وفاء الكبسي
تمر علينا هذه الأيام مناسبة عظيمة هي الذكرى السنوية للشهيد، هذه الذكرى حفزتني للكتابة عن إحدى شهيدات اليمن التي قدمت روحها رخيصة من أجل الذود والدفاع عن الوطن.
فالمرأة اليمنية عكست بصبرها وصمودها وجهادها روح الهوية والانتماء ليمن الإيمان والحكمة ، فلن ننسى تضحياتهن في كل الميادين، حتى شكلن ملحمة من الصمود والعطاء والتضحية وجزءاً لايتجزأ من وجداننا في كل مدينة وقرية من ربوع اليمن، في هذا العدوان الجائر والحصار الخانق، فعلى مدى أكثر من أربع سنوات قدمت اليمن مئات الآلاف من الشهداء الأبرار من بينهم شهيدات عظيمات روين بدمائهن تراب الوطن.
سأتحدث اليوم عن شهيدة عظيمة وهبت روحها رخيصة في سبيل الله إنها الشهيدة (ندى عبدالقوي الكبسي) نموذج للمرأة اليمنية الصامدة المجاهدة من أجل الوطن وكرامته التي تنحني لها كل الهامات اجلالاً لجهادها وتضحيتها، لقد كانت الشهيدة نِعم السند والدافع لزوجها نحو الجبهات وحثه على التصدي للعدوان بل وكانت شريكته في الجهاد في كل الجبهات إينما ذهب ذهبت معه لتجاهد وتصنع الطعام للمجاهدين بلا كلل أوملل، فلم تكن تشكو أبداً بل على العكس كانت تشعر بالسعادة والارتياح وهي تخدم المجاهدين، فمهما كتبت ومهما وصفت لن أعطي الشهيدة حقها.
كانت الشهيدة تحمل روحية إيمانية عالية وأخلاقاً لانظير لها فكانت ابتسامتها الحنونة الهادئة لاتفارقها، وقد أثبتت قدرتها على الصمود والنضال وقدمت نموذجاً حياً للدور البطولي، اتصل بها زوجها في أواخر رمضان قبل العيد وأخبرها ان تأتي لمدينة الحديدة لتصنع للمجاهدين الطعام وكانت تلك الأيام أيام تصعيد للعدوان على جبهة الساحل الغربي فأجابته ملبية بكل فرح وسعادة -رُغم أنها كانت حاملاً في شهورها الأخيرة وأم لأربعة أولاد- وعند حديثه أخبرها بأنه يتمنى أن يكون شهيد فقالت له يومي قبل يومك -إن شاء الله- وأخذ ابنها سماعة الهاتف وقال لأبيه وأنا يومي قبل يومك سأكون شهيداً قبلك، وماهي إلا ساعات وانطلقوا باتجاه مدينة الحديدة وقد حملوا أرواحهم على أكفهم ، وأثناء سفرهم حدث لهم حادث أليم إذ انقلبت سيارتهم، فارتقت الشهيدة ندى هي وابنها وطفلها الجنين الذي في أحشائها شهداء عند بارئهم وماهي إلا أيام قليلة وتلحقهم ابنتها الصغيرة ،ويبقى اثنان من الأبناء يعانون الجراح البالغة وألم فقدان الأم والأخوة.
استشهدت ندى في يوم القدس العالمي في رمضان وهي صائمة محتسبة ملبية داعي الله للجهاد، لقد ضربت أروع الأمثلة من التضحية والفداء لتروي بدمائها الزكية أرض الوطن فتثمر حرية وانتصاراً، فسلام الله عليها، وعلى كل شهيدات وشهداء اليمن، نعاهد الله ثم نعاهدهم بأننا على دربهم ماضون بكل إصرار بالحرية والكرامة.