عواقب التفريط وخيمة

 

عبدالفتاح علي البنوس

التفريط في أي مجال أو مهام دائماً ما تكون له عواقب وخيمة ، وانعكاسات سلبية خطيرة وكارثية ، ولا يتحقق التفريط إلا في غياب الالتزام بالتوجيهات والأوامر بالنسبة للعسكريين والمقاتلين في الميدان ، وبتجاوز النظام والقانون بالنسبة للمسؤولين المدنيين وأصحاب المهام والوظائف الخدمية ، ولنا في أحداث غزوة أحد خير شاهد على عواقب التفريط وعدم الالتزام بالتوجيهات ، حيث وجَّه الرسول الأعظم سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم مجموعة من الرماة بالتمركز أعلى جبل أحد، وذلك لتوفير الغطاء للمسلمين لتفادي التفاف المشركين عليهم ، وحثهم على عدم ترك مواقعهم حتى ولو حسمت المعركة ، لكن الرماة خالفوا توجيهات الرسول، وأمام إغراء الغنائم تركوا مواقعهم ونزلوا من الجبل، وهو ما دفع بالمشركين إلى الالتفاف على المسلمين وشن الهجوم عليهم ما أدى إلى سقوط العديد من الشهداء والجرحى من المؤمنين في الوقت الذي كان فيه المسلمون قاب قوسين أو أدنى من النصر المؤزر ، وكل ذلك نتيجة التفريط والتقصير وانعدام الشعور بالمسؤولية.
واليوم نعاني من ذات المشكلة، وهي التفريط والتقصير في أداء المهام والمسؤوليات المنوطة بأصحابها، فالتفريط في المجال الأمني يفتح نوافذ عدة للأعداء والمتربصين للتسلل وتنفيذ عملياتهم الإجرامية، والتي تؤدي إلى سقوط شهداء وجرحى وإلحاق أضرار مادية ومعنوية ومنح الأعداء مكاسب معنوية. والتفريط في الجانب العسكري يمثل كارثة مدمرة تحصل نتيجة عدم تقدير بعض القادة والمشرفين خطورة الموقف والاحتمالات الممكن وقوعها ، فيذهبون للتعامل بـ”دعممة” ولا مبالاة وإهمال دونما أدنى اعتبار للتدابير والاحتياطات التي يجب اتخاذها للحيلولة دون وقوع هفوات كارثية تكلفهم الكثير من الخسائر ، ودائما ما تكون محصلة التفريط مؤلمة خصوصا ونحن نتعامل مع عدو مجرم فاجر غادر بلا قيم وبلا أخلاق وبلا مبادئ ، ودائما ما يعتمد على الهفوات -الناجمة عن التفريط والتقصير في تحمل المسؤولية وعدم الالتزام بالتوجيهات – لتحقيق بعض الاختراقات هنا وهناك ، فيدفع الأبرياء ثمن التفريط الذي تسبب فيه غيرهم .
والأمر ذاته ينطبق على بقية المجالات والتخصصات، فالتفريط في أي عمل أو مجال أو مهمة يفرز ويخلف كوارث مدمرة وخسائر فادحة، حتى في تربية أولادك لو فرطت في تربيتهم وتنشئتهم التنشئة الصالحة السليمة ستجدهم في حال ضياع وفشل وانحراف، بخلاف لو أحسنت تربيتهم وتأديبهم، وقس على ذلك بقية المجالات وكل المهام والمسؤوليات.
بالمختصر المفيد.. إياكم والتفريط والتقصير والإهمال وعدم الشعور بالمسؤولية، فعواقب ذلك وخيمة، فبالتفريط دقائق محدودة نمنح الأعداء مكاسب عجزوا عن تحقيقها خلال سنوات عديدة، وعلى الجميع استشعار المسؤولية وتقدير خطورة وحساسية المرحلة، والتعامل معها بحذر شديد لتفادي الخسائر التي تنتج عن التفريط والتي تمثل هدايا مجانية نقدمها للأعداء على أطباق من ذهب.
هذا وعاشق النبي يصلي عليه وآله .

قد يعجبك ايضا