“الصمود” خيارنا الوحيد..
أحمد يحيى الديلمي
ونحن على أعتاب العام الخامس من العدوان الهمجي السافر يبدو أن المعتدين لم يصلوا إلى الغايات التي رسموها في البداية ، وأن صمود الأبطال الميامين من أبناء الجيش واللجان الشعبية لقنهم دروساً وجعلهم فعلاً يتمادون في الغي ويبحثون عن أدنى منجز يبيض وجوههم ، فلا المعتدون الأصليون اقتنعوا بما حدث ولا وكلاؤهم الإقليميون حققوا جزءاً من غاياتهم ، ولا العملاء والمرتزقة وصلوا إلى طريق يمكنهم من العيش في أدنى مستوى فقط ، كلهم باءت أحلامهم بالفشل ، لذلك نجدهم اليوم في غاية الشراسة ، يصرون على التصعيد الهيستيري للعدوان بطريقة أكثر بشاعة مما جرى في الماضي علهم يظفرون بأدنى مكسب كما قلنا ، وهذا بحد ذاته يكفي بأن نفخر نحن اليمنيين الموجودين في الصف اليمني بما تحقق حتى الآن من صمود وما اجترحة الأبطال من ملاحم أسطورية لقنت الأعداء أعظم الدروس ، وبالتالي فإن المطلوب البحث عن أفضل الوسائل الكفيلة بتعزيز الموقف الداخلي وتمتين الجبهة الوطنية ليكون الجميع على استعداد للتضحية ومواجهة أي مستجدات.
وأفضل طريقة في هذا الصدد لضمان التحدي وإلحاق الهزائم المنكرة بالأعداء يتمثل في متابعة برامج إصلاح حقيقية تمنع الفساد وتحد من بعض التصرفات والممارسات التي تسعى إلى إضعاف الجبهة الداخلية ، فالوطن بحاجة إلى جهود كبيرة حتى يستعيد موقعه في الريادة ويلعب دوراً هاماً على المستوى الإقليمي والدولي ، لأنه تعرض على مدى عقود لهزات عنيفة ، حيث ظل العابثون يتلاعبون بمقدراته وحاول الأعداء أن يفرغوه من مكونات وجوده الطبيعية على المستويات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية ، فلقد سعوا إلى مسخ القيم والأعراف والمبادئ التي ترسخت في الأذهان على مدى قرون وعمدوا إلى تخريب الاقتصاد الوطني بدءاً بتقليص الرقعة الزراعية وإبادة الثروة الحيوانية وانتهاءً بإضعاف القدرات المادية إلى جانب استهداف الموروث الثقافي خاصة في الجانب الاعتقادي عبر إذكاء الصراع المذهبي وتحويل المذاهب من مدارس للتنوير وإثراء فقه العقيدة إلى متارس للمواجهة وتأجيج الصراعات، كما أراد الأعداء عبر السعي إلى إلغاء حالات التآلف والتجانس والتسامح التي سادت بين اليمنيين على مدى قرون وشكلت نموذجاً راقياً من الفهم المتبادل والتعايش السليم على أساس الفهم المتبادل والعيش تحت مظلة الولاء للجامع الكلي ، واعتبار الاختلافات بين الفقهاء اجتهادات بشرية قابلة للنقاش والأخذ والرد ، إذا لم تمس جوهر العقيدة المتصل بالواجبات والأحكام القطعية في الدلالة والثبوت .
لذلك حاول الأعداء النيل من هذه الظاهرة وتعمدوا أيضاً مسخ القيم الاجتماعية بأعرافها وتقاليدها وأهمها التأثير على نزعة الانتماء للوطن بما تفرضه من ضوابط سلوكية ومسؤوليات هامة على كل مواطن حيثما كان موقعه.
ما لا خلاف عليه هو أن الوطن اليوم منهك نتيجة حلقات التآمر المتعاقبة فلقد طالت كل شيء فيه وبالتالي فإن كل يمني مطالب بأن يتحمل مسؤولياته وأن نسعى جميعاً إلى إنقاذ ما يمكن إنقاذه في الوقت الراهن ولا نجعل العدوان يبرر الاستمرار في الخطأ، نحن بحاجة إلى جهود خارقة وعقول صادقة تعي حجم المشكلة وأبعادها التأثيرية من أجل اجتثاث الاختلالات برؤية وطنية صادقة والتمهيد لخلق وعي جديد يستوعب القضايا اليمنية بآفاقها المختلفة ، فهل نعي جميعاً حجم هذه المسؤوليات ؟!! ونؤسس لخيارنا الوحيد وهو الصمود .. أتمنى ذلك .. و الله من وراء القصد ..