ثبات الفاضلات
أشواق مهدي دومان
بكيت ملء روحي، فقد كان الشّهيد هو أخو زوجة أخي ، وبيننا كأسرتين لم تكن رسميّات علاقة النّسبة ، فأخت الشهيد( زوجة أخي ) إحدى أخواتي و أبي أبوها ، وأمّي ما كانت إلّا أمّا لها قبلي ، بمعنى أنّ علاقة الأرواح و المودّة غلبت النّسبة وبريستيجياتها ؛ لهذا بكيته ، ولم أقابله يوماً ، كان شجاعاً مقتحماً.. لم يمْكًن منه العدوّ، وقد حرّر مع رفاقه قليلي العدد، حرّروا الأربعمائة محاصر من رجال اللّه ، ولكنّ رصاصة الغدر ارتقت به شهيدا وهو يخاطر بروحه ليسعف أحد رفاقه الجرحى ، زحف بجراحه النّازفة غير مستسلم إلى أن صرخ فيه الجرح : يا محمّد الآن فزت ورب الكعبة .
هذا الشّهيد كان : محمّد علي كريش الذي بكيته بشدّة ، وفي جمع العزاء يحدث الأغرب، حين كان يتقاطر الألم في روحي صديدا يكاد يذيب حناياي، فما إن أرى أمّ الشّهيد إلّا وتهدأ عواصف روحي، فحين تستقرّ نظراتي عليها لا أجدني إلّا صبورة لا تلعب بي تلك الدّمعات ، ففي وجه أمّه رضا عجيب لم يمنع من انسكاب دموع عينيها مدرارا، فدموعها لا تكفّ إلّا حين ترى تلك الأمّ العظيمة و تردّ على من تحاول من النساء أن تفتن و تحرّض ضد رجال اللّه لتلبس استشهاد هذا البطل على السيد القائد، فهو في نظر الحاقدين والمنافقين من ( بيدهده عيال خلق اللّه للجبهات )
فتضرب أم الشهيد أجمل أمثلة الثّبات والشّموخ حين تردّ على تلك المتشدّقات قائلة:
ابني مضى في سبيل اللّه مقتنعاً مؤمناً بقضيته فهنيئا له ، لتصمت أولئك المتشدّقات صمتا ما فيه عودة ، والسّلام.