعانيه وحتى توقعه للحل فذلك يجعله شريكا في الخطة ويخلق إحساساٍ لديه بأنه جزء من هذه الجهود التي يتم القيام بها.
وفيما يتعلق بأسرة الطفل تفيد الإرياني : إذا كان أفرادها ممن يعيشون ظروفاٍ صعبة يتم تأهيلهم لمواجهة الظروف وتحصل الأمهات على تدريب فني في مجال معين كالخياطة التي تصبح مصدرا لتحسين الدخل وبالتالي الحياة ويستفيد الطفل من أن طريقة التعامل معه تتغير نحو الأفضل فكلما تحسن وضع الأسرة كلما وجدوا وقتا للتفاهم ووضع الحلول الملائمة لما يحدث.
أنشطة تفاعلية
تؤكد المدير التنفيذي لشوذب مريم الشوافي أن أفكار المركز في مواجهة المشاكل جاءت بناء على خبرات سابقة من سنوات عمل وحدة حماية الطفل التي أنشئت في 2008 لغرض تحسين الصحة النفسية والاجتماعية للأطفال المعرضين للعنف والتوصل إلى خدمتهم قبل أن يصبح وضعهم أكثر تعقيداٍ ولحماية تحصيلهم التعليمي من خلال إشراكهم بالأنشطة التفاعلية التي تعبر عنهم كالرسم والرياضة والتكنولوجيا والفنون الأخرى التشاركية.
فكرة رعاية الطفل ذلك وحمايته تنبع وفقا للشوافي بشكل أساسي من حماية الأسرة كونها اللبنة الأساسية في بناء نسيج المجتمع القوي ويعتبر المركز الذي يتسع لأكثر من مائتي طفل ويتضمن عدة أقسام ترفيهية وتعليمية للأطفال وقسماٍ للخياطة والتطريز لأمهاتهم محصلة لسنوات من العمل الدؤوب في جانب تنمية الطفولة ليمثل إضافة نوعية في خدمة المجتمع تلفت مريم الشوافي إلى أن الهدف الرئيسي من المشروع هو حماية الطفل من الإساءة والاستغلال والإهمال.
بحسب المديرة التنفيذية لشوذب فإن هناك أهمية لمثل هذه الجهود التي تعد السبيل الوحيد لتوعية المجتمع بضرورة حماية الأطفال وتنمية قدرات مجتمعهم المحلي من خلال تزويدهم بمهارات حياتية مصاحبة بالتوعية بحقوق الطفل والتركيز كذلك على أمهات الأطفال من خلال تقديم أنشطة في تعلم مهارات الخياطة والتطريز..
مسؤولية
التنمية ليست مسئولية جهة بعينها ولكنها مسئولية مشتركة بين كافة الجهات المعنية في الحكومة ومنظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص والمنظمات الدولية.
ويشدد خبراء مختصون في هذا الجانب أن الجميع يتحمل مسئولية حماية الأطفال من كافة أشكال العنف الموجه ضدهم سواء في الأسرة أو الشارع أو المدرسة كما أن هناك أهمية لتكاتف كافة الجهود من أجل حماية الأطفال وتوفير الرعاية اللازمة لهم ودور المجتمع المدني كشريك فاعل في رعاية الأطفال وحمايتهم.
وتقول نتائج أولية أن وضع المدارس والأطفال الذين تم استهدافهم في تحسن ملحوظ وأن حالات التنمية تزدهر كلما خف العنف وتمت معالجته بطرق حديثة مبنية على أسس علمية وعلى الاصغاء إلى الضحية وجعله محل الاهتمام والتركيز فالتنمية البشرية بكل فنونها وتقنياتها تعجز عن الوصول إلى إنسان محطم من الداخل ومعاناته النفسية أكبر من طموحاته وبالتالي فقبل أي تنمية أو تطوير يفترض أن تتهيأ الظروف والبيئة والإنسان الذي يواجه مشاكله بعون مجتمعه ومحيطه.