العرس الجماعي لأبناء الشهداء
علي عبدالله صومل
بادئ ذي بدء أبارك للبدور المتلألئة عرسهم المبارك وزواجهم السعيد فأقول لهم مهنئا: مبارك عليكم حفلة القران وفرحة الزواج جعله الله زواج خير وبركة قائما على أسس المودة والرحمة ورزق كل عريس منكم الزوجة الصالحة والذرية المباركة
وبعد فسأتحدث إليكم أحبتي الكرام أحرار وحرائر اليمن عبر هذه الأسطر عن هذا المشهد العرائسي البهيج ومسألة الزواج في ظل هذه الظروف فأقول:
إنه لمن الضرورة بمكان أن نتذكر نعمة الله علينا ورحمته بنا فلولا عواطف كرمه وسوابغ نعمه لانغلقت في وجوهن اسبل الحياة وضاقت أمامنا حيل النجاة ولو ضاق بنا الخناق لتحولت الحياة إلى جحيم لا يطاق
فلله المنة والشكر أن عضدنا بالصبر وأعاننا بالنصر وإلا فما معنى هذه السكينة التي تملأ فراغ قلوبنا والطمأنينة التي تسيطر على نمط حياتنا ؟!
هل رأيتم شعبا عصيا على الانكسار كهذا الشعب القوي الجبار الذي وقف شامخا في وجه عواصف الدمار وظل صامد ارغم مشانق الحصار
وأقرب مثال على هذا العنفوان والكفاح هو الاستمرار في إحياء الذكريات والمناسبات والأفراح رغم الأخطار والأزمات والجراح
جديربنا أيها الماجدون الأحرار وأيتها الحرائر الماجدات
أن نستوعب أن الدين الإسلامي الحنيف وحدة متكاملة ومنظومة مترابطة لا سعادة للبشرية إلا بالتزامه فكرا وسلوكا، نظرية وتطبيقا، عقيدة وجهادا، عبادة ومعاملة، حقوقا عادلة وأخلاقا فاضلة فجميع هذه الفرائض الدينية والقوانين الشرعية تتحد في المقاصد والأهداف وتفترق في الوظائف والأدوار ولا يمكن أن يستغني بعض من هذه المعتقدات والعبادات والتشريعات عن البعض الآخر فلا يمكن لإقامة الصلاة أن تستغني عن إيتاء الزكاة ولا فريضة الجهاد بمستغن عن سنة الزواج وهكذا فكل واحدة من هذه العقائد والعبادات والأحكام لها موقعها وأثرها الفكري أو الروحي أو العملي الخاص ويبقى بين الجميع علاقات وثيقة وروابط وشيجة
والهيئة العامة للزكاة إذ تطلق – بالتعاون مع أمانة العاصمة ومؤسسة الشهداء
مشروع العرس الجماعي لكوكبة شبابية مباركة من أبناء الشهداء الأبرار بالتزامن مع ذكرى أسبوع الشهيد السنوية فإن هذه المبادرة الكريمة لتؤكد على متانة الترابط العضوي بين التشريعات الإسلامية فالزواج متناغم مع الجهاد كما أن الجهاد منسجم مع الزواج في كثير من خطوطه العريضة وغاياته الكبيرة فلو عطلنا سنة الزواج لتوقفت عملية الانجاب وانقطع النسل كمال وعطلت فريضة الجهاد لتمكن المعتدون على العباد والمفسدون في البلاد من إهلاك الحرث والنسل وأولى الناس بالزواج والإنجاب هم المتقون الأبرار والمجاهدون الأحرار الذين سينجبون أشبالا تتوارث شجاعة الأسود وأحرارا يسيرون على درب الحرية المعبد بالنصر والمعمد بالدم وإذا ما ستشهد المجاهد المؤمن المتأهل -أي المتزوج – يكون قد خلف من نسله من يسلك نهجه ويحمل قضيته من بعده كما أن المجاهد المؤمن سيجد في الزوجة المؤمنة المجاهدة سكنا وعونا تزيده قوة يقين ورباطة جأش وتعينه وقد تنوبه في رعاية الأسرة وتحمل مسؤوليات البيت وقديما قيل وراء كل عظيم امرأة
ويحتاج طرفا الشراكة الزوجية إلى الفهم العميق للحياة الزوجية كرابطة إنسانية تهدف إلى التكامل الوظيفي والتزاوج الروحي والجسدي
فيجب أن يتزاوج عقل الرجل مع عاطفة المرأة كي ينجبا توازنا في الرؤية وتكاملا في رعاية شؤون الأسرة
فأكثر المشاكل الزوجية إنما تكون نتاجا لجفاف العاطفة وجمود العقل كما تكون ثمرة لفقدان البصيرة وغياب الوعي.
نعم إن الإقبال على الزواج في ظل مرحلة الجهاد يحرس المجتمع المجاهد من مخاطر الحرب الناعمة والمفاسد الأخلاقية وكثيرا ما لجأت بعض البلدان التي عاشت حروبا مشابهة للحرب الضروس التي نعايشها اليوم إلى التقنين لتعدد الزوجات كي يتمكن القادرون على الزواج مثنى وثلاث ورباع من رعاية وتأهيل اليتامى والأرامل وتحصينهن من الانزلاق إلى وحل الرذائل وذلك عن طريق تعدد الزوجات كخيار مفتوح وحق مشروع أقرته الشرائع وفرضه الواقع مع التوصية للرجال بأن يكون تعدد الزواج استجابة لدافع إيماني وتفاعل مع وضع إنساني بالدرجة الأولى والتزام العدل بين الزوجات وعلى معشر النساء أن يحتسبن المثوبة و الأجر ويتحلين بفضيلة الصبر وسعة الصدر كان الله في عون الجميع .
إن من فوائد الزواج في مثل هكذا أوضاع أننا نبعث رسالة للعدو الغاشم مفادها أن معركتنا معك ستستمر عبر الأجيال ولن ينقرض شعب يقيم مراسم الزواج تحت إزيز الطيران ودوي الانفجار وبين أنقاض الخراب والدمار وثمة مسألة مهمة يجب أن نضعها في الحسبان وهي أن الأسر التي تجود بشهداء الكرامة وقرابين النصر ستكون هي أكثر الأسربركة في النسل كما قال الإمام علي عليه السلام “بَقِيَّةُ السَّيْفِ أَبْقَى عَدَداً وَ أَكْثَرُ وَلَدا”
وإننا لنقولها مدوية لعدونا الجبان لكم الويل يا تحالف الشر وفراعنة العصر لنقاتلنكم بجيش أوله في قمم الجبال وبطون الوديان وآخره في أصلاب الرجال و أرحام النسوان وأنتم تعلمون ذلك يقينا وإلا لما استهدفتم قاعات الأفراح و مناسبات النكاح ولما قتلتم الأجنة في بطون أمهاتهم لمجموع هذه الدلات والأبعاد نبارك هذه الخطوة العملية للهيئة العامة للزكاة وأمانة العاصمة ومؤسسة الشهداء ونشيدبها كمساهمة متواضعة في إزالة بعض العقبات التي حالت بين كثير من الشباب وبين الزواج الميسور والحلال
وكم هي موفقة هذه الخطوة الاجتماعية المباركة عندما بدأت بتزويج أبناء الشهداء لتعبر-بلسان حال ومقال الأحرار جميعا- عن صادق حبنا وولائنا لهؤلاء الميامين الأطهار وعميق احترامنا ووفائنا لتضحياتهم الجسام ولتقول لهم لتطيبوا نفسا وتقروا عينا فأولادكم -والله على ما نقول شهيد – أحب إلينا وأعز وأكرم لدينا من أولادنا ونعاهدكم أنهم لن تغب أفواههم أو يضيعون بحضرتنا كما لن نفرط في المبادئ الدينية والثوابت الوطنية التي ضحيتم من أجلها وفي سبيلها بأرواحكم الطاهرة ودمائكم الزكية.