الثورة نت/ ريدان الحضرمي
في إطار الاهتمام بالتراث الحضاري والآثار .. يصدر قريبا كتاب بعنوان ” من نفائس المطبوعات بدار المخطوطات صنعاء “للكاتبة وردة عبدالله الجرادي.. حيث سلطت الضوء في كتابها على الكتب المطبوعة النادرة والقديمة والنفيسة في مكتبة المطبوعات بدار المخطوطات بصنعاء التي تصل عمر أقدم مطبوع فيها إلى مايزيد عن قرنين من الزمن .. إذ أن جُلّ الكتب الموجودة تعتبر ذات قيمة تاريخية ومعرفية وفكرية في محتواها العلمي .. بالإضافة إلى القيمة بإحتواها على خطوط الأئمة والعلماء وغيرهم على صفحات العناوين وصفحات المتن من تمليكات وسماعات وقراءات وإجازات ووقفيات .. وهنا نقتطف نبذة من مقدمة الكاتبة حيث قالت :” إن الأمم التي تحترم تراثها وتعمل على تقديره وصيانته، والمحافظة عليه ونشره والتعريف به، هي تلك الأمم الأكثر أصالة، ووحدة، ورفعة، ورقياً؛ وسواءٌ أكان التراث مخطوطاً أم مطبوعاً، نتعرّفُ نحن الأجيال عبر الزمان على ماضي أجدادنا الذي ورثناه، والذي يعدُّ جزءاً لايتجزأ من تاريخ هذه الأمة العظيمة وعلى ثقافتها أيضا. ذلك أنه بالتراث المخطوط وبالمطبوع تبرز هوية الأمم، وتجعل لها بصمة خالدة تتناقلها الأجيال: جيل بعد جيل. ومن هنا كان من الواجب أن نبذل الكثير من الجهد للاهتمام بالتراث العظيم، وأن نجعله باقياً يمتد بقاؤه إلى الأجيال القادمة التي ترتشف منه، وتكبر تحت ظله، وتظل على اتصال دائم به، لأنه يعني الجذور والأصول والهوية والتاريخ الذي يجدر بالأجيال أن تحافظ عليه، وتعمل على الإفادة منه على مر الزمان.
فالتراث سواء أكان مخطوطاً أم مطبوعاً، يعد سجلاً للتاريخ قديماً وحديثاً. فمن خلال التراث يعرف تاريخ الشعوب وحضاراتهم السابقة التي دوَّنها بأقلامهم الذهبية المؤرخون والعلماء والأئمة والقضاة والفقهاء. إذ لولا التراث المكتوب، لما وصلتنا الأخبار الكثيرة عن الحضارات العريقة-لاسيما منها حضارتنا- ولذهبت هذه الحضارات أدراج الرياح.
ومن خلال الواقع المعاصر فإن دور دار المخطوطات بصنعاء- حسب رأي كاتبة هذه السطور- يعدُّ غائباً- وعلى مستوى الحقيقة أيضا -على الرغم من أهمية مايحتويه من كنوز ومن تراث مخطوط ومطبوع. لذلك حاولت الكاتبة من خلال مشروعها هذا المتواضع الذي تقدِّمه بين يدي المهتمين أن تسهم بعض الشيء في التعريف به ولفت الانتباه إليه، إذ ترى أن دورها يتلخص في إظهار ما استطاعت إظهاره من تراثنا اليمني العظيم، لعلها بذلك تكون قد أسهمت بجهد متواضع، يضاف إلى دور الباحثين السابقين واللاحقين.
وتكمن طبيعة هذا العمل ومايقدمه، في كونه عبارة عن عناوين بارزة لأهم مايرتبط بالمطبوع القديم من أهمية، ليأتي بعد ذلك الباحثون والدارسون لطرق كل ماينبغي طرقه، لتقديم مكتبة المطبوعات القديمة هذه، والتعريف بها، وبمايكتنف كتبها بالطريقة المثلى.
وتعدُّ (مكتبة المطبوعات القديمة)الموجودة بدار المخطوطات التي تحتوي على المطبوعات النادرة والقديمة، والتي لا تخلو من فكرٍ أو علم أو قيمة تاريخية،من أقدم المكتبات في اليمن.إذ تحتوي على بعض المطبوعات التي يصل عمرها إلى قرنين من الزمن وأكثر. وقد تم نقل المكتبة الغربية من الجامع الكبير بصنعاء إلى دار المخطوطات؛ المخطوط منها والمطبوع. وذلك خلال النصف الثاني من شهر يوليو 2007م ضمن إطار مشروع وطني لتوسعة الجامع الكبير وترميمه حينها؛ فقد بلغ عدد المطبوعات بمكتبة المطبوعات بالدار، بعد إضافة ماتم نقله من مكتبة الجامع الكبير، وبعد الإهداءات للمكتبة حوالي 20385 مطبوعاً. وقد تم إجراء عمليات التصنيف والتوثيق والفهرسة لهذه المطبوعات، وحفظها في سجلات خاصةبها، بجهود فريق عمل خاص ومدرب.إضافة إلى ذلك، فإن هذه المكتبة تتضمن مجموعة من الدوريات القديمة والنادرة والنشرات والألبومات التي تم لبعضها تنفيذ إجراءات التصنيف والفهرسة معاً.
ومن خلال عمل الكاتبة في مكتبة المطبوعات، لاحظت أنه من المهم إبراز الكتب النادرة بالإضافة إلى ماهو مخطوط بين طيات صفحات المطبوعات. وحين عملت في فهرسة المطبوعات وتصنيفها وتوثيق معلوماتها، وبينما كانت تقلب صفحات تلك الكنوز، تظهر أمامها خطوط ورسوم رائعة المنظر متناسقة الأحرف توحي بما كان يخطر بفكر عالم ما من أمور وجب إثباتها، سواء أكان هذا سماعاً أم قراءة أم إجازة أم تمليكاً أم وقفية أم رواية … إلخ. فضلا عما تتضمنه من تدوينات وملاحظات للعلماء والباحثين المدونة بخط أيديهم؛ ذات القيمة التاريخية والعلمية، والتي لا يستغني عنها كل باحث ومهتم بالتراث المطبوع. فشدها ذلك كثيراً نحو التفكير الفعلي في تبني هذا المشروع، ومن ثم السعي في إنجازه.
وستعمد الباحثة في ذلك إلى إبراز هذه المطبوعات النادرة، وبيان ماتحتويه من أثر تاريخي وتراثي عظيم، وكذلك إدراج نماذج مما تحتويه هذه المطبوعات من سماعات، وقراءات، وإجازات، وتمليكات، ووقفيات لبيوت العلم والعلماء المهتمين بالتراث وغيره.
ولعل الباحثة في هذا الجزء والأجزاء القادمة تحاول إعطاء صورة عامة عن مكتبة المطبوعات، وهي إلى حد كبير تشبه مكتبة المخطوطات في العلوم المعرفية المشتملة عليها، وفي مكونها الفكري والثقافي. إذ ستجري في جزء من الأجزاء إحصائية تفصيلية عن عدد العناوين لكل علم على حدة مع إدراج النماذج المصورة منها، ومحاولة تقديم المكتبة بمكونها العلمي المتنوع بشكل مفصل حسب تصنيف ديوي العشري، بالإضافة إلى إعطاء نبذة عن الدوريات القديمة والنادرة، وذكر جهات إصدارها وموضوعاتها وأهميتها، كونها تمثل سجلا تاريخيا ضخما، يؤرخ لعصر ظهرت فيه تلك الدوريات، راصدة في ذلك كل الأنشطة الاجتماعية والسياسية والحراك الفكري القومي وغيره، وتدعيم ذلك بنماذج مصورة من تلك الدوريات. وسيتم التطرق في جزء من الأجزاء أيضاً لبعض الكتب التي تعكس تطوراً معيناً، مثل مناهج التربية والتعليم في العقود الأولى من القرن العشرين، وما تلا ذلك حتى الوقت الراهن. وكذلك التطرق لما تتضمنه من كتب الفهارس المتنوعة ورصد تطورها في مراحل عديدة، ولما تحتويه أيضا من كتب باللغة التركية والإنجليزية وغيرها، تتناول الجانب العلمي التطبيقي والتاريخي والقانوني ونحوه.