اليقظة وسرعة القرار حسما النصر الفنزويلي

عبدالجبار الحاج

في المؤتمر الصحفي الذي عقده الرئيس الفنزويلي يوم الجمعة اقتطف منه مايلي :
( لا يوجد شك أن أمريكا تريد أن تمضي في طريق تفرض فيه دور الشرطي في امريكا وهو امر لم يعد ممكنا ..
وأمريكا تريد إسقاط النظام المنتخب من الشعب .
وامريكا هي من تدعم اليمين المتطرف في فنزويلا .
وقال : ان المعارضة الفنزويلية لن تقبل بأي رئيس إلا إذا كان من صنيعة امريكا ولن تقبل إلا بمن ترضى عنه أمريكا ..ودستوريا لا يمكن نقل السلطة من شخص الى آخر إلا عبر الانتخاب .
دستوريا هناك ثلاث طرق احتمالات للتخلي عن الرئاسة بموجب الدستور الفنزويلي . الموت أو الاستقالة أو قرار المحكمة ..
وأنا هنا الرئيس المنتخب وأنا اتمتع بصحة جيدة وأنا هنا في مقر عملي
ولن اتخلى عن موقعي إلا عبر الانتخابات وفي موعدها الدستوري )
(( أنا لست ضد الولايات المتحدة، أنا ضد الإمبريالية، وهذا شيء مختلف، والإمبريالية لا بد أن تنتهي ..
أن قطع العلاقات ليس مع الشعب الأمريكي، بل «مع حكومة (الرئيس) دونالد ترامب».وفنزويلا ستحافظ على العلاقات الاقتصادية مع الولايات المتحدة وستواصل بيع نفطها هناك. …
الخارجية الفنزويلية تعيد النظر حاليا في العلاقات مع كل الدول التي أعلنت اعترافها بخوان غوايدو رئيسا لفنزويلا، «أتباع» واشنطن.
الرد دبلوماسي من قبل فنزويلا على تلك الخطوات، سيأتي.. لكن كراكاس تركز اهتمامها على «صاحب السيرك»، حسب تعبير مادورو ، أي الولايات المتحدة، التي جدد مادورو اتهامه لها بتدبير انقلاب في فنزويلا.
في حين يستعد بومبيو للتوجه إلى نيويورك لحث مجلس الأمن على الاعتراف بغوايدو رئيسا مؤقتا لفنزويلا ..
مادورو أوفد وزير الخارجية خورخيه أرياسا إلى نيويورك لحضور اجتماع مجلس الأمن الدولي حول فنزويلا يوم السبت، مشيرا في مؤتمره الصحفي إلى أن الوزير سيتوجه إلى هناك «لحماية فنزويلا».))
اعتقد أن عوامل عديدة متوفرة لدى القيادة الفنزويلية هي التي اسقطت وافشلت العديد من المحاولات الامريكية في الإطاحة بالرئيس نيكولاس مادورو، فقبل شهرين منيت أمريكا بفشل عسكري ذريع عبر محاولة انقلابية دموية للإطاحة بالنظام الفنزويلي عندما اقدمت الامبريالية الامريكية بواسطة الاراضي والنظام الكولومبي على استخدام الطائرات المسيرة لقصف منصة عرض عسكري حضره الصف القيادي الأول المشارك في عرض عسكري.. وفي مقدمة المستهدفين من تلك العملية كان الرئيس مادورو وقيادات من الدولة والجيش.
لو عدنا إلى الخلف والى أولى الانقلابات التي دبرتها امريكا ضد شافيز في ولايته الأولى فان شافيز قد افشل أكثر من انقلاب امريكي بدعم الشعب والجيش الفنزويلي عندما حوصر المبني الذي اعتقل فيه شافيز من قبل الانقلابيين العملاء وفي ذلك اليوم طلب من شافيز أن يلقي كلمة مباشرة متلفزة يعلن فيها استقالته للشعب .فما كان من شافيز إلا أن ألقى كلمة مقتضبة واختتمها بدعوة الشعب والشعب لإجهاض الانقلاب فهب الشعب والجيش وحاصر المبنى واجبروا الانقلابين على الاستسلام وخرج شافيز وشعبه وجيشه منتصرا ..
اعتقد أن تلك المزايا التي منحت النظام البوليفاري هذه المنعة تكمن في اليقظة العالية والاستعداد التام والجاهزية القصوى والسرعة الفائقة في القرار والتنفيذ الفوري على كافة المستويات العسكرية والأمنية والسياسية والدبلوماسية .
فمن سرعة الجيش على إحباط الانقلاب العسكري والقبض على 27 عسكريا يوم الاثنين الماضي إلى جملة القرارات السريعة التي توالت منذ اللحظات الاولى يوم الاربعاء عند محاولة رئيس البرلمان إعلان نفسه رئيسا وتوجه الرئيس الى الشعب يوم الاربعاء الماضي وقطع العلاقات مع امريكا وقرار طرد الديبلوماسيين الامريكان ..
هي قرارات وطنية كبرى ومفصلية ومثل هذا النوع من القرارات السريعة والشجاعة هي تماما ما جعلت من الدول الصديقة ان تقف بنفس القوة .ولو أن قليلا من التردد والابطاء في هذه القرارات لما سارعت الدول الداعمة للرئيس بتلك السرعة والقوة والاستعداد للدفاع عن فنزويلا .
حتى ليمكننا القول إن الجاهزية والاستعداد أحد الضمانات لإنجاز المعركة و لتحقيق النصر دونما مواجهات عسكرية وهذا أحد مشاهد المعركة التي انتصرت فيها الثورة البوليفارية بقيادة زعيم فنزويلا مادورو ..
لعل الخطاء السياسي الكبير والفادح الذي ارتكبه اليسار البرازيلي في القبول بتمرير الحبكة والفرية الرأسمالية والانقلاب المتدرج عبر خطوات بدت في الظاهر مجرد اتهامات باطلة وجهت الى الرئيسة المنتخبة ديلما روسيف بحيث اتخذ الحبكة الانقلابية من اتهام الرئيسة بالفساد لقيامها بمناقلة من بنود الى بنود وهي في هذا الاجراء تمنع الفساد من ان يمتد بيده الى الفوائض في بنود..
لكن اختراعات الرأسمالية لاتتردد في استخدام الذرائع من خارج الاتجاه السياسي الصائب الى جعل أي فرية تبريرا للانقلاب..
لم تكتف الطغمة الرأسمالية اليمينية في البرازيل بالانقلاب والاطاحة بل تمادت للقيام بإجراء في أساسه ومضمونه معاد لأي ديمقراطية عندما اتخذت قرارا يمنع الزعيم لولا دا سيلفا من خوض الانتخابات الرئاسية كمرشح لحزب العمال الموحد في البرازيل وهو الرئيس الذي نقل البرازيل الى مصاف الدول الاقتصادية الاولى وهو صاحب المشاريع الكبرى في القضاء على الفقر وتأمين السكن عندما تولى رئاسة البرازيل لدورتين من نهاية عام 2002م وحتى 2011م .
ورفض الترشح لدورة ثالثة وترشحت عن حزبه ديلما روسيف التي فازت في دورتين اطيح بها في الانقلاب الذي تحدثت عنه اعلاه..

قد يعجبك ايضا